Author

طاقة بديلة لمدرستين فقط

|
تم الإعلان قبل أيام قلائل عن إنجاز أحد مشاريع إنتاج الطاقة النظيفة بالاعتماد على الطاقة الشمسية في مدينة الرياض، فيما اعتبر أنه أحد مشاريع توفير الوقود والمحافظة على البيئة. 132 هو عدد الألواح الشمسية المستخدمة في المشروع، التي ستكون بارزة للعيان فوق مدرستين هما "جبر بن عتيك" و"الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز". ولا يخفى على أحد أن موضوع استخدام الطاقة البديلة بشكل عام والطاقة الشمسية بشكل خاص، أحد الموضوعات التي طال الحديث عنها في الساحة، بل إن عديدا من الشركات المحلية قامت بإعداد خطط عمل بما في ذلك جذب مستثمرين للاستثمار فيها، إلا أن الكل بانتظار التشريعات التي تنظم استخدام هذه الطاقة، وقبل ذلك بانتظار الجهة التي تتبوأ الدور الريادي في سن تلك التشريعات. وبقراءة ما بين السطور، نجد أن الخبر يحمل بين طياته عديدا من الأسئلة، فهل يندرج هذا المشروع ضمن المشاريع التجريبية، التي يتم من خلالها قياس كفاءة الطاقة، جوانب الأمن والسلامة، وكذلك القدرة على التحكم عن بعد؟ أم هل هو بداية لسلسلة من المشاريع المنتظمة في المجال؟ كما ذكر الخبر أن الإنجاز هو نتاج شراكة بين شركة الكهرباء ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، فيا ترى أين دور مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة؟ وما الجهة أو الجهات التي تقوم حاليا أو ستقوم مستقبلا بإدارة ملف الطاقة البديلة في السعودية؟ حتى نضمن سلاسة وتناغم التشريعات الصادر ووحدة الجهود المبذولة نحو تحقيق أهداف واضحة، وحتى لا يعاني مستثمرو القطاع الخاص الأمرين في مراجعة أكثر من جهة، ويبدأ مسلسل تبادل الاتهامات بين الجهات المختلفة عن المسؤولية والصلاحيات. على صعيد آخر، من الواضح أن هناك رابطا قويا بين تأخير مشاريع الطاقة المتجددة وانخفاض تكاليف الطاقة المدعومة من قبل الحكومة، فطالما استمر هذا الدعم وهذه الأسعار فبالطبع لن يكون موضوع طرح تلك البدائل مجديا أبدا. وهذا يناقض أساسيات الفكر التنموي، حيث إن التكاليف الحالية وإن قلت، فإنها بلا شك ستحمل ثمنا باهظا على أجيال عديدة قادمة. وبحسبة بسيطة يمكن الخلوص إلى أن التكلفة المستقبلية على الدول التي قامت بالاستثمار اليوم في البنية التحتية ستكون أقل بكثير من الدول التي لم تستثمر في المجال. وهنا يجب ألا نغفل عن عاملين مهمين: 1) ازدياد الضغوط الدولية بقيادة الاتحاد الأوروبي لتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يعني الامتثال للمعايير الدولية في هذا الشأن، واحتمالية فرض ضرائب بيئية مستقبلا، 2) الضغوط النابعة من كون أغلب دول المنطقة قد وضعت خططا واضحة تدريجية لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، بما في ذلك نسب الاعتماد على كل من تلك المصادر ويزداد ذلك الضغط كون السعودية تعتبر في مصاف الدول المصدرة للنفط في العالم. كل ما ذكر يقودنا إلى استنتاج واحد، وهو أننا بحاجة إلى أن يتحول ملف الطاقة البديلة إلى جهة واحدة تجمع تحتها كل ما له علاقة بالطاقة من وزارة الكهرباء، مدينة الملك عبدالله وغيرهما. ومن هنا يكون الانطلاق الحقيقي لمساعي الطاقة البديلة، أن توضع له خطط معقولة بجدول زمني صارم، وكذلك تحديد مصادر الطاقة البديلة المستخدمة ونسب استخدامها بناء على جدوى كل منها. مع الأسف ما زال الحديث عن الطاقة البديلة في المملكة كضرب من ضروب الخيال، ولكننا نأمل أن يكون تأسيس كيان جديد كما ذكرنا أعلاه بداية حقيقية نحو استخدام مصادر طاقة أكثر استدامة من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة.
إنشرها