فشل محادثات «الفرصة الأخيرة» للتجارة عبر المحيط الهادئ

فشل محادثات «الفرصة الأخيرة» للتجارة عبر المحيط الهادئ
فشل محادثات «الفرصة الأخيرة» للتجارة عبر المحيط الهادئ

أخفق وزراء تجارة دول حوض المحيط الهادئ في التوصل إلى اتفاق أمس لتحرير التجارة بين 12 دولة بعد نشوب خلاف بشأن تجارة السيارات بين اليابان والولايات المتحدة وتمسك نيوزيلندا بموقفها بشأن تجارة منتجات الألبان وعدم التوصل إلى اتفاق بشأن فترات الاحتكار بالنسبة للجيل المقبل من الأدوية.
وعلى مدار أربعة أيام لم تفلح الطبيعة الخلابة لجزر هاوي الأمريكية، والأجواء الهادئة للمحيط الهادئ في أن يتوصل الوزراء إلى اتفاق تجاري بشأن الشراكة بينهم.
وبعيدا عن التصريحات الدبلوماسية بأن المحادثات كانت خطوة مهمة على طريق التوصل إلى اتفاق، وأن الزخم الناجم عن الجولة الراهنة من المفاوضات سيعزز الجهود لتوقيع الاتفاقية في أقرب وقت ممكن، فإن المؤكد أن الوزراء أخفقوا في التوصل إلى حل لعديد من القضايا العالقة بينهم، بل إن بعضهم لم يخف تشاؤمه من غياب إمكانية التوصل إلى حل دائم لبعض القضايا.
وصرح أكيرا أماوري وزير الاقتصاد الياباني أن قضية الملكية الفكرية واحدة من النقاط الخلافية بين الوزراء المشاركين في الاجتماع، ويبدو أنه من المستحيل التوصل فيها إلى اتفاق على حد قوله.
وفي الواقع فإن إخفاق هذه الجولة من المحادثات يمثل فشلا للإدارة الأمريكية وتحديدا للرئيس الأمريكي باراك أوباما شخصيا، فقد استثمر أوباما ستة أشهر من النقاشات المكثفة مع الكونجرس لتعزيز صلاحياته الرئاسية للتفاوض، وحصل على مبتغاه بعد أن قدم تنازلات كبيرة للجمهوريين الذين يسيطرون على الكونجرس، ومع هذا لم يفلح في التوصل إلى اتفاق تجاري مع بلدان حوض المحيط الهادئ على الأقل في الجولة الراهنة.
وعلى الرغم من عدم وضوح موعد الجولة المقبلة من المفاوضات، إلا بعض الوزراء المشاركين في المباحثات رجحوا احتمالية عقدها قبل نهاية الشهر الجاري، إلا أن آخرين استبعدوا ذلك، وأشاروا إلى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل وذلك لأن الانتخابات الكندية ستجرى في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وسيكون من الصعب أن تقدم كندا أي تنازلات في قضية منتجات الألبان قبل الانتخابات.

#2#

ويعول الرئيس الأمريكي على إمكانية توقيع اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ بنهاية العام، إلا أن بعض الاقتصاديين يرجحون أن حدوث هذا سيتطلب تنازلت كبيرة من الأطراف كافة.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور بيتر بيل أستاذ التجارة الدولية الذي سبق له المشاركة في عدد من جولات المحادثات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، أنه لا تزال هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق قريبا، فالمفاوضات تجري منذ سنوات، واتفاقيات بمثل هذا الحجم تتطلب أعواما وأحيانا عقود من المفاوضات التفصيلية.
وأشار بيتر بيل إلى أن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ستكون الأكبر من نوعها عالميا خلال العقدين الماضيين، فحوض المحيط الهادئ يضم نحو 650 مليون نسمة، وهو الأسرع نموا في العالم، والمنطقة لديها 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و50 في المائة من التجارة الدولية، وإذا تم توقيع الاتفاقية فإنها ستغطي 40 في المائة من الاقتصاد العالمي، ولهذا فإن الشركاء يعلمون أهميتها لبعضهم بعضا، ويناقشون التفاصيل كافة وكل طرف يسعى إلى تعظيم أرباحه منها.
وأضاف بيتر بيل أنه على سبيل المثال إذا وقعت الاتفاقية فإن أرباح أمريكا ستبلغ كحد أدنى خمسة مليارات دولار سنويا، وستقفز إلى 14 مليار بحلول عام 2025، ويمكن أن تكون الأرباح التجارية والاقتصادية أكبر من ذلك.
وإذا كانت سنوات من المفاوضات قد نجحت في تقريب وجهات النظر فإن وزير التجارة الاسترالي أنحى باللائمة على من وصفهم بالاقتصادات الأربعة الكبرى الولايات المتحدة وكندا واليابان والمكسيك في الفشل في التوصل إلى اتفاق حتى الآن.
وبرزت قضية أسواق الألبان وقطاع السيارات ضمن الإشكاليات الحادة التي لم يتم التوصل فيها إلى وجهة نظر مقبولة من الجميع.
وخلال جولة هاوي الأخيرة طفت على السطح قضية السيارات والشاحنات، إذ تصارعت اليابان والمكسيك حول عدد من النقاط المتعلقة بالتعرفة الجمركية والإجراءات والقوانين المنظمة.
وتفجر النزاع بين الطرفين، عندما طالب الجانب الياباني بأن تدمج كامل شبكات توزيع السيارات اليابانية في آسيا التابعة لعملاقة إنتاج السيارات والشاحنات مثل تويوتا موتور ضمن الاتفاقية، إلا أن المكسيك رفضت بشدة لأن ذلك سيؤثر في صناعة واستثمارات السيارات فيها باعتبارها رابع أكبر مصدر للسيارات في العالم.
وتريد شركات صناعة الأدوية الأمريكية فترة حماية تستمر 12 عاما، ولكن استراليا تريد خمسة أعوام فقط في حين لا تريد تشيلي أي فترة حماية، ورأى أشخاص مطلعون على مجريات المحادثات أن سبع سنوات أو ثماني سنوات حل وسط محتمل.
وهناك قضية أخرى تفجرت خلال هذه الجولة رغم أن أطرفها فشلوا في الوصول إلى حل لها طوال سنوات من المفاوضات إلا وهي منتجات الألبان، حيث أعلن تيم جروسر وزير الاقتصاد النيوزلندي أن بلاده لن توقع على الاتفاقية ما لم تتضمن فتح أسواق الألبان.
وترفض كندا من جانبها فتح أسواقها المحلية لمنتجات الألبان، نتيجة الضغوطات التي يمارسها المزارعون لإبقاء الأسواق المحلية مغلقة لضمان سعر مرتفع لمنتجاتهم من الألبان.
ويقول لـ "الاقتصادية"، الدكتور ستيف ريد الاستشاري في منظمة التجارة الدولية، إن الخلافات الراهنة تجاوزت قدرة وزراء التجارة أو الاقتصاد على حلها، وتتطلب تدخلا سياسيا مكثفا من قادة وزعماء الدول الـ 12 لحسم الخلافات، واعتقد أن الرئيس أوباما سيضغط على حلفائه الكنديين والمكسيكيين واليابانيين لسرعة التوصل إلى حل وسط لتوقيع الاتفاقية.
وأضاف أنه إذا لم يفلح الرئيس الأمريكي في إقناع الحلفاء بتوقيع الاتفاقية، فإن الشكوك ستحيط بإمكانية توقيعها قريبا، لأن العام المقبل هو عام الانتخابات الرئاسية في أمريكا، كما أن هيلاري كلينتون التي يتوقع أن تخوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي أظهرت عدم اندفاع في دعم اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ.
ويدين معارضو اتفاق التجارة الحرة عبر المحيط الهادئ، السرية التي تلف المفاوضات بشأنه ويؤكدون أنه يهدف خصوصا إلى تعزيز مصالح الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات.
وقال لوري والاش مدير منظمة "بابليك سيتيزن جلوبال تريد ووتش" في واشنطن إن عدم التوصل إلى اتفاق في اجتماع الفرصة الأخيرة نبأ سار لسكان هذا الكوكب بسبب التهديدات التي تنطوي عليها الاتفاقية للوظائف والأجور والغذاء السليم والأدوية بأسعار جيدة وغيرها.
لكن فرومان أكد من جهته أنه في هذه المرحلة الأخيرة من المفاوضات نحن واثقون أكثر من أي وقت مضى بأن اتفاقية التبادل الحر عبر المحيط الهادئ باتت في متناول اليد وستعزز الوظائف والنمو الاقتصادي.

الأكثر قراءة