Author

بنفسك.. فلتبدأ

|
رغم التحفز والترقب الكبير من أنصار الفريقين لمباراة الأهلي والنصر الليلة، إلا أن نتيجتها لا يمكن أن تكون مقياسا لجودة أو رداءة الفريقين في ما يتبقى من الموسم الرياضي، هذه حقيقة، لكن شريحة كبيرة من جمهور الفريقين لا تؤمن بذلك. .. لو خسر الأهلي الذي يطمع في بلوغ نصف نهائي القارة الآسيوية للمرة الثانية على التوالي، فإن جماهيره ستعود لمراجعة القرارات الأخيرة لمدرب الفريق، وستبدأ في إطلاق أحكام تجاه محترفيه، وسيطال النقد والتجريح إدارة النادي، وستعلو الأصوات تردد بشيء من الندم، أسماء غادرت مثل طارق كيال، عماد الحوسني، وبالومينو، وستصفق الأكف بعضها بعضا حنينا وشوقا للسنوات الماضية وهي الأعوام الثلاثون ذاتها التي لم يحقق فيها الأخضر لقب الدوري. في الجهة الأخرى، لو تلقى الأصفر صاحب الصفقات المدوية هذا الموسم، خسارته الأولى في الموسم، فإن مقولة مثل: "كارينيو لا يجيد التعامل مع المباريات الكبيرة" سيلقي بها لاعب سابق جاهل أو إعلامي مستظرف، وسيبدأ العامة بدحرجتها حتى تُسمع جلبتها، وسيتم فتح ملفات مغلقة، وتعود خلايا نائمة للحياة تستنشق رائحة المياه العكرة، ولا تستبعد أن يخرج أحدهم منتقدا رئيس النادي في اختيار موعد زواجه وتركه الفريق يستعد بالمدرب واللاعبين فقط. العلاقة بين المشجعين وفرقهم هي علاقة حب، تصل للهيام في مرات كثيرة، والهيام أعلى درجات العشق، ومعها يصاب المحب بعمى الألوان فلا يرى إلا لونا واحدا، ويتحول إلى طفل يردد رغباته، يريد فقط ولا يهمه كيف يتحقق ما يريد. والحالة ذاتها وصفها الشافعي في قوله: وعين الرضا عن كل عيب كليلة.... ولكن عين السخط تبدي "المساويا". .. وفي أعقاب الخسارة، تتفجر "المساوي"، وتسلب العواطف المتعصبة من اللاعبين وفرقهم ومدربيهم كل ميزات اكتسبوها سابقا، ويتحول المشهد الرياضي، إلى حالة مكتظة بالاحتقان والسوداوية والظلم. في المشهدين الأخضر والأصفر المفترضين حال الخسارة، يختفي صوت العقل، والإدراك الحقيقي لماهية اللُعبة وظروفها، وحقيقتها، ويغيب قادة الرأي الحقيقيون عن المسرح، ويُفتقد التقييم المهني الحقيقي. الأهلي والنصر، في قمة الجولة الثانية، مباراة تعد بالمتعة وتبعث توقعات بكرة قدم مثيرة في الدقائق التسعين المنتظرة، إن فاز أصحاب الأرض فهم أهل لذلك، وإن انتصر الضيوف فقد فعلوها من قبل، والخاسر بينهما لن يخسر كل شيء، ففي الوقت متسع لكل شيء. وحري بأنصار الفريقين أن يمارسوا أدوارهم الحقيقية في التحفيز والدعم والمساندة، وأن يبتعدوا عن بث الشحنات السلبية في لاعبي فريقهم عند الخسارة، وأن يتخذوا المثل في الجماهير المتحضرة منهجا لهم، وآخرهم أنصار كاشيوا ريسول الياباني الذي واجه الشباب في نصف نهائي دوري الأبطال. كرة القدم لعبة ترفيهية راقية، والجمهور أحد مكوناتها المهمة، وكما يطالب الجمهور نفسه بتطوير الملاعب والإعلام والقوانين، عليه أن يطور من مساندته لفريقه ويسعى للمنافسة على لقب الجمهور الأفضل، وأن يبتعد عن منافسة الساقط في سقوطه.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها