3 مبادرات لإنجاح خطط التوطين في القطاع الخاص

3 مبادرات لإنجاح خطط التوطين في القطاع الخاص

خلصت دراسة "سياسات العمل وتوطين الوظائف في القطاع الخاص"، التي ناقشها منتدى الرياض الاقتصادي في جلسته الثالثة أمس، إلى ثلاث مبادرات رئيسة لإنجاح خطط وسياسات التوطين في القطاع الخاص والتغلب على معوقات التوطين.
والمبادرة الأولى التي طرحتها دراسة الجلسة الثالثة التي ترأسها المهندس عادل فقيه وزير العمل تدعو لإنشاء هيئة عليا للقوى العاملة في السعودية، ويتولى مجلس الوزراء تنفيذ المبادرة في ثلاث سنوات، ولجنة وزارية تضع التنظيم الإداري للهيئة.
ومبرّرات طرح هذه المبادرة، التي ساقتها الدراسة، هي تعدد مصادر التشريعات الخاصة بتنظيم سوق العمل، وتعدد الأنظمة الحاكمة لسوق العمل، والحاجة لتطويرها باستمرار لمواكبة المستجدات، والحاجة لجهة مُوحّدة مختصة برسم الاستراتيجيات ووضع السياسات الحاكمة.
وأضافت أيضاً، ضعف التنسيق بين القطاعين العام والخاص في تطوير الأنظمة والقوانين، وعدم قيام الشراكة بينهما على نظام مؤسسي، ولا ينجم عنها غالبا نتائج تتوافق مع تطلعات القطاع الخاص.
إضافة إلى وجود مؤشرات متعلقة بظهور توطين "غير حقيقي"، وعدم مواءمة مخرجات النظم التعليمية والتدريبية لاحتياجات سوق العمل، والتستر التجاري الذي يعد من أبرز معوقات التوطين.
وأشارت الدراسة أيضاً، إلى الحاجة لسياسات عامة وبرامج لإعادة تأهيل وتدريب القوى العاملة الوطنية، وعدم مراعاة الاختلاف بين مناطق السعودية من واضعي السياسات والبرامج، وحاجة السياسات والبرامج القائمة للمراجعة والتقويم المستمر.
ووضعت الدراسة آليات لتنفيذ المبادرة، تتضمن توحيد مصادر رسم الاستراتيجيات ووضع السياسات، ومعالجة ضعف التنسيق بين القطاعين العام والخاص وتفعيل الشراكة بينهما مؤسسيا، وضمان التجانس بين السياسات المنظمة لسوق العمل، وتطوير الأنظمة والتشريعات لتكون مواكبة للتغيرات.
وأضافت أيضاً، اعتماد السياسات والبرامج والقرارات ومنحها الصبغة النظامية، وتقييم التنظيمات والتشريعات التي تسهم في كشف التستر، وتطوير الأنظمة الحكومية ذات الصلة (المشتريات والمنافسات) بما يكفل تقديم مميزات نسبية للشركات والمؤسسات المحققة لمعدلات عالية في التوطين، والتقويم المستمر لسياسات وبرامج التوظيف، وتبني سياسة التأهيل والإحلال للقوى العاملة.
وتتعلق المبادرة الثانية التي طرحتها الدراسة، بالتحفيز والمشاريع الحكومية، وتتولى تنفيذها وزارة المالية عبر صندوق الاستثمارات العامة، ووزارة العمل عبر صندوق تنمية الموارد البشرية، ووزارة التجارة والصناعة، وبمدة تنفيذ خمس سنوات.
ومبررات المبادرة، الحاجة لتنويع مصادر الدخل، وتشبّع القطاع العام وعدم قدرته على استقطاب مزيد من الباحثين عن العمل، وتقوية وتوسيع قدرات القطاع الخاص نتيجة لتخصيص المشاريع التي تتولى الحكومة تنفيذها بعد نجاحها، واعتماد برنامج "حافز" على فلسفة الدعم بشكل يفوق فلسفة التوظيف، كما أن لدى البرنامج ميزانية ضخمة يمكنها تأسيس مشاريع عملاقة لاستقطاب القوى الوطنية.
وآليات تنفيذ المبادرة، زيادة تفعيل الاستراتيجية الوطنية للصناعة، ودراسة وتحديد المشاريع الصناعية الاستراتيجية التفضيلية والتحويلية، التي يمكن للقطاع الخاص تنفيذها في مناطق محددة، وتشكيل فرق عمل من جهات التنفيذ لتحديد الأنشطة الاقتصادية المحققة لهذه المبادرة، وإقامة صناعات متطورة مملوكة للدولة لا يستطيع القطاع الخاص تنفيذها حاليا، وتكون الأولوية في تدشين هذه المشاريع للمناطق التي تعاني من ارتفاع في نسب البطالة.
كما تشمل آليات تنفيذ المبادرة تأسيس مشاريع إنتاجية حكومية تدار وتنفذ بكوادر نسائية، وتشجيع القطاع الخاص على إنشاء مشاريع تدار وتنفذ بالعناصر النسائية، وتوسيع تحمّل صندوق تنمية الموارد البشرية جزءا من المزايا المالية للقوى الوطنية في هذا النوع من المشاريع، وتدشين تلك المشاريع داخل النطاق العمراني ما أمكن.
وأيضا، تشكيل فريق عمل نسائي لابتكار أساليب جديدة في توظيف العناصر النسائية، ودراسة الأفكار والمبادرات المطروحة، وتعميم الاستفادة من التجارب الناجحة على المستويين المحلي والعالمي.
والمبادرة الثالثة جاءت تحت عنوان "البرنامج الوطني لتحسين وتطوير بيئة العمل"، إذ إن بيئة العمل المادية والمعنوية، أحد معوقات توطين بعض الوظائف، وتتولى تنفيذ المبادرة وزارة التجارة والصناعة، ووزارة العمل، والغرف التجارية الصناعية، في مدة تنفيذ ثلاث سنوات.
ومبرّرات المبادرة، جاذبية القطاع العام للعمالة الوطنية، وتفضيل العمالة السعودية للعمل لدى الشركات المتوسطة فأعلى، وعدم ملاءمة بيئة العمل في كثير من منشآت القطاع الخاص للمرأة، وشعور شريحة من طالبي العمل بعدم توافر الأمن الوظيفي في القطاع.
وآليات التنفيذ، تحديد الشروط الخاصة بشغل الوظائف والمواصفات الملائمة للعاملين من صندوق تنمية الموارد البشرية، وتطوير وتنفيذ أنظمة ولوائح بمشاركة القطاع الخاص، تكفل تطبيق المواصفات الملائمة للسعوديين في مكان العمل، والجزاءات والمكافآت والحقوق والواجبات لكل من المنشأة والعامل.
وأيضاً، تحفيز القطاع الخاص عبر برنامج "نطاقات" على تبنّي المواصفات الملائمة للعاملين في مكان العمل، ومساهمة القطاع في إيجاد وحدة تنظيمية لتقديم المشورة بهذا الخصوص، وتصميم حملة تثقيفية لتعزيز الصورة الذهنية الإيجابية عن القطاع، ووضع المزايا والحوافز لشغل المهن الحرفية والميدانية.
وتهدف المبادرات الثلاث، للقضاء على معوّقات توطين الوظائف، حيث ذكرت الدراسة التي أعدها المختصون 20 معوقاً، وهي: عدم توافر العدد الكافي من السعوديين الراغبين بالعمل في بعض المهن، مثل المقاولات والصيانة والنظافة، وتفضيل بعض المديرين الأجانب والاستشاريين للعمالة غير السعودية، وشعور شريحة من طالبي العمل بعدم توافر الأمن الوظيفي في القطاع الخاص.
والتستر التجاري الذي يعزز فرص العمالة الأجنبية، وجاذبية الوظائف في القطاع العام، والنظرة السلبية لبعض شرائح المجتمع تجاه بعض المهن، وضعف اللغة الإنجليزية لدى شريحة كبيرة من القوى الوطنية.
وعدم جاذبية الرواتب والعوائد في كثير من أعمال القطاع الخاص، وضعف مرونة القوى العاملة الوطنية في قبول مكان التوظيف أو النقل، وارتفاع أجور القوى مقارنة بتكلفة العمالة الوافدة، واعتماد بعض القطاعات على العمالة الموسمية المؤقتة التي يصعب سعودتها، ومبالغة القطاع الخاص في شروط شغل الوظائف.
وعدم مواءمة مخرجات النظم التعليمية والتدريبية لاحتياجات سوق العمل، وانخفاض إنتاجية القوى العاملة السعودية مقارنة بالعمالة الأجنبية، وسهولة إنهاء عقود عمل العمالة الأجنبية مقارنة بالسعودية.
وطبيعة العمل في القطاع الخاص، من حيث طول ساعات العمل، وقصر الإجازات، مقارنة بالقطاع العام، والانطباع بعدم التزام وجدية الشاب السعودي، والتنقل المستمر للقوى الوطنية من وظيفة لأخرى، وسهولة إجراءات استقدام العمالة الأجنبية لمؤسسات القطاع الخاص، والتخوف من تأثير السعودة في القدرة التنافسية للقطاع الخاص.
من جهته، قال الدكتور عادل فقيه: إن السعودية تمثل "ورشة عمل كبرى"، فيها عدد هائل من المشاريع الكبرى، مؤكداً أهمية الموازنة بين توفير احتياجات القطاع الخاص وإتاحة الفرص المناسبة للقوى الوطنية.
وأضاف فقيه: إن التوصيات المطروحة في الجلسة، أغلبها موجه لمجلس الوزراء وجهات أخرى، وليست لوزارة العمل فقط. مؤكداً اتفاقه مع بعض الأفكار الواردة في التوصيات، وأن كثيرا منها، إما في مرحلة التطوير والدراسة في الوزارة حاليا، أو ستدرجها لاحقا في الدراسات المقبلة لتطويرها.

طرح دمج وزارتي العمل والخدمة المدنية

قال لـ "الاقتصادية" الدكتور سالم القحطاني، عميد التطوير بجامعة الملك سعود، إن الدراسة التي طرحتها الجلسة الثالثة للمنتدى، تضمّنت بدائل ناقشتها الجلسة، منها دمج وزارتي العمل والخدمة المدنية. وأوضح القحطاني، أن هذا الحل معمول به في كثير من دول العالم، إذ توجد وزارات تعنى بالقوى العاملة، ويجتمع تحت مظلتها العاملون في القطاعين العام والخاص.
وأضاف، أن الدراسة اعتمدت حل إنشاء هيئة عليا للقوى العاملة، يكون دورها تشريعيا، وتضع الأنظمة والسياسات للعمل في القطاعين، ويكون في مجلس إدارتها وزيرا "العمل" و"الخدمة المدنية".
وعن الهدف من طرح هذه التوصية، قال القحطاني: إنه من أجل توحيد الجهات المعنية في إصدار التشريعات، وبإدارة القوى العمالية في سوق العمل؛ لتسهيل وضع الخطط وتنفيذها ومتابعتها.
وأشار إلى تحديد الدراسة الجهات المسؤولة ممثلة في مجلس الوزراء لاعتمادها، واللجنة العليا للتنظيم الإداري، لوضع اللوائح والسياسات التفصيلية والهيكل التنظيمي، كونها المختصة بذلك في حال اعتمادها.
وعن عدم وجود تنسيق بين الوزارتين، أشار القحطاني إلى انسحاب مدرسين من مدارس تابعة للقطاع الخاص، بعد أن تم تثبيتهم في وظائف حكومية، وقال: "دون سابق إنذار، أعلنت وزارة الخدمة المدنية عن أسمائهم، ما دفعهم للانسحاب من مدارسهم، وسبب هذا إرباكا لإدارات المدارس والطلاب الدارسين فيها".

الأكثر قراءة