مختصون: الخليجيون أكثر المنتجين تكيفا مع تذبذب أسعار النفط

مختصون: الخليجيون أكثر المنتجين تكيفا مع تذبذب أسعار النفط

قال لـ "الاقتصادية"، مختصون نفطيون "إن تحسن أسعار النفط سيستمر خلال الفترة المقبلة"، وأكدوا أن منتجي الشرق الأوسط يتكيفون مع تذبذب الأسعار وأنهم أفضل حالا خاصة دول الخليج التي تتمتع بمراكز مالية واحتياطات جيدة تمكنها من التعامل مع انخفاض أسعار النفط.
ويقول لـ "الاقتصادية"، الدكتور ريتشارد شنتس الرئيس المشارك للغرفة العربية النمساوية، "إن تحسن الأسعار سيتنامى خلال الفترة المقبلة بعد أن وصلت إلى مستويات شديدة الانخفاض في الشهور الماضية وكان تأثيرها واسع المدى في اقتصاديات عديد من الدول المنتجة".
وأوضح شنتس أن الوضع في روسيا وهي من أكبر المنتجين في العالم كان ولا يزال صعبا، وهي بصدد إنفاق أكثر من 50 مليار دولار من صندوقها لاحتياطي الطوارئ في عام 2015 بعدما تسبب انخفاض أسعار النفط وضعف الاقتصاد في زيادة العجز.
وأضاف شنتس أن "الحكومة الروسية ستنفق أكثر من نصف الصندوق، الذي تبلغ قيمته حاليًا 85 مليار دولار، في عام واحد، ما يخفض سريعًا المخزونات المالية كما تقوم موسكو في الوقت الحاضر بمراجعة الميزانية لهذا العام، التي تعتمد على افتراض أن سعر النفط 100 دولار للبرميل".
وأشار شنتس إلى أن منتجي الشرق الأوسط أفضل حالا خاصة دول الخليج التي تتمتع بمراكز مالية واحتياطات جيدة تمكنها من التعامل مع انخفاض أسعار الخام، وحتى الدول الأقل ثروة من المنتجين الخليجيين فإن التقارير الاقتصادية تشير إلى أن اقتصادها متماسك في مواجهة هبوط أسعار النفط حيث يعتمد صناع السياسة على الإنفاق على مشاريع البنية التحتية وعلى القطاع الخاص لتعويض تقلص إيرادات قطاع الطاقة.
وقال شنتس "إن منتجين آخرين في الشرق الأوسط يتبنون سياسات أكثر مرونة لتنويع الموارد الاقتصادية لمواجهة تداعيات تراجع الأسعار"، لافتاً إلى قيام الجزائر بمواءمات جديدة لدعم اقتصادها حيث كشفت تقارير صادرة عن شركة النفط الجزائرية "سوناطـــــراك" اعتمــــــادها خــطة استثمارية تقدر بـ 90.6 مليار دولار، خلال الفترة من عام 2015 حتى عام 2019، بهدف تطوير احتياطيات المحروقات، للاستجابة للطلب الداخلي المتنامي على الطاقة، فضلا عن الحفاظ على موقع الشركة في أسواق الطاقة على الصعيد الدولي.
وذكر شنتس أن هذه الاستثمارات ستشمل أنشطة التنقيب والإنتاج والاستغلال والنقل بواسطة الأنابيب، والبحث عن المحروقات غير التقليدية، إضافة إلى إبرام شراكات مع شركاء أجانب في الأسواق الخارجية.
من جهته، أكد لـ "الاقتصادية"، رون بجرنسون المختص النفطي في شركة "ستات أويل" أهمية تحقيق الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط من أجل استقرار الإنتاج في سوق النفط العالمية، لأن الاضطرابات السياسية التي تفاقمت أخيرا في دولة مهمة مثل ليبيا انعكست على وضع السوق بشكل كبير، مشيرا إلى تقرير أممي صدر أخيرا يؤكد أن السلطات الليبية غير قادرة على وقف التجارة غير المشروعة في النفط.
وأوضح شنتس أن وضع الاستثمارات النفطية ما زال حرجا وهو ما أدى إلى تجميد كثير من خطط الاستثمار الجديدة وتقليل الميزانيات في الشركات الكبرى، مؤكدا على سبيل المثال تراجع استثمارات الشركات البريطانية بأسرع معدل لها في نحو ست سنوات في الربع الأخير من 2014 تحت ضغط هبوط الاستثمار في القطاع النفطي مع انخفاض أسعار الخام العالمية. وشدد شنتس على ضرورة العمل على حماية الاستثمارات في هذه الصناعة الحيوية، لافتاً إلى احصائيات تؤكد تراجع الاستثمارات في قطاع الاستخراج بشكل كبير بعد أن أصبح إنتاج النفط أقل ربحية.
وأوضحت لـ "الاقتصادية"، أمريتا إنج المحللة الاقتصادية السنغافورية، أن الطلب الآسيوي هو المحرك نحو استعادة سوق النفط توازنها وميل الأسعار إلى التحسن والاستقرار النسبي، مشيرة إلى أن الارتفاعات التي شهدها الأسبوع الماضي كانت بسبب تقارير إيجابية عن وضع الاقتصاد في الدول الرئيسية في آسيا.
وأضافــــــت إنـــج أن "التقــــــارير الاقتصادية تشير إلى تحسن الطلب القادم من الصين بعد نتائج إيجابية عن انخفاض معدلات الركود في البلاد ما يعني رواجا اقتصاديا مقبلا في بكين وزيادة الطلب على الطاقة خاصة النفط القادم من الشرق الأوسط".
وأشارت المحللة السنغافورية إلى أن نفس الشيء صدر عن اقتصاد اليابان حيث أشارت الإحصائيات إلى تباطؤ التضخم في البلاد حيث ارتفعت أسعار المستهلكين في اليابان بمعدل أبطأ لتبلغ نسبته 02.2 في المائة في كانون الثاني (يناير) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق بسبب انخفاض أسعار النفط. وذكرت إنج أنه بالنسبة للهند وهي من أبرز الأسواق الآسيوية المستهلكة توقعت الحكومة نمو اقتصاد البلاد خلال العام المالي المقبل بأعلى وتيرة في أربع سنوات بدعم تراجع أسعار النفط والإصلاحات الاقتصادية.
وأشارت إنج إلى سعي دول وسط آسيا إلى إجراء إصلاحات اقتصادية متسارعة للاستفادة من الظروف الاقتصادية الراهنة، موضحة أن هبوط أسعار النفط واهتمام الحكومة الهندية بتنفيذ إصلاحات اقتصادية كانا وراء تحسن آفاق الاقتصاد في البلاد على الرغم من استمرار حالة عدم اليقين بشأن رفع معدل الفائدة في الولايات المتحدة والأزمات الخاصة بالتضخم والنمو في منطقة اليورو وهي تنعكس بشكل كبير على الاقتصاد الهندي والاقتصاد الدولي بشكل عام.
واتجهت أسعار النفط إلى تحقيق مكاسب كبيرة في نهاية الأسبوع الماضي وحقق خام برنت أكبر مكاسبه الشهرية منذ أيار (مايو) 2009 كما قفزت سلة أوبك في ختام تعاملات أول أمس، وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن تعطل الإمدادات في بحر الشمال ووجود نمو قوي للطلب الصيني على النفط دفعا السوق إلى الارتفاع ومن المتوقع أن تستمر هذه الارتفاعات في تعاملات الأسبوع الحالي.
وارتفعت أسعار العقود الآجلة للنفط بشدة أول أمس وسجل خام برنت والخام الأمريكي أول مكاسبهما الشهرية منذ حزيران (يونيو) مع تعطل إمدادات وتحسن آفاق الطلب على النفط.
وبنهاية التعاملات صعد سعر العقود الآجلة لمزيج النفط الخام برنت عند التسوية 2.53 دولار أو 4.21 في المائة إلى 62.58 دولار للبرميل، وكانت زيادة شباط (فبراير) البالغة 18 في المائة أكبر زيادة شهرية بالنسبة المئوية منذ أيار (مايو) عام 2009.
وزاد سعر عقود الخام الأمريكي عند التسوية 1.59 دولار أو 3.30 في المائة إلى 49.76 دولار للبرميل مسجلا زيادة قدرها 3.1 في المائة لشهر شباط (فبراير)، وقد لاقت عقود النفط الآجلة دعما من تعطل إمدادات في بحر الشمال ونمو قوي للطلب الصيني على النفط.
وأسهمت توقعات بتحسن الطلب على الخام في ارتفاع سعر برنت 18 في المائة منذ بداية الشهر المنصرم من 52.99 دولار للبرميل في آخر تسوية في كانون الثاني (يناير).
ولاقى النفط أيضا دعما من تعطل الإنتاج والصادرات من ليبيا والعراق في الأسابيع الأخيرة، كما تشير التقارير الاقتصادية إلى استمرار تراجع منصات التنقيب عن النفط والغاز في الولايات المتحدة للأسبوع الـ 12 على التوالي على الرغم من استمرار ارتفاع الإنتاج.

الأكثر قراءة