الصخر الزيتي الدعامة لنمو الإمدادات من خارج «أوبك»

معظم التعليقات التي تردني على بريدي الإلكتروني تشير إلى أن توقعاتي بخصوص إمدادات النفط العالمية وخاصة الصخر الزيتي مفرطة في التفاؤل. لكن الواقع على الأرض يشير إلى عكس ذلك. حيث إن توقعاتي -التي توصف بأنها مفرطة في التفاؤل- لم ترق حتى إلى الإحصائيات الأخيرة، التي صدرت عن شركة برتش بتروليوم، التي تشير إلى أن إنتاج الولايات المتحدة التراكمي من موارد الصخر الزيتي "النفط الخفيف والمكثفات" من عام 2008 إلى 2013 وصل إلى أكثر من 3.2 مليون برميل في اليوم، وهو في طريقه لتجاوز أربعة ملايين برميل في اليوم قبل نهاية العام الحالي.
بالفعل على مدى السنوات الخمس الماضية كانت أمريكا الشمالية المصدر الرئيس لنمو إمدادات النفط العالمية، ومن المرجح أن تبقى كذلك لبقية هذا العقد. إن "ثورة السجيل" في الولايات المتحدة أدت إلى إحداث نقلة نوعية في الصناعة النفطية الاستخراجية. إن النفط الخفيف من موارد الصخر الزيتي في الولايات المتحدة وكندا هو أسرع مصدر جديد نمواً لإنتاج السوائل النفطية. وقد كانت هذه الموارد الأساس في إعادة تنشيط قطاع شركات النفط الأمريكية التي تعرف بالمستقلة التي أنحت جانباً شركات النفط العالمية والوطنية كمصدر رئيس لإمدادات النفط الجديدة.
في هذا الجانب يشير مصرف باركليز إلى أن النفقات الرأسمالية في أمريكا الشمالية سترتفع بنسبة 8 في المائة هذا العام إلى 209 مليارات دولار أي نحو 30 في المائة من الاستثمارات العالمية، ذلك أن أسعار النفط القوية حفزت الشركات المستقلة على زيادة الاستثمار وبالتالي الإنتاج. في الوقت نفسه أبدى المصرف قلقه من قيام شركات النفط العالمية بخفض استثماراتها بنحو 0.4 في المائة هذا العام، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن قيام الشركات الكبرى بخفض الاستثمارات في القطاع الاستخراجي في عامي 2002 و2003 أدى بالفعل إلى عدم نمو الإمدادات من خارج دول أوبك، ما ضاعف أسعار النفط في عامي 2004 و2005، حيث فشلت إمدادات النفط في مواكبة الطلب المتزايد بسرعة. لكن ظهور الصخر الزيتي في الولايات المتحدة والأهمية المتزايدة لقطاع التنقيب والإنتاج للشركات المستقلة يجعل من تكرار هذا السيناريو أقل احتمالاً.
حيث يشير تقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير عن أسواق النفط في المدى المتوسط إلى أن إنتاج النفط الخام والمكثفات في الولايات المتحدة وكندا آخذ في الارتفاع بمعدل يتجاوز مليون برميل في اليوم كل عام.
من المرجح أن يبقى إنتاج هذين البلدين الأسرع نمواً من بين الدول المنتجة خارج "أوبك"، مساهمين بنحو 70 في المائة من نمو الإمدادات خارج "أوبك" في الفترة بين عام 2014 و2019، سيسهم إنتاج النفط من موارد الصخر الزيتي في الولايات المتحدة وحده بنحو 3.5 مليون برميل في اليوم أي ما يقرب من ثلثي مجموع نمو الإمدادات.
بالفعل دعم نمو الإنتاج من موارد الصخر الزيتي جهود منظمة "أوبك" في الحفاظ على استقرار أسعار النفط على مدى الأعوام الثلاثة الماضية. حيث عوض عن انقطاعات في الإمدادات من دول "أوبك" وخارجها بسبب الاضطرابات، والحروب والعقوبات الدولية التي وصلت إلى 3.0 مليون برميل في اليوم. إن أسواق النفط كانت ستبدو مختلفة جداً اليوم، إذا فقط شهدنا تعطلاً في الإمدادات بالحجم الذي حدث فعلاً من دون طفرة الصخر الزيتي. كانت الأسواق ستبدو أيضاً مختلفة لو فقط شهدنا طفرة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة من دون انقطاعات.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يستمر هذا الوضع لبعض الوقت، وسيكون نمو الإمدادات من خارج دول "أوبك" مواكباً لنمو الطلب العالمي على النفط، مما لا يترك مجالاً كبيراً لإنتاج "أوبك" للنمو على مدى السنوات القليلة المقبلة. مع استمرار تداول خام غرب تكساس الوسيط فوق 100 دولار للبرميل، تعد الأسعار مرتفعة بما يكفي لضمان استمرار إنفاق شركات النفط المستقلة لزيادة الإنتاج من موارد الصخر الزيتي. في هذا الجانب، يشير تقرير الوكالة إلى أن 98 في المائة من إنتاج النفط الخام والمكثفات في عام 2013 كانت مجدية اقتصادياً عند 80 دولاراً للبرميل أو أقل و82 في المائة كانت لا تزال مجدية عند 60 دولاراً للبرميل أو أقل. توقع التقرير ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من موارد الصخر الزيتي بنحو 3.5 مليون برميل في اليوم (2.5 نفط خام وواحد سوائل الغاز الطبيعي المسال) خلال الفترة من 2014 إلى 2019.
إن ارتفاع الإنتاج من تشكيلات الصخر الزيتي يعتمد في الدرجة الأولى على استمرار عمليات الحفر، حيث يتجاوز إنتاج الآبار الجديدة الانخفاضات من الآبار القديمة. لقد حافظت الصناعة النفطية على هذا الاتجاه حتى الآن، لكن التحدي يكبر جنباً إلى جنب مع ارتفاع الإنتاج. على سبيل المثال، إنتاج النفط من تشكيل "باكن" في حوض "ويليستون" في شمال "داكوتا" وصل الآن إلى ما يقارب مليون برميل في اليوم بعد أن تم حفر نحو 7500 بئر.
حسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أضافت الآبار الجديدة نحو 92 ألف برميل في اليوم في حزيران (يونيو)، لكن الإنتاج من الآبار الحالية انخفض بنحو 72 ألف برميل في اليوم أي بمعدل انخفاض سنوي تجاوز 70 في المائة. الحال ليس أفضل في تشكيل "النسر فورد" في جنوب تكساس، حيث أضافت الآبار الجديدة نحو 138 ألف برميل في اليوم في الشهر نفسه لتعوض تراجع 114 ألف برميل في اليوم من الآبار القائمة.
السبب في استمرار ارتفاع الإنتاج من تشكيلات الصخر الزيتي يعود إلى استمرار ارتفاع عدد الحفارات التي تنقب على النفط وفي الوقت نفسه أصبحت أكثر كفاءة، حيث تحفر أكثر عدد من الآبار في الشهر مما كانت عليه سابقاً. في الوقت الحاضر نحو 80 في المائة من الحفارات في الولايات المتحدة تنقب عن النفط بدلاً من الغاز، هذه النسبة كانت معكوسة في عام 2008. عدد الحفارات التي تنقب عن النفط تضاعف أربع مرات منذ ذلك الحين، حيث وصلت في الشهر الماضي إلى أكثر من 1500 منصة. في الربع الرابع من العام الماضي ارتفع عدد الآبار المحفورة لكل منصة بنسبة 66 في المائة في حوض "ويليستون" و39 في المائة في تشكيل "النسر فورد"، مقارنة بالربع الأول من عام 2012.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي