التدريب في خطر !

السلوك المدمر للتنمية هو الاصرار على تكرار غرس الإحباط فيمن حولنا وممارسة التحجيم بزعم أننا نحاول دعم التطور عبر الضبط والربط وتخويف "السايب" من أصحاب الأعمال ليعودوا إلى الصراط المستقيم. ما أراه أن أغلب سياسات الرقابة على الاستثمار في قطاع التدريب الحالية والتي تنتهجها الجهات المشرفة والمرخصّة لمنشآت التدريب الأهلية بالمملكة، تتسم بالعشوائية لأن التدريب لا زال منتهكاً (كالمال السايب) يمارس عبر تجار الشنطة ويتم عبر دكاكين التدريب !!

وبالرغم من مرور أكثر من 8 سنوات على قرار مجلس الوزراء عام 1427هـ القاضي بفصل جهات الإشراف على المعاهد التدريبية وتوزيع مهامها بين المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ووزارة التربية والتعليم ، وقيام المؤسسة العامة بتقاضي رسوم مالية من المعاهد جرّاء تقديم خدمة حكومية تستنزف جيوب المستثمرين، مقابل خدمات (لا تخرُج إلا نكِدا) تقدم بشكل غير إحترافي وبمنّة وفضل يتكرمون به على المستثمرين !! لا زالت آلية الإشراف بها تضارب بين معاهد الرجال ومعاهد السيدات، حيث تحصل معاهد الرجال على إعانة سنوية بينما تحرم منها معاهد السيدات بالرغم من تكرارا المطالبات بذلك.

وتفتقر الموظفات في قطاع التدريب الأهلي للحرفية وأساليب التعامل مع المستثمرات لضعف الخبرة في هذا المجال حيث يتكرر استماعي لشكاوى مالكات معاهد التدريب عن تكرار التعامل الفظ والسلوكيات غير الراقية في استقبال المراجعات لدى إدارة التدريب الأهلي للبنات هنا في جدة !

هناك تزمت في الإجراءات التي تظن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أنها تستخدمها بمطرقة من حديد على كل من تسّول له نفسه الجرأة على الاستثمار أو العمل في هذه الصناعة. وللأسف لا تزال غارقة في دوامة البروقراطية وتطبيق الإجراءات الشكلية وإختلاق المشكلات لايقاع الغرامات وتحرير المخالفات وذلك وفق الأحكام الشخصية للأفراد العاملين بها ووفق مزاجهم وأهوائهم وقد يندرج تحت ذلك ما يندرج من شبهات فساد.

وبالرغم من حرصي على عدم التعميم إلا أني كلما قابلت من له صلة بملكية معهد تدريب أو العمل به كإداري أو مدرب أو حتى من فئة المتدربين والمتدربات، إلا ووجدت الشكوى والألم والحسرة تسبق أي حديث عن انجاز أو نشاط حقيقي يعتبره الملاّك أو المالكات قيمة مضافة لانجازات معاهدهم تساهم حقيقةً في صنع تنمية مستدامة في ظل وجود جهة إشراف من المفترض أنها تساند نظامية أعمالهم مقارنةً بالمنشآت غير النظامية المنتشرة ولازالت في المملكة.

أما بالنسبة لوزارة التربية والتعليم ومهام الإشراف على برامج اللغات والبرامج التربوية فما زالت الضبابية في تطبيق الإجراءات ولا زال هناك اختلاف فيما يطبق على معاهد الرجال ومعاهد السيدات في نفس المنطقة أو المحافظة، ولا زال هناك اختلاف في منهجية وأهداف الإشراف بين منطقة وأخرى لعدم وجود آلية موحدة تجمع هذا القطاع (على قلب واحد) وتعزز من مستويات الأداء والنماء والتنافسية. لا زالت مهنة مدرب أو مشرف تدريب أو مساعد مدرب غير معترف بها على مستوى الدولة ، ولازال ديوان الخدمة المدنية لم يصدر توصيفاً واضحاً للعاملين بهذه المهنة ومن يدور في فلكها إلى الآن.

فإلى متى !! إلى متى أيها القائمون على شؤون التدريب في وطننا الحبيب ؟

السفينة بربانين لا تقوى وحدها على الموج ... والتدريب في القطاع الخاص يتنازع دفتّه جهتين .. والضحية معاهد ومراكز التدريب فهي إما منسحبة أو مستأسدة تطفو مؤقتاً ... وبعدها حتماً ستستسلم للغرق.

فوا تدريباه ...

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي