Author

بعد فقاعة منتصف 2014 .. العقار يتجه إلى التصحيح بـ 75 % خلال العامين المقبلين

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
أظهرت أحدث البيانات المنشورة على موقع صندوق النقد الدولي (Global Housing Watch)، التي تقيس وتراقب مؤشرات الأسواق العقارية وأسعار المنازل على مستوى دول العالم، أن نمو أسعار المنازل في السعودية بموجب البيانات الصادرة عن وزارة العدل، وبعد مقارنتها بالتغيرات في الأسعار للفترة المقارنة بين النصف الأول من عام 2014 والنصف الأول من عام 2013، أن السعودية احتلت المرتبة الأولى في نمو أسعار المنازل بمعدل سنوي 16.4 في المائة، وحلت في المرتبة الثانية إستونيا بمعدل نموّ سنوي 15.9 في المائة، ثم أيرلندا في المرتبة الثالثة بمعدل نمو سنوي 9.1 في المائة، ثم المملكة المتحدة في المرتبة الرابعة بمعدل نمو سنوي 8.1 في المائة، وجاءت أستراليا في المرتبة الخامسة بمعدل نمو سنوي 7.4 في المائة. أما على مستوى الدول الأكثر انخفاضا في أسـعار المنازل للفترة نفسها، فقد جاءت أوكرانيا كأكثر الدول التي تعرضت فيها أسعار المنازل للتراجع نتيجة الأوضاع السياسية غير المستقرة التي مرت بها ولا تزال حتى تاريخه، مسجلة معدل انخفاض سنوي بلغ -28.6 في المائة، تلتها الهند بمعدل انخفاض سـنوي بلغ -7.8 في المائة، ثم سـلوفينيا بمعدل انخفاض سـنوي -7.0 في المائة، ثم روسيا بمعدل انخفاض سنوي -6.0 في المائة، ثم اليونان وإيطاليا وسـنغافـورة وإسـبانيا بمعـدلات انخفـاض سـنوية بلغت حسـب الترتيب -5.6 في المائة، و-5.2 في المائة، و -5.0 في المائة، و -4.1 في المائة. #2# إن نتائج قراءة أوضاع السوق العقارية المحلية من الداخل، ومقارنتها بالأسواق الأخرى في بقية بلدان العالم، تؤكد التضخم الكبير الذي وصلت إليه مستويات الأسعار في السوق العقارية المحلية، التي سبق التطرّق إليها بالتحليل والبحث في أسبابها الحقيقية في أكثر من مقام ومقال، بدءا من احتكار الأراضي بمساحات شاسعة جدا، وانتشار ظاهرة الصكوك المزورة التي بدأت وزارة العدل بمحاربتها وإلغائها (وصلت مساحات الصكوك المزورة الملغاة حتى آخر إعلانات وزارة العدل إلى 1.451 مليار متر مربع "1451 كيلو متر مربع")، وفاقم من حجم الأزمة الغياب الكبير لاستغلال فرص الاستثمار البديلة، الذي دفع بدوره السيولة المحلية الضخمة للاتجاه نحو الاستثمار الاكتناز والمضاربة في السوق العقارية، زاد من جاذبيتها أمام ملاك الثروات والباحثين عن أرباح على رؤوس أموالهم، خلو السوق العقارية من أية أعباء وتكاليف، زائداً انخفاض مستويات المخاطرة مقارنة ببقية البدائل الاستثمارية، إلا أن اتساع دوائر التلاعب بالأسعار وممارسات التضليل، والتدوير الهائل للسيولة على مخططات الأراضي، أدى إلى اشتعال مستويات الأسعار بصورة خارجة عن السيطرة وحتى عن العوامل الاقتصادية والمالية كافة، كمحددات لأداء أي سوق أو نشاط، وذلك بسبب تلك الممارسات المضللة والتدوير الكبير للأموال. ###ارتفاع إيجارات المساكن جاء ارتفاع إيجارات المساكن (بيوت، فلل، شقق) كنتيجة تابعة لارتفاع الأسعار في السوق العقارية، وقد يفيد توافر مؤشرات قياسه كما تبيّنه البيانات المنتظمة لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، في التعرّف على المدى الذي وصلتْ إليه مستويات الأسعار. حيث تبين البيانات إلى تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ارتفاع معدلات الإيجارات لعام 2014 بنحو 4.3 في المائة، فيما يُقدّر وصول الارتفاعات التراكمية في إيجارات المساكن خلال الفترة 2005-2014 إلى أعلى من 125.2 في المائة (بمعنى أنّ إيجار شقة كان في عام 2005 يبلغ 12.0 ألف ريال، هو في الوقت الراهن بموجب نسب التغير التراكمية يتجاوز 27.0 ألف ريال، أي 2.3 ضعف ما كان عليه قبل نحو 8 أعوام). #3# وكما تبين مؤشرات أسعار الإيجارات أن وتيرة الارتفاعات القياسية بدأت منذ عام 2007، حيث سجلت نموا سنويا فاق 10.1 في المائة، ثم ارتفعت بوتيرة أعلى في عام 2008 بنحو 20.9 في المائة، وظلت تتراجع عن معدلاتها القياسية التي ما زالت مرتفعة حتى عام 2012، لتخف حدة الارتفاع بحلول عامي 2013 و2014، وهي الفترة التي دخلت فيها السوق العقارية المحلية مرحلة من الركود، لعلها وصلت إلى نهايتها الحتمية مع نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، الذي بدأت خلاله الأسعار بالتنازل عن قممها التاريخية التي وصلت إليها، نظير عدد من العوامل الدافعة إلى تراجع الأسعار، وكما هو معتاد عند قمم الفقاعات السعرية؛ تبدأ الأسعار بتهدئة سرعتها تدريجياً كلما اقتربت من القمم، وكذا الحال حينما تبدأ بالتراجع إلى درجة قد تكون غير لافتة للعيان خاصة في أسواق العقار، غير أنها سرعان ما تتهاوى بسرعة أكبر في فترات زمنية لاحقة قد تستغرق نحو ستة أشهر إلى 12 شهرا، ثم تدخل في موجة سعرية هابطة قد تمتد إلى أكثر من سبعة أعوام. ###توقعات اتجاهات الأسعار الفترة الراهنة ومستقبلا حينما ينصح الباحثون عن تملك مساكن لهم ولأسرهم، بتأجيل وتأخير قرار الشراء خلال هذه الفترة المتقلبة وغير المستقرة، وهي الفترة الراهنة التي بدأت بالركود منذ عامين، كان من أسباب إطالة عمرها بهذه الصورة عاملان رئيسان؛ الأول: تأخر إجراءات وزارة الإسكان عما كان مخططا له أن يتم. العامل الآخر: زيادة التلاعب بالأسعار والممارسات المضللة في السوق من قبل الناشطين والمتعاملين فيها، سعيا منهم إلى منع أو تأجيل موعد تراجع الأسعار، وهي فترة يتم خلالها بيع أكبر قدر ممكن من الأصول العقارية، أو التخارج منها بأعلى الأرباح الرأسمالية. #4# ومع بدء وزارة الإسكان بالتحرك وإن كان متأخرا، إلا أنه سيحدث فوارق واضحة حال تحققه، وبدء وزارة العدل بالكشف عن البيانات الفعلية لنشاط السوق، وتدشين أنظمة ولوائح التمويل المالي باشتراطاتها المتشددة، وبدء تراجع سعر النفط بنحو 30.0 في المائة، وتوقع امتداد فترة بقاء سعره ضمن مستوياته الراهنة لعامين قادمين على أقل تقدير، وترقب الاقتصاد الوطني والسوق العقارية للبدء بتطبيق الزكاة على الأوعية العقارية بمختلف أنواعها، يليها إقرار الرسوم على الأراضي داخل النطاق العمراني، كل تلك المتغيرات سيشاهد المراقب لها أنها أشبه بمضخات سلبية على الأسعار المتضخمة في السوق العقارية كما نشهده في الوقت الراهن، وأنها مع الوقت وبزيادة زخمها على السوق ستؤدي إلى صدمات بالغة التأثير في الأسعار، يقدر أن تصل آثارها مجتمعة إلى تصحيح الأسعار بما لا يقل عن 75 في المائة في منظور العامين المقبلة، ستبدأ تدريجيا في تصحيح مستويات الأسعار المتضخمة، وهو النمط الصحي المأمول أن تسير عليه تراجعات الأسعار كما هو متوقع، ذلك أن الصدمات القاسية قد تنتج عنها آثار أكثر سلبية من الإيجابيات المرتقبة من تراجع الأسعار. في طور هذا السيناريو لتراجع الأسعار الذي بدأ فعلياً منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قد يفضل بالنسبة للمشتري تأجيل قرار الشراء إلى وقت أفضل من حيث وضوح الرؤية، والمطمئن في هذا الخيار أن الطريق أمام ارتفاع الأسعار أكثر مما وصلت إليه في منتصف العام الجاري، يعد أمرا مستحيلا خاصة ما التحسن الكبير الذي بدأ يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي، وعلاقته المباشرة بسعر صرف الريال السعودي، يضاف إليه العوامل التي تم الإشارة إليها أعلاه. كما لا يجب إغفال انكشاف فائض العرض من الوحدات السكنية، المقدر بنحو 635 ألف وحدة سكنية، الذي يكشف عن زيف المزاعم العقارية التي كان يروج لها طوال الأعوام الماضية الأخيرة، كنوع من الضغط على معنويات الأفراد للرضوخ والقبول قسرا بالأسعار المبالغ فيها من قبل تجار التراب والسماسرة التابعين لهم. كما يمكن التأكيد على أن امتناع المشترين المحتملين، وتحت هذه الشفافية المتسعة رقعتها حول خفايا السوق العقارية، أنها مع اتساع دوائرها بين الأفراد قد تؤدي إلى الإسراع بتراجع مستويات الأسعار المتضخمة، وهو أمر محتمل وتقليدي إذا ما حدث، عدا أن نجاح وزارة الإسكان في تحقيق درجات متقدمة من إنجاز المهام الموكلة إليها، بصورة تؤدي إلى سحب أجزاء من قوة الطلب على المساكن؛ أقول أن من شأنه مضاعفة الضغط على مستويات الأسعار. إجمالا؛ تجتمع كل تلك العوامل المشار إليها أعلاه لترجح دون أدنى شك كفة تراجع الأسعار، كما لم يعد يوجد ما يبرر ارتفاعها سواء كان هذا المبرر مقبولا اقتصاديا أو ماليا أو غير مقبول كممارسات التضليل والتلاعب والغش والتدليس! وأن مستويات أسعار الإيجارات في حال تراجع مستويات الأسعار السوقية، ستتبع حالة التراجع تلك كما سبق وأن لحقت بها أوقات الارتفاع، وهو ما يخفف الضغوط على الأفراد أثناء فترة ترقبهم لما تنتهي إليه الفترة الراهنة من تراجعات الأسعار، ويضعهم في موقف أقوى مقارنة بالملاك والمؤجرين.
إنشرها