حكاية «فوسكا»

يتجول رئيس الأوروجواي خوسيه موخيك بسيارته من طراز الخنفساء التي أنتجتها مصانع "فولكس فاجن" عام 1987. بل إنه يواصل استخدامها في أثناء حضور الفعاليات الرسمية، دون حراسات أو أمن أو مرافقات.
تأملت في حال هذا "الكافـ..."، كيف أنه أمضى فترة رئاسية كاملة ويكاد يخرج من المكتب الرئاسي وهو متمسك بتلك السيارة العتيقة، وهو يمتلك القدرة على تحسين حاله كرئيس للدولة. سلبت هذه السيارة الأضواء من "البانورامات" و"المايباخات" و"الرولز رويسات"، التي "يمتطيها" غيره من رؤساء العالم.
لكن هل هذا من قبيل الدعاية الانتخابية؟ لا أعتقد ذلك، فالرجل لا يحق له أن يرشح نفسه لانتخابات قادمة، وهو بهذا يحصل على الحق في أن يغير من أثاثه أو سياراته أو "قصوره" ما يشاء، لكن الواقع يقول إن الرئيس يعيش في مزرعته ويغازل سيارته العتيقة، ويكيل لها المدح في "الروحة والجية". إخلاص ما بعده إخلاص عندما يقول إن هذه السيارة ستبقى رفيقة عمري ولن أتنازل عنها.
بعد أسابيع قليلة سيغادر الرجل مكتب الرئاسة للأبد، ولكنه لم يستفد من هذه الفترة الحرجة في تحقيق مزايا شخصية، كتعيين قريب أو تغيير تنظيم أو منح أراض أو توقيع قرارات لم يكن ليوقعها في أثناء رئاسته للدولة، هل تعرفون من يفعل ذلك؟
قصة التنازل عن السيارة هي الأخرى تحتاج إلى رواية وحكاية، فقد عرض ثري عربي على الرئيس مبلغ مليون دولار مقابل التنازل عن "الفوسكا العتيقة" كما يسميها أهل الأوروجواي، وحصل على عرض سخي حسب تعبيره من "ثري مكسيكي". لاحظت أن العرضين أتيا من دول العالم الثالث ولم أجد تفسيراً لذلك سوى أحد أمرين:
ــ يحصل "أناس" في هذه الدول على الأموال، ولا يقول لهم أحد من أين لك هذا؟ ودون مجهود، ما يجعلها أموالا ينطبق عليها المثل الغربي" ما جاء بسهولة يذهب بسهولة".
ــ التفسير المنطقي الآخر هو أن هذا العالم الثالث لا يمكن أن يرى فيه المواطن رئيسه "يمتطي" مثل هذه "الخردة"، وما يفعله الرجلان هو حماية لعيون وآذان وعقول ومنطق مواطنيهم من آثار الدعاية الكاذبة والتأليب على الحاكم، باعتبار هذه السيارة أداة من أدوات المؤامرة الكبرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي