«ساهر» الطرق السريعة

يمكن أن نسمي هذا العصر، عصر التوثيق. كل شيء أصبح مسجلا بالصوت والصورة. حتى إنك تجد الذهول مسيطرا حينما نشاهد تسجيلات لم يكن أحد يعلم بوجودها. هذا لتذكير نفسي وكل من يقرأ بالابتعاد عن الطمأنينة لأن "سره في بير"؛ لأنه لم تعد هناك آبار للأسرار وإنما الكل مكشوف عاجلا أو آجلا.
يدفع هذا الجميع للحرص على تبني أساليب الحياة الأخلاقية، والبُعد عن مواقع الخطيئة والخطر والمخالفة للقيم والأنظمة. المؤمل أن يتحول هذا كله إلى سلوك سائد في المجتمع، قد يكون في البداية خوفا من العقاب، لكنه في النهاية سيتحول إلى سلوك يتبناه المجتمع بقناعة أنه لمصلحة الجميع.
هذا هو السبب الرئيس وراء ما نشاهده في الحضارات الأخرى التي تبنت العقاب في البداية. يستغرب كثيرون نسبة الالتزام بالقوانين والأنظمة في دول كثيرة. لكنهم ينسون أو "يتناسون" أن تلك السلوكيات هي المرحلة الأكثر تطورا من وضع القوانين وتطبيقها بشفافية وعدالة.
هنا أعود للتذكير بمفهوم مهم وهو التدرج المنطقي لتطبيق القوانين، والمقاومة الشديدة التي تنشأ حال البدء بصياغة قوانين معينة تحد من حرية الأشخاص، لكنها في النهاية تهدف لمصلحة الجميع. تنخفض المقاومة تدريجيا مع زيادة الوعي والثقافة المجتمعية بأهمية الأنظمة لتسيير حياة الناس، والتعامل معهم بعدالة كاملة وشفافية مطلقة.
يمكن أن يطبق الواحد منا تلك النظرية على ما يراه من ردود أفعال على سن القوانين وتطبيقها في أغلب المجتمعات البشرية بغض النظر عن موقعها، ستجد دائما أن الفئات المثقفة والمتعلمة ــــ وليس بالضرورة الغنية ــــ تدعم القانون وتدافع عنه، وستكتشف العكس لدى الفئات الأخرى.
طبقت وزارة الداخلية تنظيم "ساهر"، في هذا النظام يستطيع الواحد أن يميز بين من يعتقدون أن المشروع هو وسيلة لحماية الأرواح ومن يرونه وسيلة لجباية الأموال.
أردت من هذه المقدمة الطويلة أن أقنع القارئ بأن يقف معي في مطالبتي وزارة الداخلية أن تنشر كاميراتها بشكل أوسع؛ خصوصا على الطرق السريعة. الهدف هو أن تصبح الكاميرا جزءا من الطريق، ومنتشرة بشكل يجعل الجميع يحترمها. الاحترام الناتج من القناعة أن الكاميرا ضرورية في كل كيلو متر من الطريق ــــ خصوصا السريع.
هنا يصبح احترام الكاميرا جزءا من ثقافة القيادة، ليتحول في النهاية إلى سلوك يعتمده الجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي