حرب على التحرش

تعاقب القوانين الغربية المتحرشين بشكل وصل درجة المبالغة في تحديد ما هو التحرش وأنواعه ودوافعه ومواقعه. يأتي هذا بسبب العلاقة المباشرة والمستمرة بين الرجل والمرأة في تلك المجتمعات سواء في المدارس أو الجامعات أو أماكن العمل أو الأماكن العامة.
تفسيرات وتكوينات التحرش سواء كانت لفظية أو فعلية تدخل في تدقيق كل ما يمكن أن يفعله أي شخص لأذية المرأة بشكل رئيس، بل إن الغرب ينظر للتحرش دون تمييز بين الرجل والمرأة، لكن لأغراض المقال ولأسباب البيئة التي نعيش فيها التي يغلب عليها تعرض المرأة للتحرش أكثر من الرجل سأركز على قضية تحرش الرجال بالنساء.
أكثر ما يميز أعمال المتحرشين هو كشف حقيقة تربيتهم والأخلاقيات التي غرستها فيهم وسائل التربية والتعليم والمجتمع بشكل عام. لاحظنا هذا من ردود الفعل في مواقع التواصل كمثال.
عندما يقترف المتحرش هذه الجريمة بعيدا عن أعين الناس، إنما هو يؤكد أن هناك قواعد أخلاقية تحكم المجتمع وتدفع بالناس لاحترام خصوصية وكينونة الآخرين، الأمر الأهم الذي يعبر عنه إخفاء سلوك التحرش هو وجود قوانين تحكم السلوك وتعاقب من يتجاوز الحدود.
عندما اجتمع عدد ممن لا أعرف تسمية تناسبهم على امرأتين في الشارع وقاموا بالتحرش بهما بطريقة فاضحة لم تأبه بوجود من يصور الحادثة، أو ظهور وجوههم بشكل واضح في التصوير. عندما مارسوا تلك الجريمة كانوا على يقين بأن ما يفعلوه لن يؤدي بهم إلى عقاب شديد يحمي المجتمع من شرورهم.
يدفعني هذا للمطالبة بتطبيق أقسى العقوبات على هؤلاء ومن على شاكلتهم، دون التفريق بين من يرتكب هذه المخالفة. كما أطالب أن تكون العقوبة علنية وأن تعلن أسماؤهم على الملأ ليكونوا عبرة للآخرين في الدرجة الأولى، ولنحمي منهم بقية مكونات المجتمع سواء من يرافقونهم أو يناسبونهم في المستقبل.
على أنني أستغرب عدم وجود إجراء تلقائي يتم تنفيذه عند كشف جريمة كهذه من جهات الادعاء العام أو الشُّرط، فلماذا ندفع بأمير المنطقة لإصدار أمر بالقبض والعقاب ما دمنا في دولة مؤسسات؟
التحرش قضية يطول الحديث فيها، وهي من المشكلات الحقيقية التي تعيشها مدارسنا وأحياؤنا وأسواقنا وأماكن العمل، ولا بد من التعامل معها بطريقة تلائم خطورتها على المجتمع "المحافظ" الذي نعيش فيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي