Author

أدوات الفتنة الوطنية

|
أعاد الإعلام الجديد وقبله الفضائيات وبعض النشاطات المصاحبة بعض المظاهر السلبية التي لا تخدم المصالح العامة من خلال تكريس قيم منبوذة مثل الطائفية والعنصرية والمناطقية والقبلية. لقد انطلقت هذه المأساة في العراق؛ فطوحت بالمجتمع المدني هناك ثم أخذت تتمدد إلى بلدان عدة في العالم العربي. لعل ليبيا تمثل نموذجا للمخرجات النهائية لتسيد البشاعة المناطقية والقبائلية والطائفية. كل هذه المخرجات انصهرت في حرب يستغلها الغلو في أزمات لا تنتهي. في ليبيا تتعرض طوائف وقبائل من العرب ومن غير العرب للتهجير والإقصاء وبعضها أصبح يستوطن المخيمات.. هذا الأمر نتيجة تجاهل لسنوات طويلة لفكرة المجتمع المدني وتغليب قضايا أخرى كانت تعزف على أوتار لم تساعد على تأسيس وطن بقدر ما أنشأت مجتمعا تنعقد حباته حول مجموعة من الأفكار الوهمية التي سرعان ما انهارت خلال الربيع العربي الذي أفرز تغييرات متباينة في السوء في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية. أشاع الفراغ الليبي نموذجا كان سائدا منذ زمن بعيد. هذا النموذج الخطير يعتبر أمثولة لكل المجتمعات العربية. خلاصة القول: لا يمكن السماح للمنطقة أو القبيلة أو الطائفة أو العرق أن يستقوي على بقية من يشاركونه في تراب الوطن. .. إن قوى في الداخل والخارج تعمل بدأب من أجل تقويض وخلط الأوراق بين مكونات كل مجتمع عربي. تبدأ الأمور من خلال نشاطات تأخذ شكلا ترفيهيا أو حتى تثقيفيا ثم تتحول إلى فتنة ماحقة. هذه الجريمة شارك كثير من أفراد المجتمعات العربية فيها بحسن نية لكن هناك من استغلها بدأب. النتيجة أصبحت القبائلية السياسية سلوكا عربيا حتى في الدول التي تغيب فيها القبيلة عن إيقاعات الحياة؛ فالبديل كان الحزب أو المنطقة أو حتى الطائفة. حفظ الله مجتمعاتنا في السعودية والخليج العربي من تغول أولئك الذين يتربصون بأمننا ويصوغون خطاباتهم بطريقة تهدد السلام الاجتماعي والأمن الوطني.
إنشرها