النفط عند أعلى مستوياته في 2015 .. فوق 69 دولارا

النفط عند أعلى مستوياته في 2015 .. فوق 69 دولارا

يواصل النفط تحقيق ارتفاعات قياسية في الأسواق العالمية منذ بداية العام الجاري حيث تجاوز خام برنت 69 دولارا للبرميل فيما حقق النفط الأمريكي وسلة خام أوبك ارتفاعات مماثلة بتأثير رئيسي من تراجع المخزونات النفطية الأمريكية وتراجع الدولار إلى جانب اضطراب الإنتاج في ليبيا بسبب وقف محتجين لصادرات البلاد من النفط.
واعتبر مختصون نفطيون أن السوق تسترد عافيتها بمعدلات متسارعة وأن تحسنات كبيرة قادمة في مستويات الطلب دفعت عديدا من المصادر الدولية لرفع توقعاتها لأسعار النفط لعامي 2015 و2016.
وأوضح لـ "الاقتصاديــــة"، مارتن جورجيف المختص النفطي في مؤسسة "ألبيك" للطاقة في بلغاريا، أن تراجع مخزونات النفط الأمريكية بشكل غير متوقع كان العنصر الأبرز في ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية، حيث كانت الدوائر والتحليلات الاقتصادية تتوقع مزيدا من النمو في المخزونات، إلا أن معهد البترول الأمريكي أعلن عن تراجع حجم هذه المخزونات.
وأشار جورجيف إلى أن الأسعار تنمو بشكل متسارع لتعويض الخسائر الحادة التي منيت بها على مدار الشهور الماضية، لافتاً إلى أن تراجع الدولار الأمريكي دعم نمو الأسعار الذى لم يكن نتاج عامل واحد بل عدة عوامل قوية وممتدة الأثر في السوق.
وقال جورجيف "إن مشكلة تعطل الإنتاج الليبي تتجدد من حين لآخر ويتزايد تأثيرها في مسار الأسعار في السوق، ولذا وجدنا أن عمليات الاحتجاج الواسعة في ميناء الزويتنة شرقي ليبيا وتوقف الصادرات قد جددا المخاوف على الإمدادات في الشرق الأوسط، وهو ما قاد الخام إلى ارتفاعات سعرية قياسية مدعومة بعوامل اقتصادية ونفسية".
ويقول أوسكار آنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، "إن إعادة هيكلة قطاع النفط في السعودية وتطوير النظام الإداري لشركة أرامكو قدم كثيرا من الدعم الاقتصادي والمعنوي للسوق، كما أسهمت تصريحات المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية في تبديد المخاوف في السوق، بعدما أكد تفاؤله الشديد بسوق النفط وبالتغييرات الإيجابية التي حدثت في قطاع النفط التي تمثل دعما قويا لهذه الصناعة".
وأشار آنديسنر إلى أن التراجع المستمر في مستويات الإنتاج الأمريكي من النفط مع صدور بيانات سلبية عن أداء الاقتصاد في الولايات المتحدة أسهم في تحجيم النمو المستمر للدولار الأمريكي وانعكس ذلك إيجابيا على النفط وكافة المعادن المسعرة بالدولار.
وأضاف آنديسنر أن "عديدا من المؤسسات المالية الدولية أصبح على قناعة بأن مسار أسعار النفط في تنامٍ مستمر بسبب عديد من العوامل الخاصة بتقلص المعروض، ولكن الرهان الأكبر الآن على تحسن واسع ومطرد في مستويات الطلب خلال الفترة المقبلة".
وذكر آنديسنر أن عديدا من هذه المؤسسات رفع مستوى توقعاتها لأسعار النفط خلال عامي 2015 و2016 ومنها بنوك سوستيه جنرال، وباركليز، وأوف أميركا، وأخيرا وجدنا أيضا "جي بي مورجان" ينضم إلى قائمة المصارف التي ترفع التوقعات وتثق بارتفاع الأسعار وتحسن معدلات نمو ومستويات الطلب.
من جهته، يؤكد كريستيان شونبور المختص النفطي، أن عودة الارتفاعات القوية للأسعار قبل أقل من شهر على موعد انعقاد الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك ستكون داعما قويا لسياسات المنظمة التي نجحت في تحقيق أهدافها من الحفاظ على الحصص السوقية وزيادة الصادرات بهامش ضئيل مع عودة الأسعار المرتفعة تدريجيا في تصحيح ذاتي من قبل السوق دون تدخل بخفض سقف الإنتاج.
وتوقع شونبور أن يكون الاجتماع المقبل أكثر ثقة وأقل تباينا في الآراء بين مختلف المنتجين الأعضاء في المنظمة، حيث من المتوقع أن تحافظ المنظمة على نفس سياساتها بعد أن أثبتت تطورات السوق صحة توقعاتها.
وأشار شونبور إلى أن التأثير السلبي للمخزونات الأمريكية بدأ في التراجع بينما توقع البعض استمرار ارتفاعه وتأثيره في السوق، موضحا أنه مع تراجع تأثير المخزونات سيتنامى تأثير انخفاض الإنتاج الأمريكي وتقلص الحفارات، حيث سيدعم مزيدا من النمو في الأسعار.
إلى ذلك، ارتفعت أسعار النفط أكثر من دولار للبرميل أمس مسجلة أعلى مستوياتها منذ بداية العام، مع اكتساب موجة صعود مستمرة منذ شهر مزيدا من قوة الدفع بدعم من انخفاض مخزونات الخام الأمريكية والصراع في الشرق الأوسط.
وبحسب "رويترز"، فقد صعد خام القياس العالمي مزيج برنت 1.60 دولار إلى 69.12 دولار للبرميل بعدما بلغ أعلى مستوياته في 2015 عند 69.25 دولار للبرميل.
وارتفع الخام الأمريكي 1.59 دولار إلى 61.99 دولار للبرميل مقتربا من أعلى مستوياته أثناء الجلسة 62.08 دولار للبرميل.
ومن المقرر أن تصدر إدارة معلومات الطاقة التابعة للحكومة الأمريكية البيانات الرسمية للمخزونات في وقت لاحق، وقال كومرتس بنك الألماني "إنه من المرجح أن يتم تفسير انخفاض مخزونات الخام على أنه علامة على أن السوق بدأت تتماسك".
وأوقف محتجون في ليبيا ضخ الخام إلى ميناء الزويتينة في شرق البلاد، ويقل إنتاج ليبيا حاليا عن 500 ألف برميل يوميا وهو ثلث المستوى الذي كانت تضخه قبل عام 2010.
وتلقت أسعار النفط دعما أيضا من الدولار الذي يتجه لتسجيل رابع خسارة أسبوعية أمام سلة من العملات، ويزيد تراجع الدولار من جاذبية السلع الأولية المقومة بالعملة الأمريكية مثل النفط الخام لحائزي العملات الأخرى.
فيما أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي أن مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة هبطت الأسبوع الماضي للمرة الأولى هذا العام مع تراجع الواردات.
وأشارت البيانات إلى أن مخزونات الخام انخفضت 1.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في أول أيار (مايو) لتصل إلى 483.90 مليون برميل مخالفة توقعات المحللين التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 1.5 مليون برميل.
وقال معهد البترول "إن مخزونات النفط في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج في ولاية أوكلاهوما تراجعت بمقدار 336 ألف برميل، وتنتظر الأسواق البيانات الرسمية لمخزونات النفط ومشتقاته التي ستصدرها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية".
وأظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس أن مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة انخفضت الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ الأسبوع المنتهي في الثاني من كانون الثاني (يناير) بينما ارتفعت مخزونات البنزين والمشتقات.
وهبطت مخزونات الخام 3.9 مليون برميل لتصل إلى 487.03 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في أول أيار (مايو) مخالفة توقعات المحللين التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 1.5 مليون برميل، وهذا هو أكبر هبوط في المخزونات منذ منتصف أيلول (سبتمبر).
وأشارت البيانات إلى أن واردات الولايات المتحدة من النفط الخام تراجعت 905 آلاف برميل يوميا إلى 6.07 مليون برميل يوميا وهو أدنى مستوى لها منذ 2001، وانخفضت المخزونات في مركز تسليم العقود الآجلة للنفط الأمريكي في كاشينج في ولاية أوكلاهوما بمقدار 12 ألف برميل إلى 61.67 مليون برميل.
وزادت عقود الخام الأمريكي وخام برنت مكاسبهما عقب صدور بيانات المخزونات الأمريكية ليسجل الخامان مستويات مرتفعة جديدة هذا العام عند 62.58 دولار للبرميل لعقود الخام الأمريكي و69.63 دولار للبرميل لعقود برنت.

الأكثر قراءة