«سون» يراهن على نقل نجاحات «سوفتبانك» من اليابان إلى أمريكا

«سون» يراهن على نقل نجاحات «سوفتبانك» من اليابان إلى أمريكا

ماسايوشي سون، صاحب المليارات، مؤسس مجموعة الاتصالات سوفتبانك، ربما يكون المثال الأكثر نجاحاً في اليابان لصاحب مشاريع على الطريقة الأمريكية، فقد صنع مهنته من تغلبه على الصعاب.
إنه يلقي بنفسه في قالب بطله، سويشيرو هوندا، الأجنبي الذي بدأ صنع المحركات للدراجات، وانتهى به المطاف ببناء واحدة من كبرى شركات صناعة السيارات الرائدة في العالم. ويحب سون أن يتذكر الكيفية التي تحدى بها هوندا مخططي الدولة في اليابان، الذين أرادوا تقييد صناعة السيارات إلى عدد قليل من الشركات الوطنية الكبرى مثل تويوتا. كان ينبغي على هوندا أن يواجه المؤسسة القائمة إلى جانب مواجهة الشركات المنافسة.
مثل هوندا، سون يعتبر شخصاً مسبباً للاضطراب أيضا. فقد هدد مرة بصورة هزلية بإشعال مقر الأجهزة التنظيمية: "إذا لم تجر الأمور كما يتمنى". وفعل (حصل على ما تمنى، وهو ما يعني أنه لم يقم بإشعال وزارة الاتصالات).
بعد استحواذه على الذراع اليابانية لشركة فودافون في عام 2006، ألقى باحتكار الاتصالات الرزينة اليابانية إلى حالة من الاضطراب – والكثير منها كان لصالح المستهلكين. فقد بدأت "سوفتبانك" حرب أسعار. وأدخلت أيضاً خدمات ومنتجات جديدة، بما في ذلك هاتف آي فون التابع لشركة آبل، الذي أدرك سون قبل سنوات من أي شخص آخر، أنه قد يقلب السوق المتطورة، ولكنها معزولة في اليابان.
وكمساهم أيضاً، كان لدى سون لحظات من الإلهام، فمن بين الشركات الفاشلة الذين كان قد دفع مقابلها مبالغ ضخمة، يوجد بعض الجواهر الحقيقية. كان الأمر الأكثر إبهاراً رهانه المغامر بمبلغ 20 مليون دولار قبل 14 عاماً على "علي بابا"، عملاق التجارة الإلكترونية الصيني الذي كان آنذاك مجرد وميض في عين جاك ما.
"سوفتبانك" تجد نفسها اليوم مع حصة بقيمة 37 في المائة في الشركة التي يمكن أن يصل قيمة اكتتابها الأولي العام، في وقت لاحق من هذه السنة إلى 130 مليار دولار أو أكثر.
سون الآن في ذلك الأمر مرة أخرى، حيث تورط فيما يمكن أن يكون أكبر مقامرة في حياته. إنه يبدأ مواجهة مع أمريكا. في العام الماضي دفعت "سوفتبانك" مبلغ 22 مليار دولار لشراء حصة أغلبية في شركة سبرينت، ثالث أكبر شركة أمريكية مزودة لخدمات الهواتف النقالة.
الهدف من ذلك هو "إجراء حركة فودافون" باستخدام ناقل قليل النجاح، كوسيلة لتعطيل لإحداث اضطراب في قطاع بأكمله. وعلى الرغم من ذلك، فقد واجهت تلك الخطط بعض المتاعب هذا الشهر. في مواجهة المعارضة المستعصية من الأجهزة التنظيمية الأمريكية، سحبت "سوفتبانك" خطتها لتتحد مع "تي موبايل"، رابع أكبر شركة ناقلة للجوال، وهو الاندماج الذي كان محور استراتيجيتها.
سون لا يريد أن يستسلم. لقد عمل على تعيين رئيس تنفيذي جديد لشركة سبرينت، مارسيلو كلور في محاولة لوقف نزيف عملاء "سبرينت"، الذين كان قد انشق مئات الآلاف منهم في العام الماضي.
هذا الأسبوع بدأت معالم استراتيجية جديدة في الظهور. جنباً إلى جنب مع الشركة اليابانية شارب، طورت شركة سوفتبانك الهاتف الذكي القريب من كونه بدون إطار وبسعر رخيص.
وسوف توفر شركة سبرينت الهاتف اكوس كريستال مع 100 تطبيق تثبيت مسبق مجاناً، جنباً إلى جنب مع عقود تسمح بتنزيل غير محدود للبرامج.
وللتأكيد على طموحات سون العالمية، اقتنصت "سوفتبانك" في تموز (يوليو) نيكش أرورا، رئيس جوجل للعمليات التجارية، ليعمل في منصب نائب رئيس مجلس إدارة المجموعة والرئيس التنفيذي لوحدة مقرها الولايات المتحدة، تهدف إلى تنفيذ استراتيجيته المُحدِثة للاضطراب.
هناك الكثير من الأمور التي تتوقف على مغامرة سون في الولايات المتحدة، وليس فقط بالنسبة لشركة سوفتبانك. يوجد لدى الشركات اليابانية سجل قوي، وإن كان آخذاً في التلاشي، في تحدي المنافسين على أرضهم. الشركات غير الصناعية لم تحقق نجاحاً جيداً.
لقد فشلت محاولة بنك نومورا الجريئة لتحويل نفسه إلى بنك استثماري عالمي. والجهود التي تبذلها شركات الأدوية الكبيرة للتوسع في الخارج، بما في ذلك الاستحواذ الكارثي بقيمة 4.7 مليار دولار لدايتشي سانكيو على رانباكسي، وهي شركة هندية لصناعة الأدوية الموازية أو البديلة، لا توحي بالثقة. ويمكن لسون أن يفعل المعجزات عن طريق تحقيق النصر بتغلبه على الصعاب. في ظاهر الأمر، يبدو تحديه الأمريكي مشابهاً لذلك التحدي الذي طرحته "سوفتبانك" في اليابان. سبرينت هي داود الذي يستولي على اثنتين من العمالقة من عيار جالوت، أو فيرايزون وAT & T كما هما معروفتان في الولايات المتحدة.
لديهما تقريباً ضعف عدد المشتركين في شركة سبرينت. وبشكل مماثل لليابان من قبل "سوفتبانك"، تعتبر أسعار خدمة الهاتف النقال عالية وسرعاتها بطيئة نسبياً. في مؤتمر التكنولوجيا أخيرا، قال سون مازحاً إن تجربة الأجانب مع خدمات الإنترنت الأمريكية دفعتهم إلى التساؤل: "يا إلهي، كيف يمكن للأمريكيين أن يعيشوا هكذا؟".
في الحقيقة ستكون الولايات المتحدة مشكلة من الصعب حلها، فليست فيرايزون وشركة AT & T هما فقط المهيمنتان، وإنما لديهما إمكانية الوصول إلى نطاق أكبر مما هو مرجح لشركة سبرينت أن تدركه.
في اليابان كانت سبرينت قادرة على تطويق المنافسين من خلال بناء شبكة مقبولة وتقديم تعرفات أرخص في وقت واحد. في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن سبرينت تبذل جهوداً باسلة لترقية شبكتها غير المكتملة، سوف يكون من الصعب عليها اللحاق بقائدتي السوق الاثنتين.
إن لديهما أفضل تغطية والتدفق النقدي وافر لتمويل الاستثمار. إذا كان هناك أي شيء من ذلك، فإن شركة تي موبايل، والتي تحصل على مشتركين بأسرع من حركة شركة سبرينت بفقدانهم، تبدو وكأنها هي الشركة الناشئة ناجحة. يقول بنديكت إيفانز، وهو شريك في شركة رأس المال المغامر آندرسن هورويتز: "لدى شركة سبرينت جبل لتتسلقه".
لقد تلقى سون الضربات من قبل. في ركود الدوت كوم في أواخر التسعينيات، خسر سهم شركة سوفتبانك معظم قيمته، وقال سون إنه عانى خسارة دفترية غير محققة بقيمة 70 مليار دولار.
ومن شأن ذلك أن يفلس معظم أصحاب المليارات عدة مرات، ولكن ليس سون، فقد عاد مراراً وتكراراً من بين الأموات. "لا شيء يوقفه"، كما يقول أحد محللي الاتصالات. وأضاف: "لا يوجد شيء اسمه مستحيل بالنسبة لهذا الرجل".
ومع ذلك، وحتى مع اعتراف سون بذلك، فإنه بدون شركة تي موبايل لا يمكن لشركة سبرينت حشد قوة النيران اللازمة للتعامل مع قادة الصناعة على المدى الطويل.
وقال قبل إلغاء الاتفاق من قبل الأجهزة المنظمة إنه بدون شركة تي موبايل، فإن شركة سبرينت تفتقر إلى مقياس لأي شيء، ولكن "المعركة زائفة". بالتأكيد، لأنه يتمتع بكل فرصة ممكنة لتحسين الأداء الضعيف لشركة سبرينت من خلال الابتكار وتحسين الشبكة.
لزعزعة السوق الأمريكية بحق كما هز السوق اليابانية، سيحتاج سون إلى أن تغير الأجهزة التنظيمية رأيها. وربما تكون هذه الأجهزة مضادة للحريق.

الأكثر قراءة