قمة الكويت .. نجاح أم فشل؟

34 عاماً هو عمر مجلس التعاون الخليجي، والسؤال نفسه يطرح طوال أكثر من ثلاثة عقود، وتحديداً كلما عقدت قمة جديدة: ما الذي عاد على المواطن الخليجي من منظومته هذه؟ وهل المجلس حقاً يحمي مصالح الأنظمة ولا يلتفت لمصالح المواطنين؟ أسئلة مشروعة مهما تكررت ومهما قست لغة النقد تجاه المجلس التعاوني الخليجي، وفي الوقت نفسه هناك سؤال آخر علينا أيضاً أن نطرحه ونكرره: ما وضع دول الخليج لو لم يكن هناك مجلس يجمعها؟
لعل غالبية الخليجيين، والمسؤولين قبل المواطنين، يقرون بأن تطلعات الشعوب الخليجية أكبر بكثير من أداء المجلس، ويعترفون أيضاً بأن المجلس لم يحقق الأمنيات التي كانت معقودة عليه طوال سنوات، وخلال حضوري قمة الكويت الأسبوع الماضي سمعت الدكتور راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي يقول: ''القادة الخليجيون يسألونني كل مرة يلتقون: ما الجديد للمواطن الخليجي هذا العام؟''، وهذا أمر يؤكد أن هناك اتفاقا بين الجميع على أن هناك خللاً في منظومة عمل المجلس يعيقه عن تحقيق متطلبات المواطنين الخليجيين.
ومع كل هذا لا بد أن ننظر لنصف الكأس الممتلئ، فالنصف الفارغ ما تحدثنا عنه أعلاه ونتحدث عنه دائماً ونكرره، ولنتخيل أن دول المجلس الست بلا مجلس يضمها أو يتحمل خلافاتها، وللأمانة فإن مجلس التعاون له قدرة عجيبة على إذابة وتطويق الخلافات قدر الإمكان، وتحويلها على الأقل إلى اختلافات وتباينات يمكن النظر إليها على أنها معقولة إجمالاً، وفي الموقف العماني التصعيدي الأخير وتهديدها بالانسحاب من المجلس أكبر مثال، فكانت التوقعات والتكهنات، وأيضاً الأمنيات من البعض، بأن تكون قمة الكويت على صفيح ساخن، فهناك موقف مسقط، وهناك موقف الدول الخليجية الأخرى المتأهبة للرد، الكل يترقب: هل ستنجح القمة أم ستفشل؟ لكن القمة، كعادة القمم الخليجية، خالفت كل التوقعات والتكهنات، والأهم الأمنيات، وعقدت في جو هادئ لم تعكره حتى تصريحات وزير الخارجية العماني، على الرغم من حدتها وخروجها عن اللغة الدبلوماسية التي عرفناها عن السلطنة.
إنا على قناعة .. لولا هذا التجمع الفريد من نوعه على مستوى الدول العربية، لوجدنا الخلافات بين الدول الخليجية لا تعد ولا تحصى، ولا أظن أن هناك من يختلف على أن العلاقات الخليجية - الخليجية هي الأفضل والأقوى بين نظيراتها من الدول العربية الأخرى، فإن تحافظ على حد أدنى من العلاقات المتميزة مع جيرانك هو أمر ليس بالهين في عالم يعج بالفوضى والمؤامرات والمصالح المتشابكة، والمجلس واجه عواصف في الخلافات بين دوله ولم تترجل أي منها للنزول من السفينة في هذا البحر الهائج، أما من يكررون أن المجلس لحماية الأنظمة فنذكرهم بموقفه في غزو الكويت وأحداث البحرين، ألم يكن تدخله لصالح الشعوب وبدونه ربما كان الحال غير الحال؟
عندما يكون رأيك سلبيا دائماً ولا تعرف الإيجابية أبداً، من الطبيعي أن تكون مصداقيتك صفراً على الشمال، وهذا حال من ينظّرون عن مجلس التعاون الخليجي ولا يرون من النهار إلا غباره، فالنظرة السوداوية عادت مجدداً وكأن المشكلة بقاء المجلس وليس العكس، وهنا نتذكر المطالبات التاريخية التي لم تتوقف طوال ٥٠ عاماً بضرورة اتحاد العرب، وفي الوقت ذاته نجدهم يهاجمون الاتحاد الخليجي كفكرة وهو في طور التأسيس، فبأي منطق يتحدثون؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي