خادمة في رمضان

رن هاتف "المدام" ونحن في السيارة، كانت إحدى صديقاتها على الطرف الآخر تخبرها بأن عاملتها المنزلية هربت للتو. ندبت المسكينة حظها، ذلك أن رمضان على الأبواب وهناك كثير من العمل يزيد كمه إجازة المدارس، وحرارة الأجواء.
استمرت الصديقة تشتكي وزوجتي تحاول تهدئتها، ذلك أنها هي الأخرى مرت بالتجربة المريرة نفسها قبل عام بالضبط. نعم هو شعبان الذي يفقد فيه كثير من الأسر عاملاتها لأناس يدفعون ضعفي أو ثلاثة أضعاف الراتب الذي يقدمه الكفيل الأساسي.
كانت مثل هذه الأمور تحدث بشكل متقطع، لكنها انتشرت بشكل لافت أخيرا، وهو أمر مثير للريبة، ويدفع للمطالبة بأن تحفظ حقوق الكفلاء الذين يدفعون عشرات الآلاف وينتظرون ما يقارب السنة لتحضر العاملة، وتهرب قبل أن تكمل ربع مدة الانتظار.
الأكيد أن العيب فينا نحن، فالأسرة التي ترضى بأن تدخل بيتها عاملة بطريقة غير مشروعة، هي نفسها الأسرة التي فقدت قبل أشهر عاملتها بالطريقة نفسها. هل نلوم أنفسنا إذا؟
ارتكاب المخالفة مهما بدا مبررا، فهو ارتكاب مخالفة. انتشار الأمر على نطاق واسع، يؤدي إلى تجذر المخالفة وزيادة خطورتها. وهو ما قد ينتج عنه تبعات أمنية وسلوكية خطيرة على المجتمع.
إن انتشار المعلومة عن إمكانية ترك الكفيل والعمل في مواقع وأعمال أخرى، خارج المملكة، سيؤدي بالتأكيد إلى إيجاد سوق للمتاجرة بالعاملات، وقد يؤدي إلى انتقال شخصيات وممارسات خطيرة. يمكن أن يقصد البلاد كل أنواع المفسدين والمفاسد ما دامت الأمور مفتوحة بهذا الشكل.
تعقيد الإجراءات وطول مدة الانتظار عنصران أساسيان في دعم انتشار المخالفة، هذان العنصران يجب أن يعاملا باعتبارهما خطرا على أمن الوطن. يجب أن تعمل كل الجهات ذات العلاقة بالاستقدام والترخيص على تنفيذ مهامها في حماية الوطن، وليس أبسط من إعادة الوضع إلى ما كان عليه في السابق عندما كانت فترة الانتظار لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
مع قدوم الشهر الفضيل أنصح الجميع بالتعاون ومحاربة عمليات المتاجرة هذه لأن المواطن الذي يشارك في عمل كهذا، سيكون هو المتأثر في النهاية، فكما تدين تدان. علاوة على إمكانية أن يسهم في إيجاد بيئة مناسبة لانتشار مفاسد أكبر من مجرد "سرقة خادمة".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي