العالم

توافق أمريكا و«الإخوان» حول مفهوم الثورة وراء ظهور «داعش» و«النصرة»

توافق أمريكا و«الإخوان» حول مفهوم الثورة وراء ظهور «داعش» و«النصرة»

يرى الباحث اللبناني الدكتور مازن شندب أن تنظيم "داعش" لا يمكن أن يكون مجرد صفحة تطوى كما تطوى صفحات أخرى. كما تطرق الكاتب لاتفاقات وتحالفات دولية مهدت لتمكن المتطرفين. وشرح شندب الأستاذ في الجامعة اللبنانية الذي وصف بأنه "باحث في قضايا الإرهاب" وجهة نظره هذه في كتاب صدر له أخيرا بعنوان "داعش .. ماهيته، نشأته، إرهابه، أهدافه، استراتيجيته". الكتاب الذي قدمت عنه وكالة "رويترز" نبذة تعريفية، ورد في 160 صفحة متوسطة القطع صدر عن (الدار العربية للعلوم ناشرون) في بيروت. وحمل الغلاف علم الدولة الإسلامية التي كانت تعرف من قبل باسم "الدولة" في العراق والشام. وجاء الكتاب في سبعة فصول ومقدمة وفصل تمهيدي وخاتمة وقائمة هوامش في ثلاث صفحات. وعلى الرغم من كون الموضوع جديدا نسبيا وقلة ما كتب عنه من أبحاث باستثناء الكتابات الصحافية وهو أمر أقر به شندب فقد قرر الخوض فيه متكلا على ما وصفه بالروح الموضوعية قائلا إن هذا يكفي. لكن لا بد من أن يلاحظ القارئ أن كثيرا مما ورد في الكتاب يعتبر أقرب إلى الاستنتاجات الشخصية منه إلى المواد الموثقة وفيه كثير من التبسيط ومن الأسئلة التي تطرح لكن دون وجود أجوبة أكيدة عنها. وفي تقديم الكتاب قال شندب عن تنظيم الدولة "وسواء لعبت اللعبة الإعلامية لعبتها في داعش ومعه فظهرته على أكثر مما هو عليه وسواء انتهى داعش اليوم أو غدا إلا أن ذكراه وذكريات أعماله وممارساته لا يمكن أن تشكل مجرد صفحة تنطوي كما طوي أكثر من نصف (القاعدة) بعدما طوى الأمريكيون صفحة حياة زعيمها أسامة بن لادن". وأضاف "فمع داعش اتخذت السلفية الجهادية طريقا آخر منحرفا هذا الطريق أم غير منحرف، ليس مهما، فالمهم أن تنظيم داعش أضحى علامة فارقة، وعنفه وضع بنيانا آخر للإرهاب. والخطير في الأمر أنه بنيان يبني نهجا آخر للإرهاب أكثر هولا ورعبا، عندما يرث هذا التنظيم تنظيم آخر أو (خليفة) آخر إلى أن يرث الله رب العالمين الأرض ومن عليها". واستطرد "خطورة الإرهاب تتجسد أولا وبشكل رئيسي في فائض العنف والقتل الذي ينزله غالبا بمدنيين أبرياء يشكل استهدافهم بلاغا وتعميما إلى من يهمه الأمر وإلى كل مقصود من الأمر وهي الخطورة التي لم يتفوق عليها حتى تنظيم القاعدة. إن قواعد اللعبة مع داعش مختلفة جذريا فأنت أمام تنظيم حول نفسه إلى دولة خلافة وهناك (خليفة) يأمر فيطاع وبالتالي هناك استراتيجية متكاملة يسخر الإرهاب لتنفيذ بنودها دون مناورة أو تنازل ومهما أوتيت من قوة وبطش". "ومما يزيد من هذه الخطورة ويرفع من وتيرتها أن هذه الدولة لم تزل في طور التكوين وهو ما يعني أنها تعمل من أجل تصليب عودها لتتمكن وتترسخ وهي في سبيل ذلك ستصدّر القدر الأكبر من العنف المرتكز على أسس دينية وشرعية فسرتها الدولة الإسلامية وفق ما يجب إنجازه". وتساءل قائلا "هل نحن أمام تقسيم أدوار بين داعش والقاعدة أم أن داعش هو فعلا تنظيم خرج إلى غير عودة من عباءة القاعدة فبنى لنفسه قواعد أخرى؟". "هل أن تنظيم "الدولة" في العراق والشام هو تنظيم قائم بذاته ومستقل عن أي دولة أم لا يتجاوز أن يكون صنيعة لجهاز استخبارات لإحدى الدول أو لأكثر من دولة التقت المصلحة على أن تلتقي في هذا التنظيم الإرهابي ومن بعدها سيلتقون عليه لشطبه من المعادلة بعد أن يكون قد أنجز الغرض المطلوب منه إنجازه؟". وفي نهاية الكتاب واختتام المؤلف النتائج والاستنتاجات التي توصل اليها قال إنه يمكن القول إن الممارسات الأمريكية منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر "قد ضاعفت من قوة من يرفع لواء الجهاد كوسيلة وحيدة لردع الولايات المتحدة وثنيها عن سياساتها الإمبريالية والظالمة بحق العرب والمسلمين وأصبح القضاء على هؤلاء أشبه بالمستحيل وذلك بسبب تمددهم وتجذرهم في المجتمعات العربية وبسبب التنظيم الدقيق الذي يصبغ هذا التمدد أو ذاك التجذر". وأضاف يقول "إن الولايات المتحدة وعلى الرغم من جميع المحاولات التي لجأت إليها وعلى الرغم من الصفقات التي أبرمتها مع تيار ما أسمته بالإسلام المعتدل ليس فقط عجزت عن مكافحة هذه الجماعات وإنما أيضا أدركت وأيقنت بأن هذا التيار العريض أصبح ثابتا وحيدا في معادلات المخاطر التي تواجهها في المشرق العربي والعالم الإسلامي وأدركت أيضا أن تأثير هذا التيار في مشروعها في الشرق الأوسط يقتصر على العرقلة من دون أن يصل إلى حدود العائق القادر على شل مشروعها شللا نصفيا". وانتقل إلى القول "والإخوان المسلمون العرب منهم وغير العرب صدّقوا عن قناعة أو قلة دراية لا فرق، صدقوا أنهم القادرون على إخراج الولايات المتحدة من مأزق ممارساتها عندما يبادرون لإعطائها صكا إسلاميا سنيا شرعيا وهي أيضا مشت مع الكذبة فكانت النتيجة (داعش) و(النصرة) والله وحده يعلم من سيأتي بعدهما في المستقبل القريب أوالبعيد". وقال طارحا فكرة أن مفهوم الثورة مفهوم غريب عن العرب "إن الإخوان المسلمين الذين ساروا في موكب التنظير الغربي الأمريكي أي الثورة انتهوا كما انتهت الثورة التي نظروا لها حالمين بأنها ستتمكن من تسييدهم غائبا عن بالهم أن ثقافتنا نحن العرب لا تتلاءم مع النظرية الغربية في الثورة وناسين أننا نحن العرب لم تكتمل شروط نهضتنا الحداثية لابتلاع مفردات وحالات الثورة بمفهومها الغربي فابتلعتنا هي". وتحدث عن "أبرز إيجابيات أو عناصر قوة السلفية الجهادية بقالبها الداعشي الذي قرأ الأحداث جيدا واستفاد من خطأ الغير كل الغير فالفشل الثوري الذريع والقاتل الذي غطاه المنظرون للثورات العربية بما أسموه المرحلة الانتقالية قفز من فوقه جهاديو الجيل الجديد عندما صدّروا مشاهد الذبح إما أن ترضخ وتسلم فتسلم وإما أن تذبح دون خيار ثالث". "إنها ليست مجرد أفعال ذبح سادية متطرفة ناقمة وثائرة. فأنت مع داعش أمام لعبة قمار بكل ما للكلمة من معنى، في نهاية اللعبة إما أن تنتهي وتموت وإما أن تسود وتحكم وتقيم خلافتك. مع داعش أنت أمام متغير مستقل واحد وهو إقامة الدولة الإسلامية. فاليوم تقضي المصلحة بأن نجعلك تشاهد فعل الذبح لكن غدا نعلمك بالذبح دون أن نريك عملية الذبح بحد ذاتها فأنت أمام متغير تابع اسمه فعل الذبح".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من العالم