تفعيل دور المرأة

إلحاقا لحديثنا الأسبوع الماضي عن غياب المرأة عن مجالس الإدارات، نبحث اليوم عن سبل تفعيل ذلك الدور، والحقيقة أنه لا يمكن الحديث عن دور أكبر للمرأة دون الخوض في طبيعة مجالس الإدارات في الشركات العائلية. حيث بين الاستبيان الذي قام به معهد أعضاء مجالس الإدارات الخليجية عن وجود قصور واضح على مستوى تحقيق الأداء المطلوب لأعضاء تلك المجالس، وأصدرت الدراسة العديد من التوصيات للوصول إلى دور أكبر لتلك المجالس. على العموم قد يكون ذلك القصور هو بحد ذاته فرصة للمرأة، خصوصا أنها الأكثر اجتهادا لإثبات نفسها والوصول إلى أهدافها. ونناقش هنا وفي عدد من النقاط بعض سبل تفعيل ذلك الدور.
- كثر الحديث أخيرا من قبل العديد من المختصين عن توجه عالمي حديث نحو ما يعرف بـ "الكوتا"، التي برزت تاريخيا لتصحيح بعض الأوضاع السائدة وإعطاء فرصة لبعض الفئات المستبعدة، وأخيرا انتشر مصطلح "الكوتا النسائي"، ويعني تخصيص نسبة معينة أو حصص من مقاعد البرلمانات والمجالس البلدية وغيرها ليتم شغلها من قبل السيدات. وفي السعودية تم تخصيص 20 في المائة من مقاعد مجلس الشورى للسيدات. وبما أن لكل بلد خصائصه، وعوامله التي تحدد التوجهات والتشريعات المناسبة، ينبغي أن نطرح سؤالين. الأول، ما مدى فعالية تطبيق نظام "الكوتا" لضمان مشاركة المرأة في المجلس؟ والثاني كيف يكون تطبيق نظام "الكوتا" فيما لو افترضنا أنه النظام الأفضل لاندماج السيدات في مجالس الإدارات؟ حتما تستلزم الإجابة مباحث طويلة، ولكن من شبه المؤكد أنه فيما لو تم تطبيق "الكوتا"، فإن النسبة المخصصة ستكون نسبة صغيرة نسبيا في البداية، حتى دخول المرأة وتمرسها في أداء المهام المنوطة بها في تلك المجالس مع التركيز على تطوير قدراتها بالتوازي، وترتفع هذه النسبة تدريجيا مع مرور الوقت واكتساب المرأة المهارات اللازمة. أما فرض نسبة كبيرة نسبيا كما فعلت فرنسا والنرويج ومن بعدهما ألمانيا ليس الخيار الأنسب في الوقت الحالي محليا نظرا للفروقات الكبيرة في التجربة النسائية بين تلك البلدان والمملكة، فالمنهج المتدرج في الإشراك يضمن التمثيل وعدم إحداث ما من شأنه إخلال توازن تلك المجالس.
- تفعيل دور المرأة في مجالس الإدارات يتطلب استثمارا حقيقيا لتدرج المرأة داخل الأقسام المختلفة حسب ميولها بالطبع، وإعطاءها الفرصة لكي تكتسب المعرفة والخبرة وفق رؤية بعيدة الأمد للعائلة، تترجم إلى خطط واضحة مع أهداف زمنية محددة، تنتهي بأن تصبح المرأة عضوا فاعلا في تلك المجالس، وهنا يكون الاحتكام من قبل العائلة إلى الكفاءة ولكن يلزم ذلك تكافؤ الفرص منذ البداية.
- أحد أكبر المخاطر التي تواجه الشركات العائلية تتمثل في استمرارية الشركات ما بعد الجيل الثالث لعدد من الأسباب، وقد تكون حدة الصراعات بين أفراد العائلة أبرزها، ما يستلزم وضع أطر حوكمة صارمة، مع الالتزام بتطبيقها. وهنا ينبغي أن تأخذ تلك الأطر بعين الاعتبار حفظ حق المرأة في تمثيل العائلة في مجلس الإدارة، على أن يكون ذلك منصوصا عليه في ميثاق العائلة لضمان مشاركة المرأة وحقها في التمثيل، وبعد ذلك تأتي مرحلة الالتزام بتأهيل المرأة للقيام بأعبائها كعضو فاعل في مجلس الإدارة، وهذا من شأنه تقليل مخاطر الاستمرارية ما بعد الجيل الثالث، إذ يضمن ذلك وجود فرد من العائلة يحمي مصالحها خصوصا في حال وجود أعضاء من خارج العائلة في المجلس.
ختاما، إن المرأة التي استطاعت إثراء الحوارات والنقاشات في مجلس الشورى، بل والتأثير في التشريعات على مستوى الاقتصاد الكلي بعد صدور التشريع القاضي بدخولها للمجلس، قادرة على التأثير في القرارات التي تحكم سير الشركات العائلية متى ما وجد القرار الداعم لمشاركتها في مجالس إدارة العائلات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي