ماذا سيقول التاريخ عنا ؟

أحب قراءة التاريخ، ولا أعلم ما الذي سيكتبه التاريخ عن هذا القرن والذي قبله، ولكني تذكرت ابن الأثير وكيف أنه تردد كثيرا قبل أن يكتب عن هول ما سمع ورأى من غزو المغول لبغداد، وما حدث لها ولمن حولها من المدن من فظائع وجرائم وحشية، ولعل معايشة الهول أشد وطأ من سماع خبره، فهل نحن نعيش أسوء أياما من تلك ؟.

لست أحب أن أكون متشائما وليس التشاؤم من طبيعي إلا قليلا !، ولكن الواقع يقول غير ذلك، نحن إذا التفتنا شرقا نرى أحوال إخواننا في بروما (الروهيجينا) لا تسر أخا ولا صديقا ولكنها تسر العدو اللدود.

وإذا نظرنا غربا إلى أخواننا في أفريقيا الوسطى، فالذبح هو نصيب كل مسلم، يذبح كما تذبح الشاة، بل إن أنهم يذبحون الشاة بأكثر رحمة !، فهناك تطهير عرقي حقير وصريح أمام شاشات العالم ولكن العالم صامت كأنه لم يسمع ويرى شيئا أليس هؤلاء بشر ؟ فأين حقوق البشر ؟.

ثم ننظر شمالا فنرى ونسمع في سوريا من الأهوال والأخبار التي يشيب لها الرأس ويدمى لها القلب، وحشية القرون الوسطى كأننا في زمن المغول، بل هي أشد من ذلك. سوريا ذلك البلد الذي صد على أرضه يوما جيش المغول الذي لا يقهر !. وهاهي جارتها فلسطين مازالت دمها تسيل منذ أكثر من تسعين سنة، وهي المدة التي قضتها من قبل في الأغلال حتى ظهر منقذها صلا ح الدين، وما أحوال مصر والمغرب العربي مستقرة، فهم في كل يوم في كدر ونصب، وتعب وخلاف.

مالذي يحدث هل نحن نعيش فترة أسوء من فترة الغزو المغولي أو أسوء من زمن الطوائف في الأندلس ومحاكم التفتيش، أو زمن استعمار سايكس بيكو، هل نحن نعيش في زمن الانحطاط ؟ أم هو زمن ما دون خط الانحطاط !.

إننا في هذه الفترة نختلف على كل شيء وفي كل شيء أناس منا يحبون الشرق، وأناس يريدون الغرب، وأناس همهم لا هذا ولا ذلك، بل همهم أنفسهم ماذا يأكلون ويشربون، وماذا يلبسون؟.

دائما نبحث عما يفرقنا، حتى عندما نجتمع ننسى ما اتفقنا عليه ونركز على ما نختلف عليه. بل إن البلد الواحد فيه شروخ كثيرة وكبيرة إما دينية أو طائفية أو اجتماعية أو سياسية. من زرع فينا الفرقة ؟ هل هي من عند أنفسنا ؟، أم أن جهاز المناعة الجماعي عندنا ضعيف، بل إن أجسادنا تمرض وتهزل من أي فيروس أو إشاعة أو دسيسة بيننا.

إن كل من حولنا يعرف وموقن أننا إذا اجتمعنا كنا أقوياء إلا نحن لم نؤمن بذلك بعد حق اليقين !، كلام ندعيه ونهتف به ، ولكن كل منا يحمل هم نفسه فقط من أصغرنا إلى أكبرنا (إلا ما رحم ربي) وتلك هي لب المشكلة.

سيكتب التاريخ يوما عن زماننا وسيقول : عاشت أمة دينها واحد وكتابها واحد وقبلتها واحدة، ولكن قلوبهم و أجسامهم شتى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي