هل النصر في ورطة؟

بعد تعادله في أول مرحلتين من 26 جولة, وخسارة أربع نقاط في سباق الحفاظ على اللقب, هل بات النصر في ورطة؟ إذا سلّمنا بأن المجموعة الصفراء التي لعبت المباراتين الماضيتين هي المكلفة بالحفاظ على لقبي الموسمين الماضيين, فالنصر فعلا في ورطة حقيقية وفرص الحصول على اللقب الثالث تبدو ضعيفة للغاية. ولكن!
الفريق الذي لعب المباراتين الماضيتين يفتقد لركائز أساسية أسهمت بقوة في اللقبين, يتقدمهم الحارس العنزي, والقائد عبد الغني, والمحوري غالب, هؤلاء الثلاثة, لفقد واحد منهم تأثير بالغ لا يعرفه إلا اللاعبون أنفسهم ومنافسوهم, فما بالك إذا غاب الثلاثة مجتمعين, مضافا إليهم, الفريدي, الراهب, عيد, وحتى هزازي وعكاش الصفقتان الجديدتان المنتظر منهما تدعيم الفريق انضما للقافلة المعطوبة, النتيجة أن النصر الحالي لا يفتقد أساسيه فقط, بل يفتقد الخيارات في البدلاء أيضا, هذه تكفي لهز أي فريق.
ما سبق, سبب ضمن قائمة طويلة تسببت في عروض النصر الباهتة أخيرا, يضاف إليه أخطاء إدارية وفنية تتعلق ببرنامج الإعداد, واختيار اللاعبين الأجانب, فبدا الفريق مريضا لا يقوى على الوقوف على قدميه, وإن وقف لا يصل إلى خط النهاية. ومن جديد.. ولكن!
..في ظني أن الأسباب أعلاه ليست جوهرية بل أسباب ثانوية, والسبب الجوهري الذي أُعلق عليه ما يحدث في النصر هو التخطيط الاستراتيجي المرحلي المختلف.. ماذا يعني هذا؟ سؤال منطقي, الإجابة عنه تحتاج إلى شيء من التحليل.
..منذ وضع فيصل بن تركي خطط عودة النصر الحديث إلى الواجهة, وأسهم فيها بوضوح الكاريزمي كارينيو, تمكن الفريق من لعب خمس نهائيات كؤوس وحقق لقبي دوري, رقم كبير للغاية في أربعة أعوام, يمنح الخطة درجة عالية من النجاح لفريق يستهدف النهوض من كبوات سنين.
خطط إعادة بطل, تختلف تماما عن خطط استمرارية بطل, والشق الأخير عُمل فيه كما يجب إداريا بالتحول من الصفقات الكمية, إلى الصفقات النوعية, وفي جانبها الفني لم تتقدم خطوة واحدة ووقعت الإدارة في خطأ استراتيجي واضح, جعل النصر البطل يلعب بطريقة النصر الباحث عن العودة, فأصبح كتابا مفتوحا للجميع قرأوه وحفظوه, وهنا خطأ استراتيجي, إذ إن المنتظر كان نقلة نوعية في القيادة الفنية, تستهدف التعاقد مع جهاز فني عال تقوده مدرسة جديدة, تتوافر فيها ما لم يتوافر في مدرسة كارينيو التي أدت كل ما عليها في خطة النهوض. هذا الشيء لم يحدث واعتقد النصراويون أن المجموعة الذهبية الحالية قادرة على أن تقود المدرب – أي مدرب – للإنجاز بدلا عن أن يقودهم المدرب إليه, وهذه حديث عاطفي يُسفّه الاحترافية واختصاصية العمل, تماما كما فعل الهلاليون في فترة سامي الجابر التدريبية.
النصر الحالي, لم يستطع أن يجدد في رداء العامين الماضيين, استمر كما هو يتلقى بعض قصائد المديح وبعض عبارات الهجاء الغارقة في الذاتية, لا يتقدم خطوة, بدأت العوارض تظهر من الموسم الماضي, لم يضع أحد يده على الجرح, أغلب الأطروحات كانت عاطفية حماسية تنظر إلى الهدف القريب فقط, وتغض الطرف عن القادم البعيد, أغلب المسؤولين في النادي كانوا يخشون التغيير الجذري في القيادة الفنية, ويعتقدون أنهم وجدوا الطريق أخيرا فلا حاجة إلى التغيير الجذري والمجازفة.
وبعد.. أُعيد السؤال من جديد: هل النصر في ورطة؟ إذا كان السؤال يستهدف بطولة الدوري فقط, فالنصر المنافس لم يلعب بعد, وأغلب مكوناته في عيادة النادي أو في المدرج, وسينهض ويقاتل وربما يفوز, وسيفوز بإحدى بطولات الموسم, وإن كان السؤال يستهدف المستقبل, فالنصر في ورطة, ما لم يؤمن مسيروه أن خطة النهوض استوفت كل بنودها, ولم تعد صالحة للعمل, وحان الوقت للتغيير ووضع خطة "ديمومة البطل".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي