زمان الدلافين!

يقال بأن مستوى ذكاء الدولفين عالي جدا وبأنه أذكى حيوان على الإطلاق. لهذا السبب تفاعل الكثير من المعنيين بحقوق الحيوان حول العالم مع هذه الحقيقة فأصروا على أن يتم تمييز الدلافين عن الحيوانات الأخرى. فطالبوا ومازالوا يطالبون بأن تتم مساواة حقوق الدلافين مع حقوق الإنسان إلى مستوى معين وكل هذا بسبب عامل الذكاء "الدولفيني!"

لست هنا لكي ألومهم "كما يفعل البعض" لأنهم لم يراعوا دماء البشر التي تسيل في كل مكان. بل على العكس أرى بأنهم متخصصين في شؤون حقوق الحيوان وهذا شيء جميل وعمل نبيل، فلا أحب أن أطالبهم بأكثر من ذلك. فمن الضروري وجود من يغطي أي ثغرة احتياج. لكن هذا الخبر جعلني أتفكر في العلاقة الطردية مابين الذكاء والحقوق. فقد استنتجت بأن الإنسان بطبعه ضعيف و مستوى رحمته وتعاطفه محدود و مؤطر إلى حد ما. فالمشاعر الإنسانية يتم تقديمها من شخص إلى آخر إذا كان الشخص يتماشى ويتقارب منه فكرا أو لغة أو ثقافة أو دينا أو عرقا أو غيرها من الروابط المتشابهه.

و بطبيعة الحال فان الأمم الضعيفة دائماً ما تتذمر من تجاهل الأمم القوية لحقوقها. دائماً ما يستنكر الضعفاء الإقصاء المتكرر والتجاهل الإعلامي والاقتصادي والحقوقي لهم من قبل الأمم القوية. فعلى سبيل المثال فإن الكثير من المسلمين يستنكر على الغرب تجاهلهم لأعداد وفياتهم وقتلاهم المهولة في أفغانستان وغزة وسوريا و ميانمار وغيرها من الأماكن حول العالم. بالإضافة إلى حنق الكثير من اللاتينيين في أمريكا الجنوبية من أعداد الوفيات المهولة جراء حروب عصابات المخدرات فيما بينها وبين حكوماتها أيضا. هذه الأمم الضعيفة تستنكر وتشجب التجاهل من قبل الأمم القوية كأوروبا و أمريكا. و هذا الاستنكار مشروع ولكن يجب علينا أن نعرف بأن رحمة الإنسان في العالم المتحضر منحازة بطريقة قد تكون غير مقصودة في كثير من الأحيان. فالقوي يحزن للظلم الواقع على من يماثله في القوه أكثر من حزنه على الضعيف. على سبيل المثال ، الأمريكي العادي لم ولن يتعاطف مع مئات الآلاف من قتلى العرب والمسلمين بقدر تعاطفه مع الثلاثة آلاف الذين ماتوا في أحداث سبتمبر الإرهابية في نيويورك. ليس هذا لأنه مخطئاً في ذلك بل لأن مقدرة الإنسان التعاطفية محدودة ومنحازة في أصلها.

إن الإنسان بلا علم وحضارة يظل مجرد رقم في عالم السياسة و الإعلام، و لهذا ليس هناك شيء أكبر وأقوى من سلاح العلم . فبالعلم يمكن للشخص أن ينتمي ويؤثر في المجتمعات القوية وأن يخاطبهم باسلوب الند للند. ليس بقوة السلاح بل بقوة المنطق والفكر والعمق الثقافي المرتكز على بنيان التسامح والحب غير المشروط.
و باختصار، إذا لم تثابر أي أمة أو وطن باللحاق بركب الحضارات والعلم والتثقف والانفتاح فسيسبقهم الدولفين بكسب حقوق لا يمتلكونها !

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي