خرافات

بعد أن أصيب أحد الزملاء بجلطة ونجا منها بحمد الله، انتشرت بين المجموعة المحيطة به وصفات "محاربة الجلطات". واحدة منها كانت اختيار محدثكم، وأعترف بأنني لم أستطع أن أستخدم تلك الوصفة لما فيها من الروائح والمرارة الغريبة. لا عجب في ذلك، فقد اختار صانع الوصفة أكثر المواد نفاذا في الرائحة والحموضة والمرارة ليصنع منها وصفته.
أعتقد أنه رأى أن أحدا لن يستطيع أن يكمل شرب تلك الوصفة، فيضمن هو أن تدوم سلعته العجيبة لأطول فترة. ظهرت بعد أشهر رسائل أخرى تتحدث عن الوصفة وتكذب ما جاء في فوائدها وأثرها.
تحدث أحد الأطباء عن الكثير مما يعتقد الناس صحته بخصوص فوائد بعض الفواكه والخضراوات والحبوب وغيرها، وعلاقات بين تصرفات أو أنشطة وبعض أجزاء الجسم وكيف أن الناس يبادرون بتقبل تلك الخرافات واعتبارها مسلمات لا شك في صحتها.
الواقع أن الكثير مما نشاهده اليوم هو من هذا النوع العجيب الغريب، وعلى الرغم من ارتفاع مستوى التعليم فنحن نعاني عدم تمحيص ما يردنا من رسائل تمنح وتحرم، وتوصي وتمنع وتسيطر على أحاديث المجالس.
ليس غريباً أن يتعلق الناس بالحياة، ولكن ذلك كله يتطلب أن يكون المتلقي أكثر حصافة وتمحيصا لما يصله. قرأت اليوم تقريراً يتحدث عن الحقائق والخرافات فيما يتعلق بأمراض الكلى وغيرها. على الرغم من أن الموضوع مهم، وأن الكثير من القراء تمر عليهم خرافات أكثر مما ذكر في المقال، فإن مجرد وجود توجه واضح يعين الناس في اتخاذ قرارات مهمة لصحتهم من قبل الجهات المتخصصة، أمر مفيد، بل أساسي خلال هذه الأيام التي تنتشر فيها الدعايات التي لا أساس لها.
هناك برامج تلفزيونية أجنبية تتحدث في مواضيع كهذه، وعلى الرغم من أن ما ينتشر عندنا من شائعات يختلف بعض الشيء عمّا ينتشر عندهم، فليس هناك ما يمنع أن تترجم هذه البرامج أو تدبلج وتعرض في قنوات نشر الخلطات والوصفات التي تسيطر على الأجواء هذه الأيام.
بل إنه قد يكون من المهم أن تراقب هذه القنوات وتمنع من نشر أي إعلانات لخلطات أو وصفات أو معلومات لا تتعلق بمجال عمل القناة. يمكن كذلك أن تعطى أي وصفة تعرض على القناة تصريحاً من هيئة الدواء والغذاء لعرضها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي