ثقافة وفنون

مفكر أم مثقف؟ .. «فوضى الألقاب» هل تعكس «حقيقة» المشهد الثقافي السعودي؟

مفكر أم مثقف؟ .. «فوضى الألقاب» هل تعكس «حقيقة» المشهد الثقافي السعودي؟

مفكر أم مثقف؟ .. «فوضى الألقاب» هل تعكس «حقيقة» المشهد الثقافي السعودي؟

مفكر أم مثقف؟ .. «فوضى الألقاب» هل تعكس «حقيقة» المشهد الثقافي السعودي؟

مفكر أم مثقف؟ .. «فوضى الألقاب» هل تعكس «حقيقة» المشهد الثقافي السعودي؟

مفكر أم مثقف؟ .. «فوضى الألقاب» هل تعكس «حقيقة» المشهد الثقافي السعودي؟

مفكر أم مثقف؟ .. «فوضى الألقاب» هل تعكس «حقيقة» المشهد الثقافي السعودي؟

ما بين المفكر والمثقف، في الظاهر، شعرة رفيعة، لكن في العمق مسافات وأميال معرفية لا يقربها تبجيل بعض الجهات ولا أخذ المثقف لهذا التبجيل على محمل الجد والثقة. فالمثقف والمفكر وجهان لا يمكن أن يكونا لعملة واحدة، إلا فيما ندر، باعتبار أن كل مفكر مثقف، ولكن ليس كل مثقف مفكرا بالضرورة. جماهيرية اللقب يأخذ الكثيرون على سجالات المثقفين السعوديين، حول منح لقب "مفكر"، أنها لم تعد تقف عند المعايير المنهجية لهذا الاستحقاق بل تتجاوزه لتُدخِل رغبات المريدين والمعجبين في المعادلة. ما يعطي الموضوع زخما جماهيريا لا يُقفل بابه إلا ويعود ليفتح من جديد. وكما أن هناك من المثقفين من يقبل هذه المنحة "اللغوية" من مريديه ومعجبيه، فإن هناك من لا يقبل. إضافة إلى نوع آخر يثير الكثير من اللغط حوله حين لا يقبلها في حق غيره بينما يصمت إذا أتت في حقه. يعود طرح هذا الموضوع، بشكل شخصي وبالأسماء، للمشهد الثقافي السعودي، مع دخول المثقفين شبكات التواصل الاجتماعي، وعلاقتهم المباشرة بقرائهم ومعجبيهم الذين بدأوا يسبغون عليهم كثيرا من الألقاب، أو حتى عن طريق بعض المثقفين أنفسهم، الذين أثاروا الموضوع بتعريفهم المباشر لأنفسهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي كمفكرين أو فلاسفة. معاداة "الفلسفة" #6# بدأت هذه السجالات بشكل أكثر حدة حين نفى الناقد عبد الله الغذامي عام 2011 في حلقة برنامج "باختصار" التي بُثت على قناة "دليل"، وفي استمرار مواجهته الشهيرة لما سماها "الليبرالية الموشومة"، أن يكون إبراهيم البليهي بكل ما قدمه "مفكرا" ليبراليا. ليثير بهذا اللقاء الكثير من سخط المعجبين بفكر إبراهيم البليهي. ثم عادت هذه السجالات لتثار في 2012 من خلال مواقع التواصل أيضا، حين تساءل بعض الشباب عن سبب عدم وجود "مفكر" في السعودية بحجم "الجابري" أو "حنفي" أو "أركون". وهنا شارك الكثير من المثقفين في هذا السجال. وكان أن طرح اسم الغذامي من قبل بعض الشباب كمفكر. ليرفض ذلك الدكتور محمد آل زلفة مؤكدا "مع احترامي للغذامي لا أرى أنه وصل إلى درجة أن يكون له التأثير في مستوى الفكر أو أن يكون له مدرسة فكرية في الوطن العربي". #3# وهو ما أكده البليهي حينها، فلا وجود لمفكر سعودي، في رأيه، مع هذا الواقع الثقافي المعادي للفلسفة الذي لا يمكن أن يُنتج مفكرا له مشروع فكري يعتد بها، مستشهدا بالكثير من المفكرين الغربيين. ومتجاوزا الأمثلة العربية المطروحة من الشباب كمفكرين لأن كثيرا منهم "وسعوا الهوة" بأطروحاتهم بين الغرب والشرق، فزادوا "الكراهية" التي لم تكن تنقصنا كعرب، على حد تعبيره. فوضى المشهد #5# الناقد سعد البازعي يشير، في حديثه لـ "الاقتصادية الثقافية"، إلى عدم وجود معيار دقيق لتحديد ماهية المفكر، قائلاً إن المحاولات قائمة لتعريفه، مضيفاً أننا نضع التصورات حولها وللوصول لذلك نضطر غالباً لذكر أسماء للاستدلال بها على المقصود لإيصال القارئ للفكرة ليفهم أن المفكر هو من يمتلك إنتاجاً فكرياً يتضمن إضافة حقيقية إلى تاريخ الفكر، وما نقصده بالفكر "الجوانب النظرية لأي نوع من أنواع العلوم، كما هو قادر على تقديم رؤى تضيف لتلك العلوم في جوانبها النظرية، وكذلك في إضاءة القضايا والمشكلات الاجتماعية والثقافية في نهاية الأمر. وأوضح البازعي أن الفوضى الموجودة اليوم سببها غياب المعيار، واستسهال إطلاق لقب المفكر وقبوله ممن يُطلق عليه يعكس مستوى المشهد الثقافي في المنطقة، وإن أردنا معرفة من هو المفكر فعلينا أن ننظر للإنتاج الفكري للشخص أو الأطروحات المميزة التي خرج بها التي تتجاوز ضيق التخصص وحدوده لنظرة أكثر شمولية للعلاقة بين العلوم والمعارف، مبيناً أن الطريقة الوحيدة للخروج من هذه الفوضى هي بزيادة الوعي وإثارة القضية، وبأشكلة الوضع وهذا لا يمكن حصوله إلا بمشاركة المعنيين بالشأن الثقافي. عالم غير واقعي #2# الشاعر محمد العلي تحدث بداية برفضه لقب المفكر الذي يطلق عليه قائلاً "أنا مثقف، وحداثي نعم، لكنني لستُ مفكراً "، موضحاً أن إطلاق اللقب بات دارجاً دون حساب وكأنه لقب متداول لا معنى له، مضيفاً " التفكير هو أن توجد شيئاً يغير نسق الكتابة، وأن تشق طريقاً جديداً في حقل لم يسلكه غيرك". وعن سبب ذلك يوضح أن العالم العربي هو عالم لغوي غير واقعي، يسهل فيه إطلاق ألقاب ليست موجودة بيننا من باب المجاملة لا أكثر، ومع الأسف فنحن مقلدون ولا أحد منا وصل إلى هذه المرتبة، فالمفكرون والفلاسفة قليلون في عالمنا العربي ويمكن عدهم على الأصابع على حد قوله. هبوط حضاري #4# الناقد محمد عباس استبعد ظهور مفكرين، ويراه أمراً متعذر الحصول في هذا الوقت لأننا نعيش لحظة هبوط حضاري ويصعب في ظل هذه الخيبات أن يظهر المفكر إلا كحالة استثنائية منعزلة عن السياقات الجماعية بل مضادة لها. ورفض العباس إطلاق لقب مفكر بمجانية وكثرة، معتبراً ما يحدث اليوم نوعا من التجاوز في هذا الحقل يعكس حالة التردي الثقافي، مضيفاً بأننا نعاني بالفعل عدم وجود مشاريع ثقافية ذات قيمة يمكن من خلالها بروز مفكرين قادرين على توليد آفاق لتلك المشروعات وبالتالي يلجأ أشباه المثقفين وبعض الإعلاميين إلى إطلاق الألقاب على شخصيات أو رموز تحمل إسهامها الثقافي دون شك لكنها لا تبلغ رتبة المفكر، وذلك لأن المفكر لا يتولد بالصدفة إنما داخل حالة شاملة يكون فيها المجتمع ناقداً بطبعه ومهيئاً لفرز مجموعة أو شريحة من الرموز التي تستطيع أن تمثل القاطرة الأمامية للمجتمع. صراع المفاهيم ولم يمانع حسن أحمد الطويل إطلاق الألقاب ما دام الأمر لا يتجاوز المعنى اللغوي فقط، مبرراً ذلك في أن من يمارس التفكير بشكل متواصل فهو مفكر، إلا أنه في الوقت نفسه يؤكد ضرورة التعاطي بواقعية ودقة مع هذا اللقب لأن دلالة الكلمة عند المتلقي قد تختلف فيعتقد أنها تشير لأعلى طبقات الثقافة الواعية، ما يستدعي توحيد المفاهيم بين مطلقه ومستقبله، قائلاً "طالما نحن في إطار المعنى اللغوي فالنتاج المطلوب هو الإضافة الأصيلة لما هو موجود من ثقافة، لأن مثل هذه الإضافة تعتبر مؤشراً لحركة الفكر ونتيجة لمعالجة مدخلاته ودونها لا يمكن أن نستوضح ماهية من أطلق عليه اللقب، بل لا مبرر لإطلاق اللقب عليه من الأساس". وأضاف أن الاستخدام الرائج لكلمة مفكر إنما ينطلق من منطلقات لغوية لا اصطلاحية، وهي أزمة حقيقية يتداعى أمامها التفكير التنظيري وهي صراع المفاهيم وتصادمها، مستدركاً أن ما نحتاج إليه أولاً هو تأسيس مفاهيم موحّدة ثم ننطلق بعد ذلك لمعايرة مدى انطباق تلك المفاهيم على أي شخصية ذات سمات معينة. تصرف فج وفي الوقت الذي يصف فيه هادي رسول إطلاق الألقاب جزافاً بالتصرف الفج إلا أنه يرى أن الممارسة الثقافية أو الفكرية كفيلتان بتعرية مدعي هذه الألقاب، بل هما كفيلتان أيضاً بسطوع أصحاب الثقافة والفكر وانسجام ممارستهم مع ما تم إعطاؤهم إياه من ألقاب ونعوت. وأشار رسول إلى أن المثقف صنفان، إما مثقفا نوعيا وهو المثقف المتخصص في فرع واحد من فروع المعرفة، وإما مثقفا شموليا وهو متعدد التخصصات في فروع متعددة من المعارف، مضيفاً أنه لا يكفي وصف صاحب الاطلاع المعرفي أنه مثقف ما لم يكون هذا الاطلاع مؤثرا ومغيّرا على صاحبه قبل مجتمعه؛ لأن الثقافة صنعة تمكّن صاحبها من اتخاذها أسلوب حياة بمختلف اتجاهاتها و مجالاتها، أما المفكّر فذكر رسول أنه مرحلة متجاوزة للمثقف، فهو صانع للثقافة أو يعيد صياغتها على أقل تقدير، فالفكر هو ممارسة مستمرة في إنتاج ثقافة مؤثرة ومغيرة، وأكبر من مجرد اطلاع في حقول المعارف المختلفة . تغطية النقص من جانبه، أوضح الدكتور سلمان الحبيب أسباب ظاهرة ادعاء التفكير والثقافة وكثرتها في زماننا بسبب الانفجار المعرفي والانفتاح على الثقافات والعولمة إضافة إلى رغبة البعض تغطية الشعور بالنقص والدونية ليظهروا بمظهر الكمال والمعرفة ـ مشيراً إلى أننا نراها غالباً لدى بعض الأثرياء وجاهة وحباً في إبراز دور مصطنع ليكون المال وسيلة للتعويض. ونوه إلى أنه على الرغم من ذلك إلا أن الناس في هذا الزمن الذي نعيش فيه أصبحوا يدركون تماماً حقيقة الأفراد ويميزون من يصطنع الثقافة أو الفكر كما يميزون بين المفكّر الذي ينتج من ثقافته زاداً معرفياً وبين المثقف الذي يمتلك زاداً معرفياً ومعلومات متنوعة دون أن يأتي بجديد أو أن يصل إلى الرأي العام أو يقوم بتغيير بنية المجتمع وما يمتلكه من معارف ليقوم بالتقويض والبناء.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون