عبد الله البرقان

لم يكن عبد الله البرقان لاعبا مميزا عندما كان يدافع عن ألوان فريق الهلال, ولم تخل مسيرته من الجدل أيضا, كما هو حاله الآن رئيسا للجنة الاحتراف في الاتحاد السعودي لكرة القدم.
في كأس الخليج 1988, انتدب الاتحاد السعودي لكرة القدم المدرب الأوروجوياني أومير بوراس لقيادة المنتخب الأخضر, وهو الذي كان يدرب فريق الهلال, فاختار قائمة تحمل بعض المفاجآت في مقدمتها عبد الله البرقان الشاب الملتحي الهادئ في وسط ميدان الأزرق المليء بالنجوم, وتعرض بوراس لعاصفة من الانتقادات حيال ذاك الاستدعاء, جاءت النتائج في البطولة مخيبة للآمال, فأقيل بوراس ولم يظهر البرقان مرة أخرى تحت ألوان المنتخب الأخضر.
بعيد الاعتزال, سافر البرقان للدراسة, وعاد من جامعة سودانية عريقة بإجازتين في الماجستير والدكتوراه, الأولى عنوانها: “مكانة اللاعب المحترف في المجتمع السعودي”, والثانية: “احتراف كرة القدم في السعودية.. لوائح وأنظمة”, في اليوم التالي مباشرة لنيله شهادة الدكتوراه تم تعيينه مديرا للاحتراف في ناديه الهلال في ولاية الأمير محمد بن فيصل الرئاسية, وكان أبرز إنجازاته عريضة الدفاع التي قدمها في قضية طارق التائب, ونجح فيها نجاحا لافتا.
عبد الله البرقان الإنسان, لطيف المعشر, مبتسم, أدبه جم, نظرات عينيه خجولة تظهر بعض التردد في لقاءاته الأولى بالآخرين, يمكن القول إنه لا يجيد تقديم نفسه للآخرين بأي طريقة استعراضية كما يجيدها آخرون وكما يحب آخرون, رغم أنه أنهى دراسته في البكالوريوس من جامعة الملك سعود, في علم الاجتماع, المعني بدراسة الظواهر الاجتماعية والعلاقات الإنسانية. لمحة خجل وتردد تظهر على الدكتور البرقان في لقائه الأول بأي أحد, ومستوى صوته هو نفسه في كل المواقف ما ينبئ عن شخصية خجولة لا تحب المغامرة, وتفضل التمسك بالهدوء والمتابعة أكثر من المشاركة, لكن قدره ساقه إلى رئاسة اللجنة الأكثر صداعا في اتحاد كرة القدم.
دكتور الاحتراف السعودي, ليس بحاجة إلى ريال واحد يأتيه كدخل عن رئاسته للجنة, لا يعرف البعض أنه رجل أعمال ناجح, يملك ثمانية مستشفيات خاصة, لديه سلسلة من المطاعم بين السعودية والسودان, ولديه شركة رائدة في تقديم التعليم الخاص في السعودية, ومنذ أن أصبح رئيسا للجنة الاحتراف, أصبح طلاب المدارس التي تنتمي لشركته وأولياء أمورهم, يتأثرون كثيرا بما يكتب عن البرقان في وسائل الإعلام الرسمي والشعبي, ولأول مرة تأكد البرقان أنه يجلس على واحد من الكراسي الأكثر صداعا في كرة القدم السعودية, قلت له لو عاد الزمن هل تقبل برئاسة اللجنة؟ قال: نعم لأن لدي حلما.
سألته: هل أصبحت هذه الانتقادات مزعجة لك في حياتك الشخصية؟ أجاب: أغلب الانتقادات تغلفها العاطفة, هناك من يسرف في مدحي بما لا أستحق, وهناك من يلصق بي من التهم ما ليس في, والاثنان تقودهما العاطفة تجاه شيء آخر يحدد توجهاتهما.
لا أشك لحظة في أن عبد الله البرقان رجل نقي السريرة, واضح الهدف والمبدأ, صادق لا يعرف التآمر, ولا أشك أيضا أن حماسته لعمل تغيير نوعي قادته لبعض الأخطاء الواضحة, كما أن انفتاحه على الجمهور كما يفعل في حسابه الشخصي, ليس مهنيا أبدا, وأعتقد أن رئيس لجنة الاحتراف بحاجة ماسة إلى كسر الدائرة المحيطة بها حتى لا يبقى أسير الاتجاه الواحد, وعليه أن يعرف جيدا أن هناك فرقا بين صفات الرئيس والقائد, رئيس العمل رجل يحكمه القانون والتشريع والاحترافية, أما القائد فيضاف إلى صفاته الكاريزما وبعض السمات الفطرية التي لا يمكن أن توجدها في أحد ما لم يوجدها الخالق سبحانه, وليس كل رئيس عمل مطلوبا منه أن يكون قائدا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي