العالم

باحثة فرنسية: «الانتحاريات» العربيات يسعين لإثبات الذات وتخطي التقاليد والأعراف

باحثة فرنسية: «الانتحاريات» العربيات يسعين لإثبات الذات وتخطي التقاليد والأعراف

باحثة فرنسية: «الانتحاريات» العربيات يسعين لإثبات الذات وتخطي التقاليد والأعراف

باحثة فرنسية: «الانتحاريات» العربيات يسعين لإثبات الذات وتخطي التقاليد والأعراف

ما دور المرأة في العمليات العسكرية؟ ومن أين نشأت فكرة تجنيد النساء لتنفيذ عمليات انتحارية؟ مواضيع عالجتها الباحثة الفرنسية كارول أندريه ديسورن الحائزة دكتوراه في علم الاجتماع. تعمل ديسورن كمستشارة مختصة في الشؤون الجيوسياسية مع عدد من المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة وهي مؤلفة كتاب “استشهاد المرأة في العالم العربي: لبنان وفلسطين والعراق”. التقت «الاقتصادية» بديسورن وكان لها الحديث التالي نصه معها حول هذه الظاهرة غير الرائجة نسبياً حتى الآن في بلاد الشام. من كانت أول امرأة نفذت عملية انتحارية؟ اللبنانية سناء محيدلي كانت أول فتاة تنفذ عملية انتحارية ضد الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان في 9 نيسان (أبريل) 1985 وهي في السابعة عشرة من عمرها، وقد تبنى وقتها الحزب القومي السوري الاجتماعي هذه العملية. تتحدر سناء من عائلة لها تاريخ طويل من النضال والعمل السياسي. تجدر الإشارة إلى أن عدد العمليات الانتحارية التي نفذتها نساء في لبنان يصل إلى نحو الاثنتي عشرة عملية استهدفت في معظمها الجيش الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي (المتحالف مع إسرائيل). ماذا عن ظاهرة الاستشهاديات في فلسطين؟ قامت وفاء إدريس في عام 2002 في فلسطين بأول عملية استشهادية استهدفت مدنيين وعسكريين إسرائيليين. توالت لاحقا العمليات الاستشهادية من النساء في الأعوام 2003 و2004 و2006 لتصل إلى عشرات العمليات. إنما في الوقت نفسه قبضت السلطات الإسرائيلية على مئات النساء اللواتي اتُهمن بمحاولة تنفيذ عمليات انتحارية أو مساندة المشاركين في العمليات الانتحارية. إذن كان للبنان دور رئيسي في تاريخ هذه الظاهرة؟ نعم، لأن هذه الظاهرة ولدت في لبنان. ما الذي يميز التفجيرات الانتحارية التي تنفذها نساء في لبنان عن تلك التي تنفذ في فلسطين؟ تندرج العمليات الانتحارية في لبنان في إطار استراتيجية محاربة الاحتلال (الإسرائيلي) وجميع النساء اللواتي شاركن في العمليات انتمين إلى حركات أو أحزاب علمانية، وقد اخترن دوما أهدافا عسكرية. أما في فلسطين فالوضع مختلف تماما بما أن هذه العمليات وُجِّهت بمعظمها ضد مدنيين. تبنت كتائب شهداء الأقصى، وهي فرع من حركة فتح، في البداية هذه العمليات في حين كان يرفض الإسلاميون مبدأ أن تشارك المرأة في تنفيذ تفجيرات انتحارية. لاحقا، سمح الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس بانخراط المرأة في هذه العمليات، وسرعان ما حذت حذوه حركة الجهاد الإسلامي. #2# ما الأسباب التي قد تدفع بالمرأة لتنفيذ عملية استشهادية؟ قد يكون أحد أهم الدوافع التي تحث النساء على تنفيذ مثل هذه العمليات الرغبة الكبيرة في تحرير الأرض من الاحتلال أو الانتقام والثأر لفقدان أفراد من الأسرة. وقد يعتري بعضهن الآخر شعور مرير بالإهانة والذل أو بأن لا مستقبل لهن. بعض النساء يحاولن أيضا أن يثبتن أنهن قادرات على القتال والنضال تماما كما أي رجل. ما تأثير إيران على حزب الله اللبناني الذي جعل من فكرة الاستشهاد عنصرا أساسيا من استراتيجيته في القتال ضد إسرائيل؟ إن فكرة "الشهادة" هي في الأصل فكرة مسيحية. كما أن موضوع الشهادة متجذر في عاشوراء الشيعية. لاحقا، اتخذ مفهوم الشهادة خلال الثورة الإيرانية، التي لم يكن لديها في بدايتها أي دلالة دينية، حيزا شديد الأهمية. في ذلك الوقت تأثر آية الله الخميني بأفكار علي شريعتي الذي بدوره استهوته الأيديولوجيات المتعاطفة مع العالم الثالث وفكر اليسار التقدمي، هذه الأفكار التي نفحت في المذهب الشيعي روحا ثورية مع ظهور"التشيّع الأحمر" الذي اتخذ طابعا أكثر عدوانية. أعطى شريعتي أهمية كبرى للتضحية بالنفس مع مقولته الشهيرة "كل يوم هو يوم عاشوراء وكل أرض هي أرض كربلاء". ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق ووصول الخميني إلى السلطة أنشأ هذا الأخير جيش الباسيج أو "قوات التعبئة الشعبية" وغذى لديه فكرة التضحية بالنفس من خلال تشجيع الشباب على الشهادة واستخدامهم لتحديد أماكن الألغام قبل وصول الجنود. لا شك أن حزب الله تأثر بهذا المفهوم وقد قاد عملياته الانتحارية الأولى في لبنان في عام 1982. ومع ذلك، لم يسمح حزب الله للنساء بالمشاركة في هذا النوع من العمليات الانتحارية لأنه يعتقد أن دور المرأة يقتصر على الرعاية الأسرية والاهتمام بالجرحى والمحاربين وتأمين الخدمات اللوجستية. #3# هل تغير مفهوم الشهادة في العراق خاصةً عند المرأة؟ تبنى البعث العراقي عمليتين استشهاديتين لنساء في 2003. كما جرت العمليات الاستشهادية الأولى التي نفذتها نساء من تنظيم القاعدة في شهر أيلول/سبتمبر 2005،غير أن هوية المنفذات بقيت مجهولة لأن التنظيم لم يصرح عنها. استهدفت غالبية هذه الهجمات قوات الأمن العراقية وأعضاء الطائفة الشيعية الذين اعتبرهم أبو مصعب الزرقاوي من الكفار. هذه العمليات كانت تجري عادةً يوم الجمعة أمام المساجد وفي الأسواق الشعبية. في البداية لم يعتبر أبو مصعب الزرقاوي أنه من الملائم استخدام النساء في مثل هذه العمليات، غير أنه عدل عن هذا الموقف لاحقا بسبب نقص المتطوعين ولأنه اعتبر أن النساء يؤمنَّ له تغطية أكبر. فالنساء لا تثرن الشبهات ولا يجري عادة تفتيشهن. وعلى الرغم من أننا لا نملك أرقاما دقيقة عن العمليات الانتحارية التي نفذتها نساء، إلا أنني أعتقد أن 10 % من الهجمات التي يصل مجموعها إلى نحو المئة، قامت بها نساء. هذا وقد شاركت امرأة بلجيكية تدعى مريل دوجوك اعتنقت الإسلام بعد زواجها من رجل مغربي في إحدى العمليات في العراق في عام 2005. ما دور المرأة في منظمات مثل تنظيم "الدولة" (داعش)؟ أنشأ التنظيم خلايا نسائية وأناطت بها مهام عدة مثل الوقوف عند نقاط التفتيش والمشاركة في القتال، واستخدام المرأة من هذه التنظيمات هو استراتيجي في المقام الأول. قد يتطور هذا الدور مع زيادة عدد النساء المشاركات في العمليات الإرهابية. غير أن التبريرات التي يستخدمها تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية تختلف عن الجماعات العلمانية، حيث يبذل الاستشهاديون أنفسهم في سبل قضية وطنية في حين تبرر الجماعات المتطرفة عمليات الاستشهاد في حربها ضد الكفار. هل من الممكن أن يتطور دور المرأة مع الوقت في هذه العمليات وتفرض نفسها في المجتمعات العربية التي لا تزال حتى الآن مجتمعات ذكورية؟ الأمر رهن بمدى استمرار النزاع، فكلما طالت النزاعات والحروب كلما زادت إمكانية أن تعزز المرأة دورها وتحظى بحيز أكبر في مثل هذه النشاطات. إنما هذه الظاهرة تبقى ظاهرة ثانوية واستثنائية حتى لو عرفت رواجا كما حصل في فلسطين أو العراق. ولا شك أنه بالنسبة إلى بعض النساء، هذه العمليات هي وسيلة لتثبت المرأة ذاتها ولتبرهن أنها قادرة على تخطي التقاليد والأعراف.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من العالم