Author

367 مليار ريال صفقات سوق العقار في عام .. بتراجع 16 %

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
قيمة صفقات السوق العقارية أنهت السوق العقارية السعودية نشاطها خلال عام 1436 على قيمة صفقات إجمالية بنحو 366.8 مليار ريال، مقارنةً بنحو 437.6 مليار ريال خلال العام السابق، مسجلةً نسبة انخفاض بنهاية 1436 بلغت 16.2 في المائة، مقارنةً بارتفاعها للعام الماضي بنسبة 12.6 في المائة، توزّعت صفقات السوق العقارية السعودية بين القطاع السكني بنسبة 66.4 في المائة (243.4 مليار ريال)، التي سجّلت انخفاضاً في قيمتها خلال نفس العام بنسبة 16.3 في المائة، فيما استأثرت صفقات القطاع التجاري بنسبة 33.6 في المائة من إجمالي صفقات السوق (123.4 مليار ريال)، التي سجّلت بدورها انخفاضاً سنوياً في قيمتها بنسبة 15.9 في المائة. وبالنظرِ إلى الصفقات على مستوى أنواع العقارات، يلاحظ استحواذ صفقات قطع الأراضي على 85.7 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات (العام الماضي 88.9 في المائة)، بقيمة إجمالية وصلت إلى 314.4 مليار ريال (العام الماضي 389.1 مليار ريال)، وانخفاض سنوي في إجمالي قيمة صفقاتها بلغت نسبته 19.2 في المائة. تلاها الصفقات على الأراضي الزراعية، التي سجّلت انخفاضاً سنوياً بلغت نسبته 33.6 في المائة، لتستقر عند 14.0 مليار ريال (العام الماضي 21.1 مليار ريال)، شكّلت نحو 3.8 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات (العام الماضي 4.8 في المائة)، ما يعني أنّ مجموع الصفقات على الأراضي (قطع، زراعية) بلغ بنهاية العام أعلى من 328.4 مليار ريال (العام الماضي 410.2 مليار ريال)، شكّلت مجتمعةً نحو 89.5 في المائة من إجمالي قيمة صفقات السوق (العام الماضي 93.8 في المائة). أمّا على مستوى المنتجات الإسكانية (بيت، شقّة، عمارة، فيلا)، فقد سجّلت صفقاتها ارتفاعاً سنوياً بلغت نسبته 19.1 في المائة إلى نحو 24.0 مليار ريال، مقارنةً بنحو 20.1 مليار ريال بنهاية العام الماضي، مستفيدةً من الارتفاع القياسي على مبيعات البيوت والشقق، مقابل انخفاض مبيعات كل من العمائر والفلل. وارتفعت بذلك نسبة الصفقات على المنتجات الإسكانية إلى 6.5 في المائة من إجمالي صفقات السوق، مقارنةً بنسبة 4.6 في المائة خلال العام الماضي. #2# تُعد التوزيعات النسبية المقارنة للصفقات حسب أنواع العقارات، أحد أبرز المؤشرات التي تكشف عن توجهات وتحركات السيولة داخل السوق، وبالنظر إلى ما كشفته المقارنات طوال الأعوام السابقة، بل إنّها تؤكّد على زيادة تركّز السيولة المدارة على تداولات الأراضي (قطع، زراعية)، محافظة طوال الأعوام الأخيرة على نسب مرتفعة من إجمالي قيمة صفقات السوق، وصلت إلى تسعة أعشار السيولة المدارة في السوق، وتتصاعد أهمية التنبّه إلى هذه المؤشرات إذا ما تمت مقارنةً مساحات هذه الصفقات على الأراضي، مع المتاح للتداول منها داخل المدن الرئيسة، حيث لا تتجاوز نسبتها سقف الـ 10 في المائة، ما يُشير إلى قوة المضاربات بالأموال على مساحاتٍ محدودة من مجمل الأراضي البيضاء، التي تستحوذ على نحو 55 إلى 60 في المائة من مساحات التطوير الحضري للمدن والمحافظات. #3# تفيد مراقبة مثل تلك المؤشرات في التعرّف على ماهية نشاط السوق العقارية، كما يتبيّن أنّ الانتعاش الظاهر على صفقات السوق وارتفاع قيمها عاماً بعد عام، يتضمّن في تفاصيله حقيقةً تتنافى مع ذلك الانتعاش المخادع؛ ذلك أنّه يعكس في حقيقته زيادةً وانتعاشاً في جانب المضاربات المحمومة على الأراضي، زادت توجهاتها خلال العامين الماضيين على الأراضي الزراعية، حتى أصبحت تستحوذ على النسبة الأكبر من قيم صفقات السوق، ما أفضى عبر تلك السنوات إلى ارتفاع الأسعار بوتيرةٍ تجاوزت كل المعطيات الاقتصادية، لعل من أبرزها النمو السنوي لكل من الاقتصاد الوطني والسيولة المحلية، انتقلت آثاره التضخميّة إلى بقية أسعار الأنواع الأخرى من العقارات، في مقدمتها المنتجات الإسكانية التي ارتفعت خلال الفترة بنسبٍ مرتفعةٍ جداً (أكثر من ضعف السعر)، وامتدت آثاره التضخمية إلى التأثير في مختلف النشاطات الاقتصادية محلياً. #4# وبالنظرِ إلى قيم الصفقات على أهم المنتجات الإسكانية، يتبيّن أنّ مسارها الهابط يعكس ركوداً في نشاطها، بدأت مؤشراته بصورةٍ لافتة منذ مطلع الربع الأخير للعام المالي الماضي، اختفت ملاحظته تحت زخم سيطرة المضاربات المحمومة على أغلب تداولات السوق، التي تركّزت كما كشفت بيانات وزارة العدل على الأراضي تحديداً، أسهم في عدم مشاهدته الغياب التام لمعلومات السوق العقارية حتى ما قبل رمضان 1435 الماضي، الذي شهدت بعده السوق على مستوى نشر المعلومات التفصيلية والمنتظمة تحولاً جذرياً، مهّد للكشف الدقيق عن كل صغيرةٍ وكبيرة تتم في السوق. تأتي أهمية وجود مثل تلك المعلومات المنتظمة بالدرجة الأولى؛ في كونها أحد أدوات التصدّي لممارسات التضليل والتلاعب في الأسعار، التي تتورّط في جرائمها أطراف ذات علاقة بالسوق، أخضعت تحت تأثير مطامعها التي ليس لحدودها سقف تقف عنده كل مقدرات السوق العقارية، والاقتصاد الوطني بصورة أعم. أعداد العقارات المبيعة في السوق العقارية انخفض إجمالي العقارات المبيعة خلال عام 1436 إلى نحو 309.1 ألف عقار، مسجّلاً نسبة انخفاض سنوي بلغت 9.3 في المائة، أستأثر القطاع السكني بالحصّة الأكبر منها، الذي سجل بدوره انخفاضاً سنوياً بنسبة 6.7 في المائة، ليصل إلى 263.3 ألف عقار، شكّل 85.2 في المائة من إجمالي العقارات المبيعة في السوق خلال العام، كما انخفض بنسبة أكبر عدد العقارات المبيعة في القطاع التجاري بلغت 21.9 في المائة، ليصل إلى نحو 45.9 ألف عقار مبيع، مشكّلاً نحو 14.8 في المائة من إجمالي العقارات المبيعة في السوق خلال العام. #5# وكما استحوذت الأراضي عموماً على صفقات السوق العقارية، فقد امتدت أيضاً سيطرتها على أعداد العقارات المبيعة خلال العام، وصلت مجتمعةً إلى 276.0 ألف عقار مبيع، مشكّلةً نحو 89.3 في المائة من الإجمالي، مسجّلةً انخفاضاً سنوياً بلغت نسبته 12.1 في المائة. في حين سجّلت العقارات المبيعة من المنتجات الإسكانية (بيت، شقّة، عمارة، فيلا) نمواً سنوياً طفيفاً لم تتجاوز نسبته 3.7 في المائة، لتصل إلى 25.7 ألف عقار مبيع، مشكّلة ما نسبته 8.3 في المائة من إجمالي العقارات المبيعة في السوق خلال العام، علماً أنّ بندي العمائر والفلل تحديداً سجّلا تراجعاً سنوياً قياسياً بلغت نسبته 46.8 في المائة ونحو 46.3 في المائة على التوالي، فيما تأتّى النمو المتحقق من الارتفاع في أعداد البيوت والشقق المبيعة خلال العام، اللذين سجّلا نمواً سنوياً بلغت نسبته 77.0 في المائة ونحو 13.2 في المائة على التوالي. مساحات الصفقات في السوق العقارية انخفضت مساحات صفقات السوق العقارية خلال عام 1436 بنسبة 29.3 في المائة، مستقرةٍ عند 2.4 مليار متر مربع، مقارنةً بمستواها خلال العام الماضي 3.4 مليار متر مربّع. وبالنسبة إلى مساحات صفقات القطاع السكني، سجّلت بدورها انخفاضاً سنوياً بلغت نسبته 25.0 في المائة، ليصل إجمالي مساحات صفقات القطاع 841.7 مليون متر مربّع، شكّل 34.7 في المائة من إجمالي مساحات صفقات السوق خلال العام. #6# على مستوى التوزيع النسبي لمساحات صفقات السوق وفقاً لأنواع العقارات، ستبدو الصورة هنا أكثر وضوحاً، وأكثر انكشافاً على خفايا تعاملات السوق العقارية والتشوهات التي تتغلغل داخلها. حيث تكشف البيانات المنشورة من قبل وزارة العدل في هذا الخصوص عن استحواذ الأراضي (قطع أراض، أراض زراعية) على 98.7 في المائة من إجمالي مساحات صفقات السوق طوال العام، وهي ذات النسبة المُحافظ عليها طوال تعاملات الأعوام الماضية منذ 1430 وفقاً لما هو منشور على موقع وزارة العدل. في المقابل لم تتجاوز مساحات الصفقات الخاصة بالعقارات المبيعة من المنتجات الإسكانية (بيت، شقّة، عمارة، فيلا) نسبة 0.2 في المائة، أيّ ما لا تتجاوز مساحاته 7.3 مليون متر مربّع! جدوى الرسوم على الأراضي البيضاء صدرت بالأمس موافقة مجلس الوزراء الموقر على السياسات العامة للتمويل العقاري، وإحالة مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى لدراسته وفقاً لنظامه، ووجه المقام الكريم بأن ينتهي مجلس الشورى من دراسته خلال 30 يوماً، وذلك بعد إطلاع المجلس على مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء الذي أشرف على إعداده مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يهدف إلى تقليل تكلفة الحصول على المسكن الملائم، وبخاصة لذوي الدخول المحدودة أو المنخفضة. وبناءً عليه؛ يتطلّب أن تأتي آليات الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز أكثر فعالية، بما يتوافق مع الهدف الرئيس لتوصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، إضافةً إلى تطلعات أفراد المجتمع كافّة، المتمثل في تحرير أكبر قدرٍ ممكن لمساحات تلك الأراضي داخل المدن والمحافظات، التي كشفت مقارنة صفقات السوق العقارية المبينة على موقع وزارة العدل مع البيانات الرسمية المثبتة لدى أمانات البلدية للمدن الرئيسة، أنّ مساحات الأراضي الجاري تداولها بيعاً وشراءً لا تتجاوز نسبة مساحاتها إلى إجمالي مساحات النطاق العمراني لتلك المدن سقف 5.1 في المائة، وفي الوقت ذاته شكّلت مساحات الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني لنفس المدن نسبا راوحت بين 55-60 في المائة، وبمقارنة الأراضي التي تم تداولها بيعا وشراء خلال فترات لا تتجاوز العام، تبيّن أن تلك المساحات المتداولة من الأراضي لم تتجاوز نسبة الـ 10 في المائة للفترة 1433-1436. يكشف هذا التشخيص وتحليل أداء السوق العقارية أنّ اتساع مساحات الأراضي البيضاء، وتحديداً غير القابلة للتداول من قبل ملاكها، يقف وراء تضخم الأسعار السوقية مقابل الطلب المتنامي سنوياً لأفراد المجتمع، وأنّ الأطراف كافة (وزارة الإسكان، صندوق التنمية العقارية، ملاك المخططات من العقاريين، المطورين العقاريين، المقاولين، الجهات التمويلية المختلفة، الشركات والأفراد المستثمرين في الأراضي كأحد أوعية الاستثمار المتاحة، أفراد المجتمع كمشترين نهائيين بهدف البناء والسكن)، كل تلك الأطراف تتركّز حلولهم وخياراتهم فيما لا تتجاوز نسبته 10 في المائة من تلك الأراضي البيضاء داخل المدن (أي ما لا يتجاوز 5.1 في المائة من إجمالي مساحات المدن). لهذا حينما جاءت توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بفرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، فإنها استهدفت معالجة كل تلك الاختلالات الخطيرة، وخفض مستويات الأسعار المتضخمة جداً التي ارتفعت إليها الأراضي والعقارات، ووصولها إلى مستوياتٍ تفوق كثيراً قدرة دخل أغلب أفراد المجتمع، بل وحتى القدرة الائتمانية لهم! وكم كان لافتاً جداً؛ أنّ غالبية الحلول إن لم يكن جميعها التي صدرت أخيراً عن كل من وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية، جاءت متجاهلة تماماً هذا الخلل الخطير الكامن في السوق العقارية المحلية! آليات الرسوم على الأراضي البيضاء وشروط زيادة فعاليتها يُشترط للوصول بآليات الرسوم على الأراضي البيضاء إلى أعلى درجات الفعالية والكفاءة، وبما يؤدي إلى تحقيق أهداف القيادة الرشيدة، ويلبي تطلعات عموم أفراد المجتمع من المواطنين، أن تتسم آليات الرسوم على الأراضي بعددٍ من الشروط اللازمة، لعل من أبرزها وأهمها في المرحلة الراهنة ما يلي: الشرط الأول: أن يشمل تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء جميع المدن الواقعة في المناطق الإدارية الرئيسة الـ 13 للمملكة، شاملا جميع المحافظات من فئة (أ)، البالغ عددها 61 محافظة، وتكمن أهمية شموليتها بهذه الصورة ألا يحدث استثناء لأي منطقة أو محافظة من غطاء تنظيم الرسوم، وذلك بهدف منع تسرب السيولة لأي من تلك المناطق المستثناة، المتوقع هربها من المواقع التي ستُطبّق نظامياً عليها الرسوم، والمخاطر المحتملة التي سيترتب بناءً عليها تذبذباتٍ حادةٍ جداً بين انخفاضاتٍ حادة للأسعار في المناطق المطبّقة عليها الرسوم، مقابل ارتفاعاتٍ حادةٍ جداً في المناطق والمدن التي سيتم استثناؤها من الرسوم وإن كانت مرحلية، على العكس مما لو تم إعلان شمولية تلك الرسوم على كافة والمدن والمحافظات والمراكز، وتبقى آليات التنفيذ شأنا داخليا لدى وزارة الإسكان، يحكمه توافر شروط فرض الرسوم وانطباقه على أي مساحات للأراضي. إضافةً إلى كل ما تقدّم؛ سيكفل شمولية تطبيق الرسوم على الأراضي في كافة المدن والمحافظات حصراً مفيداً جداً لخيارات الملاك والمطورين، وتوجيهها في الاتجاه الذي استهدفته الدولة والمشرّع للرسوم على الأراضي، المتمثلة إمّا بالتالي: ـ تطوير وإحياء الأرض، والاستفادة من جهود وزارة الإسكان الأخيرة في مجال سرعة إنهاء إجراءات استخراج تصاريح التطوير والبناء. أو ـ التخارج من ملكية الأرض، وبيعها لمن لديه القدرة على تطويرها من شركات التطوير العقاري، وإمكانية استفادة المطوّر من التسهيلات المالية الكبيرة التي أعلن عنها صندوق التنمية العقارية، إضافةً إلى التمويل الإضافي الممكن توفيره من خلال شركات التمويل العقاري للمطورين. طبعاً، لا شك أنّ هذا السيناريو سيؤدي إلى تراجع الأسعار السوقية للأراضي، ومن ثم العقارات وتكلفة الإيجارات، وعودتها إلى المستويات العادلة المنشودة (الغائبة تماماً عن أسعار السوق الراهنة)، ويحمل كل هذا مزايا بالغة الأهمية لمختلف الأطراف ذات العلاقة، حيث: ـ يظل هذا الانخفاض المحتمل في مستويات الأسعار، أقل مخاطرة بدرجة كبيرة من دخول أسعار العقارات منطقة حرجة من التذبذبات السعرية الحادة (مناطق تشهد ارتفاعات سعرية حادة لإعفائها مرحلياً من الرسوم، ومناطق أخرى ستشهد انهيارات سعرية حادة لشمولها بالرسوم). ـ بالانخفاض المتدرج في الأسعار السوقية للأراضي والعقارات والإيجارات، سيتيح هذا التدرج فرصة أفضل لكافة الأطراف، حيث بانخفاض الأسعار المحتمل، الذي سيقابله شريحة من المشترين المقتدرين بقبولها والقيام بالشراء، ما سيحد من الخوف المبالغ فيه بانهيار الأسعار الذي يخشاه عدد من الأطراف العقارية، وفي الوقت ذاته مع تراجع تكلفة الإيجارات على الأفراد، سيثمر هذا عن زيادة قدرتهم على انتظار فرصة اقتناء المسكن وتملكه، الذي سيخفف كثيراً من الاحتقان في الشارع، ويثبت لهم وللأطراف ذات العلاقة خاصة وسائل الإعلام، أنّ جهود إصلاح سوق الإسكان تتقدم خطواتها نحو الأمام بصورةٍ فعلية، لا مجرّد شعارات أو تصريحات سأم الجميع من ترديدها طوال الأعوام الماضية. ـ (ج) كل هذا سيخفف كثيراً من حدّة الضغوط على وزارة الإسكان والمعنيين بحل أزمة الإسكان في البلاد، ويمنحها فرصة أوسع ومجالاً أرحب لاستكمال جهودها ومسؤولياتها تجاه إخراج البلاد والعباد من قاع هذه الأزمة التنموية المعقدة. الشرط الثاني: نأتي الآن على مستوى تطبيق الرسوم داخل المدن والمحافظات والمراكز، وبنفس الاهتمام بذات الجانب المتعلق بتقليص مجالات الاستثناءات، منعاً للتحول السريع للسيولة المالية بين المواقع المطبّقة عليها الرسوم من عدمه، ليشمل تطبيقها الأراضي كافة بدءاً من مساحات ألف متر مربع (أو خمسة آلاف متر مربع) فأكثر، وهي المساحات التي لا شكّ أنّ ما يفوقها لا يمكن أن يكون بهدف الاستخدام الخاص للفرد. كما يتوجّب عدم التمييز بين مواقع الأراضي حسب توافر الخدمات من عدمه، وذلك لنفس السبب أعلاه، منعاً لزيادة الطلب والمضاربات على المستثنى من عدمه، والذي يتوافق مع غرض المشرّع من فرض الرسوم، الهادف في الأصل إلى حث وتشجيع الملاك كافة على تطوير وأحياء الأرض، ومنع توجهات اكتناز ما زاد على الحاجة من الأراضي، وبما يسد أي منافذ محتملة لتشكّل الأزمة مرة أخرى بأي شكلٍ من الأشكال. ووفقا لهذا السيناريو لن يخشى مالك الأرض الأخير، الذي يستهدف فعلياً تطويرها والاستفادة منها جانب أن يتحمّل أي تكلفة للرسوم، كونه سيطورها قبل موعد استحقاقها أو انطباق شروطها على حالته. الشرط الثالث: أن يتم تطبيق تلك الرسوم ضمن فتراتٍ زمنية لا تتجاوز مدّة العام الواحد منذ أول إعلان لبدء تطبيقها حسب المبين في الشرطين الأول والثاني، والتأكيد على ضمان عدم تأخيرها فترة أطول من ذلك بما قد يحولها عن الهدف الرئيس الذي لأجله تم إقرارها من لدن القيادة الرشيدة. الشرط الرابع: أن يرتبط تحديد تكلفة الرسوم المفروضة على الأراضي بقيمتها السوقية الأحدث، فتكون المبالغ المفروضة والمحددة محفزة فعلياً لتخارج ملاكها، والانتقال بها إلى تطويرها أو بيعها لمن لديه القدرة والرغبة في ذلك، أو نسبةً عوضاً عن كونها مبلغاً ثابتاً، والاحتذاء في هذا الجانب بالتجارب الدولية الناجحة، التي قامت بربطها بمعدلات الفائدة على العملة الوطنية للإقراض بين المصارف التجارية، وفقاً للتالي: ـ أنْ تُبنى تكلفة الرسوم على الأراضي على (نسبة) من القيمة السوقية لقطعة الأرض التي تنطبق عليها الشروط، وترتبط تلك النسبة بالمعدل المتغير للفائدة على الريال السعودي، تتحدد (نسبة الرسوم) بما لا يقل عن 3 إلى 5 أضعاف معدل الفائدة على الريال. ـ حيث إنّ معدل الفائدة على الريال متغير على الدوام وطوال أيام العام المالي، يتم احتساب تكلفة الرسوم على الأراضي بصورةٍ يومية (تقديرية) وفقاً لمضاعفها المحدد، يبدأ احتسابها من أول يوم يُشعر فيه مالكها ببدء فرض الرسوم عليها بناءً على آخر قيمة أو تثمين للأرض أيهما أكبر، ويتم تحصيلها منه قبل نهاية العام المالي الجاري، أو حتى بدأه فعلياً بتنفيذ البناء والتطوير بموجب تصريح البناء (لا عند تاريخ حصوله على التصريح منعاً للتلاعب والتهرب)، أو حتى تاريخ بيعه الأرض إلى مالكٍ آخر، الذي سيكمل بدوره تحمّل تكلفة الرسوم بناءً على قيمة الأرض وفقاً لأعلى تثمين وصلت إليه، لا بناءً على قيمة بيعها الأخير إذا جاء أدنى من التثمين، منعاً للتلاعب وتحفيزاً لتطويرها واستصلاحها بأسرع وقت. هذا يعني أنّ تكلفة رسوم الأرض سيتحمّلها كل من يمتلكها حتى إن كان يوماً واحداً فقط. مثال على ذلك: أرض بلغت قيمة شرائها على آخر مالك لها مليون ريال، وعند بدء العمل بالرسوم ارتفعت قيمتها وفقاً لموقعها والتثمين الأخير إلى 1.5 مليون ريال، يتم احتساب الرسوم يومياً وفقاً لمضاعفه إلى معدل الفائدة على الريال بناءً على سعر 1.5 مليون ريال، يستحق دفعه حتى تحقق أحد الشروط المذكورة سابقاً. وعلى افتراض بيعها لمالكٍ آخر بأقل من هذا الثمن، فإنّ الرسوم يستمر احتسابها اليومي على المالك الجديد وفقاً لأعلى تقييم وهو هنا 1.5 مليون ريال، أو بناءً على سعر البيع الأخير إذا كان أعلى من هذا التقييم، ويستمر احتساب الرسوم حتى يثبت ارتفاع تثمين الأرض. علماً أنّ احتساب الرسوم اليومية يجب أن يستمر بناءً على أعلى قيمة للأرض إلى أن يتم فعلياً تطويرها واستصلاحها، لا بمجرد الحصول على ترخيص البناء، فلو انخفضت قيمة تلك الأرض إلى 500 ألف ريال على سبيل المثال، فإنّ احتساب الرسوم سيستمر بناءً على أعلى قيمة وصلت إليها وهو هنا 1.5 مليون ريال، ولن يوقف تحمّل هذه التكلفة الباهظة إلا بناؤها وتطويرها. لا تقف هذه الاشتراطات اللازمة لأجل زيادة فعالية آثار الرسوم على الأراضي، ولأجل تحقيقها الهدف المنشود من فرضها المتمثل بخفض الأسعار المتضخمة جداً، بل تتخطاه إلى أبعد من كل ذلك؛ إذ إنّ الرسوم على الأراضي في حال جاءت متساهلة وغير حازمة وصارمة، فإنّ النتائج المحتملة قد تأتي وخيمة وبالغة الخطورة! حيث قد تؤدي إلى ارتفاع مستويات الأسعار السوقية إلى أكثر مما لو لم يتم تطبيق تلك الرسوم، وهنا سيُنسب الفشل الذريع إلى قرار فرض الرسوم على الأراضي، عوضاً عن نسبته إلى السبب الحقيقي المتمثل في هشاشة وتساهل تلك الآليات، وهذا ما يجب الحذر كل الحذر منه من قبل الفريق العامل على وضع واقتراح تلك الآليات للرسوم على الأراضي البيضاء.
إنشرها