العائلة التي أصبحت لونا

كان الفتى تشارلز يعمل في مصنع قطن مع والده بشغف. لاحظ جميع العمال تميزه وبراعته على الرغم من صغر سنه؛ فهو لم يكن يتجاوز 15 عاما. أداؤه خطف إعجاب الجميع. المسؤول وغير المسؤول. الكل تنبأ له بمستقبل زاهر في هذا المصنع. ردّد كثير من الموظفين على مسامع والده كثيرا: "ابنك سيكون مديرنا يوما ما". سمع أبوه العبارة كثيرا حتى كاد أن يصدقها. كبر تشارلز وكبرت معه أحلامه بأن يصبح في المستقبل مديرا لهذا المصنع الذي صرف في أمعائه شهورا عديدة بمتعة.
بعيدا عن أداء تشارلز البديع وظيفيا كان لافتا في مبادراته. ففي ذكرى زواج والديه ذهب إلى محل مجوهرات واقتنى عقدا وسأل والده أن يقدمه لأمه كأنه هدية منه بمناسبة ذكرى زواجهما. شكر الأب الابن كثيرا وقدم الهدية لزوجته. سعدت بها شريكة حياته وازدادت فرحتها كون العقد الذي قدمه لها زوجها كان جذابا. وضعته في عنقها فور أن ظفرت به ولم تخلعه من فرط تعلقها بهِ وحبها له. الإعجاب بالعقد لم يكن مقصورا عليها. كل من يشاهد رقبتها كان يتوقف ليسألها عن عقدها، من أين اشترته؟ وبكم؟ لم يسمع الأب امتنانا من زوجته تجاهه، كما سمعه إثر هذا العقد الفريد.
في يوم عمل هادئ طلب الأب من ابنه تشارلز عام 1837 أن يلتقي به في مكتبه في المصنع. طلب الأب من ابنه أن يترك العمل. أخبره أنه برع في اختيار هدية لوالدته لذلك يرى أنه ربما يصبح "جواهرجيا" ناجحا. ضحك الابن وهو يقول: "لا أملك خبرة. ليس لدي تجربة". رد عليه الأب بأن ما فعله العقد، الذي اختاره لأمه قادر على إسعاد كثير من نساء مدينته. أقرضه والده 1000 دولار أمريكي. افتتح بها مع رفيق دراسته يونج محلا صغيرا. لم يبع المحل سوى بنحو 38 دولارا فقط في أسبوعه الأول. لم يدم هذا الركود طويلا. تحول إلى ملتقى للسيدات بفضل الحلي والمجوهرات التي أبدع في انتقائها تشارلز. نجاحه دفعه إلى تصميم مجوهرات خاصة تعبر عن ذائقته. ذاع صيته وتعاون مع توماس أديسون في تصميم مصابيح مسارح عالمية. افتتح فروعا لمعرضه في لندن وباريس وعواصم العالم.
هناك كثير من نساء العالم يعرفن تيفاني، لكن القليل منهن فقط يعرفن تشارلز تيفاني الذي جعل اسم عائلته لونا عالميا. فالأزرق المخضر أو (أكوا بلو) أصبح لا يعرف سوى باسم تيفاني بفضل وفرة استخدامه له في منتجاته.
انتبه والده إلى موهبته فانتبه إليه العالم. كلما سقى آباؤنا شجر إبداعنا مبكرا أمطرنا العالم ثمرا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي