تفسير الرؤيا .. دخل الفضائيات أرقام فلكية

تفسير الرؤيا .. دخل الفضائيات أرقام فلكية
تفسير الرؤيا .. دخل الفضائيات أرقام فلكية
تفسير الرؤيا .. دخل الفضائيات أرقام فلكية

تعد الرؤى والأحلام "أكثر شيء جدلا" ومحط أنظار السواد الأعظم من المجتمع العربي، وتشهد بذلك دور النشر وما تؤكده حول الإصدارات التي تتعلق بعالم الأحلام، التي تعتبر ضمن أكثر ثلاثة علوم عربية مبيعا في الأسواق، مقارنة بغيرها.
"عالم الأحلام" .. تبدأ حكايته في المنام، ويشغل بال الكثير من الأنام، بحثا عن إكمال هذه الحكاية التي تعد الجزء الأهم منها، لما يتضمنه من تفسير وفك رموز بعض الرؤى الغامضة، فيما يؤكد مفسرون أن المنهمكين في الدنيا والباحثين عن جمع الأموال محرومون في الغالب من رؤيا صادقة مفرحة.

#2#

وما بين أضغاث أحلام، كوابيس، حديث نفس، أوهام، بشرى، وتحذير، تختلف معاني كل منها عن الأخرى، يخطئ البعض في تفسيرها ويكون اجتهادهم في غير محله، وغالبا ما يكون تفسيرهم لحلم ما، ناتج عن رغباتهم الشخصية وأمنياتهم وآرائهم البعيدة كليا عن التفسير الصواب، وذلك لعدم تمكنهم من هذا العلم.
يقول لـ "الاقتصادية" الشيخ أحمد عبد العزيز قشوع، إنه اهتم بتعبير الرؤى منذ أكثر من 19 عاما، لافتا إلى أنه كان يركز كثيراً على آيات الرؤيا في سورة يوسف خاصة وفي سورتي الفتح والأنفال، وبعد ذلك مراجعة الأحاديث النبوية الشريفة التي تصح في هذا الباب، وهذا شكل لديه ثقافة جيدة ـ بفضل الله، إضافة إلى الرجوع لمن لديهم العلم والخبرة في هذا المجال.

#3#

وأشار إلى أنه اكتشف قدراته في التعبير من خلال رؤيا قصتها عليه والدته رحمها الله، عندما رأت في منامها أن تابوتاً قادماً نحوها، مبينا أنه أوّلَ لها الرؤيا بأن شيئاً ثميناً فقدته منذ زمن سيعود إليها، وما هي إلا عدة أيام حتى وجدت ذهباً كان ضائعاً منها منذ سنوات، وكان السر في فك رموز تلك الرؤيا ومن أقواها التابوت، والتابوت ذكر في القرآن الكريم مرتين على أنه شيء قديم وثمين وعظيم عند بني إسرائيل ـ على حد وصفه.
وقال الشيخ أحمد قشوع "الاستفسارات عن الرؤى تتوافد عليَّ من شتى البلدان العربية والغربية وهذا في حد ذاته منقبة أعتز بها ـ بفضل الله".
ونوه بقدرات المفسرين: الدكتور محمد علي الشنقيطي، الدكتور فهد العصيمي، الدكتور يوسف الحارثي، الشيخ عبد الرحمن العبد الله الطيار.. وغيرهم الكثير، مضيفا "ما ميزهم الاتزان في الطرح والمنطقية في التفسير وجعل التفسير علما شاملا يهتم بجميع أمور حياة الإنسان وليس بجانب واحد فقط، فهي إما خير تدلنا عليه وإما شيء تحذرنا الرؤيا منه عموما، إلى جانب كونهم متمكنين من العلم الشرعي أيضا".
وأبان "هناك أساسيات لتعبير الرؤيا وفوائد من ضمنها، الاستشهاد بسورة يوسف عليه السلام في قوله تعالى "يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك"، إذا النصيحة فيها تحذير، وهذا شيء واضح، ولكن هنا نقطة جديرة بالذكر بل تعتبر هي الأمر الجديد المستنبط، فمع أن يعقوب - عليه السلام، حذر يوسف - عليه السلام - من قص الرؤيا على إخوته، لكنه لم يشوه صورة إخوته أمامه فاكتفى بالتحذير فقط، فلم يتهمهم ولم ينقص من قدرهم".
وأردف "في هذا توجيه للمعبر بأن يكون حذرا ويكون التعبير كله مفيدا فلا يتعرض لأحد بسب أو فضيحة، إضافة إلى فائدة مستنبطة واضحة وهي عدم قص الرؤيا على أي أحد".
وعن استطاعة الرائي استجلاب الأحلام السعيدة، أجاب "نعم .. بالصدق في الحياة والصدق في التعامل مع الناس مهم جدا، ومنها أن يتخلص الإنسان من الأمور التي تغمه وتأتي له بالحزن والكآبة، كما أن الكثير من المنهمكين جداً في الحياة وفي جمع المال وفي الدنيا، نادرا ما يرون رؤيا صادقة مفرحة، لأن بالهم مشغول جداً وبالتالي لا يمتلكون صفاء الروح بدرجة عالية تمكنهم من الدخول في هذا العالم".
وحول ميل النساء أكثر من الرجال في الاستفسار عن تعبير الرؤى، قال "الأحلام والرؤى تجذب الكثير ومن جميع الطبقات والمراتب ومن كلا الجنسين، لكن المرأة أقرب في هذا الشأن، لأن شعورها أقوى من شعور الرجل، وأقرب للشفافية وخصوصا إن كانت أماً، ويكون أصدق إن اقترن ذلك بصلاح، ولعل حب الاستطلاع على الأمور، يجذب النساء أكثر من الرجال".
وتابع "لعل من أسباب ميل النساء لتفسير الرؤى أنهن أكثرية، لذلك تجد اتصالاتهن أكثر على مستوى البرامج التلفزيونية عموما، سوءا كان ذلك للتفسير أو للفتاوى أو الاستشارات، والظاهرة على العموم تعتبر أمرا صحيا وطبيعيا جدا".
وأكد أن الرؤيا يجب أن يكون بين رموزها علاقة وترابط وإلا لا تكون رؤيا، مشددا على أنه يجب على المعبر أن ينظر أولا في ترابط رموز الرؤيا ترابطا منسقا وواضحا، وهنا تأتي الخبرة، كيف نستطيع أن نجد العلاقة بين الرموز، بل ونربطها بمعنًى واحد أو أكثر، ويكون هذا هو الأهم، لأننا سنستفيد منه في تعبير الرؤيا بعد ذلك.
وإذا رأى الإنسان رؤيا لا يكون بين رموزها ترابط، قال: إن هذه تخرج من كونها رؤيا إلى حلم أو حديث نفس، والمهم أن الخطوة الأولى في تعبير المنامات النظر في ترابط رموز الرؤيا وتنسيقها مع بعضها، يعني خذ الشيء الصحيح وقس عليه، وخلاف ذلك يكون الأمر غير صحيح، هذا يختصر عليك التفكير والوقت.
ولفت إلى أن الرؤى تفيد في شتى مجالات الحياة، حتى في النواحي الاقتصادية، مشيرا إلى رؤيا ملك مصر لمّا رأى رؤيا حيرته، وبعد مشاورات عرضت رؤياه على يوسف - عليه السلام - ولمّا أولها كان في تأويله إنقاذ لحياة الكثير من الناس بل لبلدة بأكملها، والعجيب أن الأمر كان فيه تخطيط لـ 14 سنة، وكان ذلك خاصا بكيفية الزراعة وتخزينها في المستودعات.
وحول عدم رد المفسرين على هواتفهم، قال "لك أن تتخيل كثرة الاتصالات أو الرسائل التي تردهم، غير أن المعبّر بشر من الناس له وقته وله التزاماته وعائلته ووالداه، يعني هو مشغول مشاغل أخرى كثيرة وغير متفرغ، فمن الطبيعي جدا أن يكون مشغولا في أوقات كثيرة مما يستوجب صعوبة التواصل أو الرد على أي اتصال، هذا غير أن التعبير يحتاج إلى أمور كثيرة منها أمران ضروريان، التفرغ في الوقت والتفرغ في الذهن، فإذا لم يجتمعا كان ذلك صعبا للإصابة في التعبير، علما أن التعبير يكون ظنيا لا يقينيا في كل الحالات".
ويرى المفسر أحمد قشّوع أن الدخل المادي لبرامج تفسير الأحلام يغري للدخول في هذا المجال، ولكن القلة من المفسرين تجيد التعاطي مع وسائل الإعلام بالشكل الأمثل.
ويعتقد أن قيمة الدخل المادي لهذه البرامج متفاوتة وتعتمد في المقام الأول على المفسر والعلم الذي يطرحه في هذا المجال، مضيفا "معظم برامج تفسير الأحلام لا يقل دخلها الشهري عن 120 ألف ريال، أما إذا كان المفسر متمكنا من علم التفسير، وفي أحد القنوات الشهيرة فإن الدخل المادي للبرنامج الذي يقدمه يصل إلى أضعاف هذا المبلغ، وأحيانا يصل إلى أرقام فلكية، إذا أخذنا في الاعتبار سعر الدقيقة وأعداد المتصلين في الدقيقة ذاتها، إلى جانب الأرباح التي تأتي عن طريق الرسائل النصية.
ولتسليط الضوء على قضية عالم الأحلام وتفسيرها من منظور علمي، قال خالد حمد الإخصائي النفسي "لا يمكننا تصنيف تفسير الأحلام كعلم، حيث إن تصنيف هذه الظاهرة ومدى صلاحيتها لأن تكون علماً يعود إلى مدى تحقيقها الشروط اللازمة للعلم ومدى ملاءمتها للدراسة والبحث من خلال استقلالها وتطبيق المنهج العلمي عليها".
وأضاف "يجب أن نعلم تماماً أن هناك فرقا بين ما هو علم مستقل قائم بذاته وبين ما هو غير ذلك من الظواهر الأخرى التي تظهر لنا بين حين وآخر وتؤثر في العوام من الناس حتى يصدقوها ويؤمنوا بها، تلك الظواهر التي تحدث بشكل مؤقت نتيجة للحراك الاجتماعي وما يصاحبه من تغيرات ثقافية واقتصادية وسياسية ونفسية واجتماعية، لذا علينا أولاً تحديد مفهوم العلم والأسس والقواعد التي تؤهلنا لأن نطلق مصطلح العلم على الظاهرة موضوع الدراسة، إن العلم ليس مجرد معارف وأفكار متطايرة مستوحاة من الخيال بل إن العلم يتضح جلياً عند دراسة موضوع معين والبحث فيه والتعمق في ذلك دراسة مستفيضة تعتمد على الاستنتاج والاستدلال، إلى أن يكتسب اسما خاصاً به من خلال الموضوع الذي يدرسه".
في السياق ذاته، قال الدكتور محمد بن محسن إسحاق الإخصائي النفسي إن أول محرك لانتشار الأحلام هو عدم القدرة الشخصية، على إشباع الاحتياجات وكذلك عدم قدرة المجتمع على توفير آليات تحقق طموح الأفراد.
ويرى الدكتور إسحاق أن أسباب اهتمام النساء بالأحلام أكثر من الرجال، منها ما يتعلق بطبيعة المرأة وأخرى تتعلق بدورها في السياق الثقافي للمجتمع، مشيرا إلى الإحساس العالي للمرأة بالدوافع والعواطف والرغبة العالية في التفسير الشفهي، وكذلك الخوف من المستقبل.
وأضاف "مهما بلغت المرأة من التعلم أو الثقافة، فهناك جزء من طبيعتها البيولوجية لا تستطيع تغييره وإن حدث في الواقع فهي تظهر في الأحلام، والإحصائيات تؤكد وجود الكثير من الرجال كذلك، ولكن طبيعة الرجل عدم الحديث عن هذا الأمر، فلا يظهر ذلك السلوك، كما أن أحلام بعض الرجال قد تهدم العلاقة الزوجية فيفضل الكتمان كخيار وقائي".
وأوضح أن الإيمان بالرؤى والأحلام جزء من طبيعة الثقافة الشعبية والكثير من الأشخاص يعرفون أو لديهم يقين بأن الأحلام ليست الأوهام.

الأكثر قراءة