أخبار

تقرير لرويترز.. مترو الرياض يغيّر وجه العاصمة

تقرير لرويترز.. مترو الرياض يغيّر وجه العاصمة

لا تسعى السعودية فقط من خلال مشروع "مترو الرياض" الذي تعتزم تنفيذه بتكلفة 22.5 مليار دولار لوضع حد للاختناقات المرورية التي تزعج ملايين القاطنين في الرياض ولتغيير وجه العاصمة وتحويلها الى مركز تجاري اقليمي فحسب وانما ايضا لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط. ودشنت الحكومة السعودية المشروع العملاق مساء الاحد بمنح عقود لثلاثة ائتلافات تقودها شركات أجنبية من أكبر مصنعي ومنفذي شبكات القطارات في العالم لتصميم واقامة أول شبكة مترو في الرياض في مشروع عملاق سيستغرق تنفيذه خمس سنوات. ومترو الرياض هو باكورة تلك المشروعات العملاقة وتتبنى الحكومة مشروعات مثيلة للنقل العام أحدها في مكة بقيمة 16.5 مليار دولار ويشمل خططا للمترو ومشروع اخر في جدة ربما تبلغ تكلفته 9.3 مليار دولار. وتأمل المملكة على المدى الطويل في تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط للحد من حساسية الاقتصاد ازاء تقلب أسعار الخام العالمية. ومشروعات المترو جزء رئيسي من تلك الجهود اذ قد تغير الطريقة التي تعمل بها المدن السعودية الكبرى وتساعدها على تطوير مناطق للصناعات التجارية وانشاء شركات للصناعات الخفيفة غير النفطية بينما تنشيء كذلك مشروعات عقارية واستثمارات أخرى بامتداد شبكة القطارات. تقول شركة اف.سي كونستركسيون الاسبانية التي فازت بعقد قيمته 7.82 مليار دولار ضمن المشروع انه سيكون "معلما جديدا في تاريخ البناء الدولي." وقال رئيس الشركة ميجيل جورادو "المشروع سيغير وجه الرياض. بوجود شبكة نقل بطول 170 كيلومترا سيكون الناس على مقربة دائما من المترو. لن يحل المشروع مشكلة المرور فحسب لكنه سيكون نقطة الوصل بين المركز المالي والمطار والمراكز التجارية وانحاء أخرى من المدينة." ويقول مسؤولون حكوميون ان مترو الرياض هو اكبر مشروع لشبكات النقل العام في العالم يجري تطويره حاليا وسيشمل ستة خطوط للسكك الحديدية تمتد 176 كيلومترا وتعمل عليها قطارات كهربائية بدون سائقين. ووفقا لفيديو توضيحي للمشروع ستضم شبكة المترو أنفاقا تسهل مرور القطارات عبر وسط المدينة كما ستمر القطارات فوق عدد من المسارات والكباري فوق الارض. وقال ابراهيم بن محمد السلطان رئيس هيئة تطوير الرياض "الجدوى الاقتصادية للمشروع -تكمن في- العوائد الغير مباشرة...كل ريال ننفقه على مشروع النقل العام سيحقق عائدا ثلاثة ريالات -ينعكس على- البيئة والعمران واستهلاك الوقود." ونبه الامير الوليد بن طلال في تغريدة على موقع تويتر أمس من نبه الى ضرورة تقليص اعتماد المملكة على النفط الخام وتنويع مصادر ايراداتها في ظل تقلص الطلب العالمي على النفط السعودي بسبب تزايد امدادات الطاقة الصخرية الامريكية. ومع نمو سكان المملكة ومعظمهم من الشباب ينمو الاستهلاك المحلي للنفط بوتيرة تتجاوز نمو الطاقة الانتاجية. ومن شأن عربات القطار المكيفة والمزودة بخدمة الواي فاي أن تغير اسلوب التنقل وأن تخفف من اعتماد الكثيرين على التنقل بالسيارات ليرفع في نهاية الامر نسبة مستخدمي وسائل النقل العام فوق النسبة البالغة اثنين بالمئة فقط من ستة ملايين نسمة يعيشون في الرياض. يقول جون سفاكياناكيس رئيس قسم استراتيجيات الاستثمار بمجموعة ماسك "سيكون لمشروع المترو اثار ايجابية عديدة على الاقتصاد السعودي اذ لن يحد فقط من أزمة المرور في العاصمة التي من المتوقع أن يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة خلال السنوات العشر المقبلة ولكنه أيضا سيكون حافزا للحكومة لتطبيق معالجة أكثر جدية لمسألة دعم الوقود." "تكون وسائل النقل العام ناجحة اقتصاديا فقط عندما تكون أسعار وقود النقل أعلى كلفة من وسائل النقل العام." ويضيف "كما سيحد المشروع من متطلبات الطاقة لقطاع النقل وذلك في حال قامت الدولة بتقديم حوافز لمشروع المترو كبديل عن المركبات." وتستهلك المملكة نحو 500 ألف برميل يوميا من النفط في صورة وقود. ومن المتوقع أن تبلغ الطاقة الاستيعابية للمشروع 16ر1 مليون راكب يوميا عند بداية تشغيله وأن ترتفع الى 6ر3 مليون راكب يوميا خلال عشر سنوات. وستمتد شبكة النقل عبر العاصمة لتغطي مناطق تركز الكثافة السكانية وتخدم مناطق الجذب المروري العالمية كمناطق التوظيف والانشطة التجارية والتعليمية كالوزارات والمستشفيات والجامعات والمجمعات التجارية والمنشات الحكومية ومطار الملك خالد الدولي ومركز المعارض الدولي ووسط المدينة. وستبنى المحطات وفق تصاميم معمارية حديثة وستكون جميعها مكيفة وستضم بعض المحطات الرئيسية محلات تجارية ومواقف للسيارات ومكاتب لخدمة العملاء وهو ما سيعزز الاقبال على استخدام المترو كبديل عن السيارات. وبين شكوى الرجال من التكدس والاختناق المروري وشكوى النساء من عدم السماح لهن بقيادة السيارات يلقي المشروع استحسان الكثير من السعوديين والعاملين الاجانب في العاصمة. يقول أبو أنس وهو مهندس سعودي "المسافة بين بيتي ومكان عملي في جنوب الرياض غير كبيرة اطلاقا لكن يستغرق الامر مني نحو 50 دقيقة بالسيارة ذهابا ومثلها ايابا...اعتقد بالمترو قد يستغرق الامر مجرد ست دقائق." وفي جولة لتلفزيون رويترز بشوارع العاصمة أبدى عدد من المواطنون ضيقهم من الاختناق المروري وتفاؤلهم بأن يكون المترو حلا لتلك الازمة. يقول صبري حسن الذي التقت به رويترز في طرق خريص وهو واحد من أكثر شوارع العاصمة ازدحاما كونه يربط شرق العاصمة بغربها "المرور صعب جدا جدا. هناك سيارات كثيرة للغاية لا اعرف ماذا أقول سوى أن الامر سيء جدا." كما قال خالد العنيزي "انا بطلع قبل الدوام بساعة ونصف الساعة علشان اوصل في هذه الزحمة." فيما أبدى مواطن اخر لم يفصح عن اسمه أمله في أن يخفف المترو هذا الزحام ويحد من المشاكل المرورية. لكن اخرين ربما لا يقبلون على استخدام المترو ويفضلون السيارات رغم صعوبة السير في شوارع العاصمة لاسيما وقت الذروة. يقول محمد وهو مدرس مصري يعمل بالعاصمة "سانتظر وأرى الاسعار قبل أن اقرر استخدام المترو أم لا. لو كانت أسعار التذاكر مرتفعة ...اكيد هايكون أوفر لي اركب العربية." وأضاف "لتر البنزين بيكلفني 50 هللة -0.13 دولار- فلو هانزل الشغل واوصل ولادي للمدرسة بالمترو هايكون الامر مكلف اكتر من العربية. الزحام هو المشكلة الوحيدة لكن الواحد خلاص اتعود." ولا يوجد بالسعودية أكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم سوى عدد محدود من وسائل النقل العام وتعاني شوارع الرياض من الاختناق والتكدس المروري معظم ساعات النهار وحتى وقت متأخر من الليل. ومن المقرر أن يضم مشروع النقل العام بالعاصمة شبكة حافلات حديثة تغطي المدينة وتشمل حافلات تحت الطلب مزودة بخدمة الهاتف الجوال. وفي حي البطحاء بجنوب الرياض حيث يقطن الكثير من العمال الوافدين لاسيما ذوي الدخل المنخفض التقى تلفزيون رويترز بأحد سائقي خطوط "البلدة" وهي حافلات نقل متهالكة غير مكيفة وتعود طرز بعضها الى ثمانينات القرن الماضي يستخدمها العمال في الاساس. يقول جيم وهو عامل فلبيني "سيقدم المترو مساعدة كبيرة للمغتربين... ومساعدة كبيرة لازمة المرور." لكن عياش أحمد وهو سائق سعودي لاحد تلك الحافلات يتوجس خيفة من المشروع اذ يقول "اذا جاء مترو الانفاق سيؤثر علينا. صحيح بتنفك خنقة الزحام لكن بالنسبة للباصات هايقل الشغل عليها لان الناس أكثرها هايروح على المترو." ومع عدم السماح للنساء بالقيادة سيكون للمترو أثر اجتماعي واضح. وستضم عربات المترو مقصورات للعائلات واخرى للافراد. تقول الاء حسن الطالبة باحدى الجامعات في الرياض "بالطبع ساستخدم المترو لانه سيفك أزمة كبيرة تواجهها النساء في المجتمع...سيكون وسيلة لانجاز أمورنا بانفسنا بصورة أسرع." وتضيف "أذهب الى الجامعة عن طريق ميني باص وادفع 2000 ريال شهريا...زميلاتي اللاتي يقمن بالقرب من الجامعة يدفعن بين 800 و1000 ريال...قطعا سيكون المترو وسيلة نقل أرخص."
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار