Author

احذر من القروض العقارية

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
ألم يتساءل المقترض لشراء مسكن أو نحوه؛ لماذا يكثر تسويق وإعلانات تسهيل الحصول على تلك القروض العقارية؟ ولماذا في هذه الفترة بالذات، يتواطأ كثير من العقاريين ومقدمي تلك القروض كي يقفزوا على قيود تلك القروض، وأولها توفير الدفعة المقدمة البالغة 30 في المائة من قيمة العقار؟ ولماذا انقلب الحال رأسا على عقب؛ كان المقترض هو من يركض خلفهم واليوم هم من يركضون خلفه، حتى وصلوا إلى أرقام الهواتف المحمولة للأفراد، ليغرقوها بإعلانات العقارات والفلل والمساكن المعروضة للبيع، وفي الوقت ذاته بخيارات التمويل العديدة؟ وهل كل تلك التحولات المفاجئة في مواقفهم حرص منهم على أن يتملك هذا الفرد أو غيره مسكنه؟ أم لأمر آخر خفي عليه وعلى كثير من الأفراد؟! إن على أفراد المجتمع اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر من كل تلك الوسائل أو قل الألاعيب بمعناها الأدق، وقبل كل هذا أن تبادر كل من مؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة التجارة والصناعة لقيام كل منهما بدوره المسؤول تجاه التغرير بالمجتمع، وبدء حملات توعوية لحماية الأفراد من التورط في تلك الألاعيب قبل حلول خرابها، وقبل أن تخلف وراءها من الضحايا ما لا طاقة للبلاد والعباد به! فمؤسسة النقد معنية بالدرجة الأولى بكل ما يرتبط بالقطاع المالي والتمويلي، وليس لها الخيار لتبقى مكتوفة اليد وهي ترى انتشار تلك الإعلانات والتسويق المخالف، سواء في طرقه بدءا من وجود ملصقات الإعلانات على أغلب إن لم يكن كل أجهزة الصرف الآلي، وعلى مداخل الأسواق والمحال الكبرى، وعبر مختلف قنوات الاتصال والتواصل المعاصرة، وكم هو من السهل عليها ملاحقة أصحاب تلك الإعلانات وأرقام وعناوين جهاتها موضحة بالكامل فيها! وأن تعلم يقينا أن مبادرتها المطلوبة في هذا الاتجاه جزء رئيس من مهامها ومسؤولياتها المنصبة على حماية القطاع المالي والمجتمع على حد سواء، من كل الممارسات المخالفة لأنظمة التمويل التي تشرف مباشرة عليها، ومن كل ما قد يهدد استقرار القطاع المالي والتمويلي في البلاد، وأن غيابها عن أداء تلك المهام والمسؤوليات لن يعفيها مستقبلا من تحمل أي آثار سلبية -لا قدر الله- قد تطال القطاع المالي والمجتمع. وعلى وزارة التجارة والصناعة أن تضع ضمن أولوياتها؛ محاربة تلك المحاولات المخالفة لتوريط الأفراد في شراء عقارات تتهاوى أسعارها فترة بعد فترة، عبر التسويق والإعلان غير المرخص أصلا سواء لتلك العقارات المكدسة في نحور ملاكها، أو لوسائل التمويل والإغراءات المخالفة حتى لأنظمة التمويل التي شرعتها مؤسسة النقد العربي السعودي! وقد يكون مطلوبا الآن في الفترة الراهنة سرعة مبادرة كل من الوزارة والمؤسسة لتنسيق جهودهما وتوحيدها تجاه تلك المخالفات الصريحة، والوصول إلى من يقف خلفها وتطبيق العقوبات الرادعة بحقها. وقد يكون البدء بوضع (رقم مجاني للاتصال) به من قبل الأفراد حال شاهدوا أيا من تلك الإعلانات، أو وصلت إلى أرقام هواتفهم المحمولة، للإبلاغ عنها للجهات الرسمية، وهو الأمر الذي سيشعر معه المجتمع أن الوزارة والمؤسسة ليستا في غفلة عما يجري حولهما من مخالفات تستهدف التغرير بالأفراد، وأن يكون الإعلان عن هذا الرقم المجاني وغيره من التعليمات والإجراءات اللازمة ضمن حملة توعوية لكافة الأفراد، ولعل الوزارة والمؤسسة في غنى تام عن ذكر الشواهد الكوارثية السابقة، من أهمها جمع الأموال الطائلة من الأفراد خلال الأعوام الماضية، والدخول بها في مساهمات تجاوز أعدادها مئات، مضى على تسويتها وإعادة الحقوق لأصحابها حتى تاريخه أعوام عديدة، ولا يبدو في الأفق حتى الآن موعد محدد للانتهاء من معالجة أوضاع تلك المساهمات خارج أسوار الأنظمة والرقابة! أما الأفراد، وهم الهدف الذي لأجلهم تم تأسيس تلك الحملات الهائلة لترويج بيع عقارات مكدسة بمئات الآلاف من الأعداد، وأقرانها بالإعلان عن مختلف وسائل وطرق التمويل المخالفة أيضا، أؤكد أن عليهم التيقن بأن (الذئب) لم يهرول يوما عبثا منه، وأن النظرة إليك كـ (زبون) مستهدف من تلك الجهات، لا تتعدى كونك (فريسة) لا أقل ولا أكثر، وأن موضوع تملكك مسكنا من عدمه لا يدخل على الإطلاق حتى ضمن اعتباراتهم، وأنه لا يتجاوز كونه الوسيلة الحرجة بالنسبة إليك للوصول إلى دخلك الشهري، وتوريطك في قروض طائلة لا ينتهي مداها ولا أثرها على استقرارك المادي والأسري، وأن اقتناءك مسكنا يغلب عليه رداءة التنفيذ والتشطيب والالتزام بكود البناء السعودي بأغلى الأسعار، ومن خلال تحملك قرضا سيظل يرافقك حتى تدخل قبرك، على أنهما سيرهقانك ما دمت حيا وحتى من هم بعدك من أفراد أسرتك، فإنني أؤكد لك أن هذا العناء والشقاء عليك لا يعني تلك الجهات سواء من باعك المسكن، أو من قام بتمويلك وإقراضك، لا من قريب أو من بعيد! فالمهم هنا بالنسبة إلى تلك الجهات أنها تخلصت تماما من عقار بائت ظل في نحورهم عدة أعوام لم يجدوا له مشتريا (إلا أنهم وجدوك)، وفي الوقت ذاته استقطع وسطاء تسهيل تمويلك وإقراضك هامش أرباحهم منك، وتركوك إلى آخرين يشبهون حالتك لتكرار ما فعلوا بك عليهم! ها أنت تشاهد تقلبات الأوضاع الاقتصادية والمالية عالميا، وكيف خلفت وراءها آثارا كبدت حكومات ودولا وأسواقا عالمية خسائر فاقت تريليونات الدولارات، وما تراه اليوم على قنوات الإعلام المشاهدة والمقروءة والمسموعة؛ ليس إلا جزءا من مرحلة تغيرات يشهدها الاقتصاد العالمي، كما أنه ستكون له آثار سلبية فإن لها أيضا آثارا أخرى إيجابية، لعل من أهم بنود الأخيرة هو تراجع تضخم أسعار الأصول المتضخمة جدا، وما يهمنا هنا في هذا الجزء من العالم، هو العقار والمسكن اللذان أرَّقا كثيرا من أفراد المجتمع، وما هو اليوم أمامك معروض في خانة الملايين كسعر له، قد لا تتخيل أبدا نتيجة الضغط النفسي الواقع عليك أنه في المستقبل القريب سيصبح بنصف ثمنه أو حتى أدنى، وأنه حتى إن انخفض سعره بعد أن امتلكته بواسطة قرض تمويلي طائل، فإن ذلك لن يعفيك أبدا من تحمل سداده حتى آخر ريال من قيمته! احمِ نفسك وأموالك أولا، واتخذ جانب الحيطة والحذر كي لا تتورط فيما لن يتحمل مشقته وعناءه غدا سواك، واعمل على سؤال الأجهزة الرسمية (مؤسسة النقد، ووزارة التجارة والصناعة) عن أي إعلان أو تسويق يصل إليك بأي وسيلة كانت، ولا تقدم على اتخاذ أي قرارات في هذا الخصوص إلا بعد أن تحصل على الاستشارة والرد الرسمي سواء من تلك الجهات الرسمية، أو من الجهات المرخصة. والله ولي التوفيق.
إنشرها