منظمة التجارة تصف التحدي الروسي للعقوبات بـ «السابقة»

منظمة التجارة تصف التحدي الروسي للعقوبات بـ «السابقة»

قال محامون مختصون بعمل منظمة التجارة العالمية إن تحدي روسيا العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى ضدها في إطار المنظمة، سيكون سابقة جديدة في الكيان التجاري العالمي، لكن آلية المنازعات في المنظمة يمكن أن توفر مساعدة ستكون موضع ترحيب الأطراف كافة.
وسبق أن ذكرت ممثلية روسيا لدى منظمة التجارة في مذكرة قدمتها للمنظمة في 26 نيسان (أبريل) الماضي أنها قد تتحدى العقوبات الأمريكية والأوروبية أمام منظمة التجارة التي فرضتها في آذار (مارس) الماضي نتيجة للنزاع في أوكرانيا، غير أن الممثلية لم تقم بخطوة رسمية في هذا الاتجاه، على الرغم من أنها أكدت في مذكرتها أنها ستفوز في النزاع التجاري، إذا ما أطلقته.
وأشار محام مطلع بعمل منظمة التجارة لـ "الاقتصادية" إلى أن أي تحدٍ للعقوبات الأمريكية وغيرها لابد أن يأتي في إطار المادة الـ21 من منظمة "الاتقافية العامة للتجارة والتعرفة الجمريكية (جات)"، التي حددت استثناءات من القواعد التجارية العادية لأسباب أمنية.
وفي اتصال لـ "الاقتصادية" مع البعثة التجارية الروسية، قال عضو البعثة، الكساندر زاكريادسكي، إن العقوبات المفروضة ضد روسيا من قبل الولايات المتحدة وكندا، واليابان، والاتحاد الأوروبي لا تفي المعايير المنصوص عليها في المادة الـ21.
وتنص المادة الـ21 على أنه بإمكان أي دولة أن تلجأ إلى العقوبات عندما ترى أن سياسة بلد ما تهدد مصالحها التجارية والاقتصادية أو مصالح بلد آخر، وتتضمن المادة استثناءات من الحقوق والواجبات في إطار منظمة التجارة لأسباب تتعلق بالأمن الوطني للدولة العضو.
ونصت الفقرة (ب) من المادة أنه لا يوجد شيء في الاتفاقية يمكن أن يمنع دولة عضو من اتخاذ أي خطوة تراها ضرورية لحماية مصالحها الأمنية الأساسية.
غير أن، زاكريادسكي، يؤكد أن هذا الإجراء يمكن استخدامه فقط في أوقات الحروب أو في حالة تفاقم خطير في العلاقات الدولية قد يؤدي إلى حرب.
وأضاف أن علاقاتنا تدهورت لكن ليس كتدهورها خلال الحرب، وأن الاستثناءات من القواعد التجارية لدواعٍ أمنية مثلما نصت عليها المادة الـ21 لا يمكن تطبيقها على الوضع الراهن.
وكان أعضاء في البعثة التجارية الأمريكية قد نفوا في وقت سابق أن تكون العقوبات المفروضة على روسيا، بما في ذلك حجز أموال وموجودات نحو 30 شخصية روسية قريبة من القيادة الروسية، إضافة إلى إيقاف التعاملات التجارية مع مصرف "بانك روسيا"، تمثل انتهاكا لأحكام التجارة العالمية.
وسبق أن قال الوفد التجاري الروسي في اجتماع للجنة التجارة التابعة للمنظمة عقد في منتصف حزيران (يونيو) الماضي إنه من المرجح أن تتحرك روسيا نحو تحدي العقوبات أمام المنظمة إذا ما تم توسيع العقوبات الراهنة" (أي العقوبات التي كانت قائمة في منتصف حزيران قبل أن يتم توسيعها الأسبوع الجاري)، وتم تمديدها لتشمل مجمل القطاعات الاقتصادية الروسية، أو إذا استمرت لفترة طويلة من الزمن، وأضاف الوفد التجاري نحن نريد من هذا التحدي أن تبقى منظمة التجارة العالمية خارج نطاق السياسة.
وهناك أيضا استثناءات أخرى من تطبيق الأحكام التجارية العامة لدواعٍ أمنية تحت المادة الـ73 من "اتفاقية الأوجه التجارية لحقوق الملكية الفكرية" وتشتهر باسم "تربس"، اختصارا للأحرف الأولى من اسم الاتفاقية باللغة الإنجليزية، وكذلك "الاتفاقية العامة حول التجارة في الخدمات".
لكن خورجي كاسترو، المستشار في قسم الشؤون القانونية في المنظمة، أوضح لـ "الاقتصادية" أنه على الرغم من وضوح تلك المواد إلا أن هناك القليل من الفقه القانوني فيما يتعلق بكيفية تطبيق الاستثناءات من الأحكام التجارية، وعلى سبيل المثال، لم يكن هناك على الإطلاق نزاع جرى التعامل معه بموجب المادة الـ21 من اتفاقية (جات) التي ورثتها منظمة التجارة العالمية.
وقال كاسترو إن هناك القليل جدا من الفقه القانوني الذي يمكن أن يرشدنا إلى هذه النقطة المتعلقة بالاستثناءات، لعدم توافر الاجتهادات حول تطبيق المادة الـ21 بسبب عدم اللجوء إلى تطبيقها.
وأضاف أنه على الرغم من ذلك، فالعقوبات الأحادية الجانب محرمة بموجب أحكام المنظمة التي ينبغي عليها نفسها أن تأذن بأي عقوبات تفرضها دولة عضو ضد أخرى، مشيرا إلى أن أقل من 4 في المائة من النزاعات ذهبت في إجراءات قانونية أسفرت عن عقوبات تجارية، لكنها ليست كطبيعة الإجراءات المتخذة حاليا ضد روسيا.
غير أن، جيفري سكوت، الأستاذ في الاقتصاد الدولي في معهد العلاقات الدولية والتنمية، يشدد على أن المادة الـ21 (ب) تسمح باتخاذ إجراءات شاملة ضد روسيا دون إشعار مسبق أو حتى تقديم أي مبرر، حيث سبق أن لجأ الاتحاد الأوروبي إلى المادة نفسها ضد الأرجنتين عقب غزوها جزر فوكلاند عام 1982، دون أن تتمكن الأخيرة من تحدي قانونية الإجراء.
وأضاف أن الولايات المتحدة لجأت أيضا إلى المادة الـ21 عندما فرضت حظرا تجاريا ضد نيكاراجوا عام 1985، وعلى الرغم من أن نيكاراجوا طلبت من هيئة مراجعة المنازعات في "جات" الحكم فيما إذا كان الحظر يقوم على أسس قانونية، إلا أن الولايات المتحدة رفضت المشاركة في أعمال الهيئة قائلة أنها لا تملك الصلاحية لمناقشة قضايا تتعلق بالأمن الوطني للدول الأعضاء.
وعموما، فاللجوء إلى المادة الـ21 (ب)، يتطلب من الدولة العضو إثبات أن هناك "حالة طارئة في العلاقات الدولية" وأن إجراء طارئا قد تم اتخاذه "لحماية المصالح الأمنية العليا للبلاد".

الأكثر قراءة