Author

كيف يسقط الهلال؟

|
لا أعرف بطولة قوية تلعب بنظام الذهاب والإياب، حققها الهلال، بل إن تاريخه الممتلئ بالبطولات الآسيوية والعربية لا يضم بطولة حققت بهذا النظام سوى بطولة السوبر الآسيوي ومن مباراتين فقط. وتحتفظ الذاكرة بأهم بطولة - ومن مباراتين أيضا - كانت قاب قوسين أو أدنى من الأزرق، ولعبت حينها بالنظام ذاته، وخسرها الزعيم بين جماهيره وعلى أرضه أمام الإفريقي التونسي وهي بطولة الأفروآسيوية. ومنذ أن تحول دوري أبطال آسيا عن نظامه القديم التجمع، والأزرق السعودي يلعب جيدا في دور المجموعات، ولا يتجاوز دور الإقصائيات، يخرج غالبا من الدور الأول، ومرة من نصف النهائي، وهو مؤشر يدعو للتساؤل ويحرض على البحث والتقصي. وحتى على المستوى المحلي، ومنذ إقرار نظام الهدف بهدفين في ذهاب وإياب كأس الملك، والبطولة شوكة في خاصرة الأزرقيين، وطوال ستة أعوام لم يبلغوا فيها النهائي إلا مرة واحدة، وهو رقم ضعيف مقارنة بحضوره في البطولات المحلية الأخرى. لا أشك لحظة في أن نظام الذهاب والإياب يمنح كل الفرق فرصة متساوية عند اللقاء بعكس نظام التجمع، ويسمح لها باستثمار معطيات الأرض والفوز في الدفع معنويا بالفريق، فما الذي يحدث للهلال؟ ولماذا لا يجيد تجاوز هذه المنعطفات، وأكثر المباريات التي خسرها الهلال في سياق هذا النظام كانت على أرضه، بالمقابل كسب أكثر خارج الديار.. لماذا؟ التعامل مع نظام الذهاب والإياب، ثقافة، تحتاج إلى توعية لاعبي الفريق، أي فريق، ويحتاج إلى خطط وأهداف مرحلية منفصلة، في كل خطوة هناك هدف مختلف، يفرض استخدام وسائل مختلفة للوصول إليه. في عرف الهلاليين وطوال تاريخهم، تشكلت تركة ثقافية فنية رياضية، كست بني الأزرق بصبغتها، فأصبحت موروثا ثقافيا تناقلها الأجيال عن الأجيال، وهو أن الهلال لا يدافع وأن الأزرق لا يستكين وأنه دائما يهاجم ويبحث عن النصر ويمتلك زمام المبادرة، ولذلك كان أكثر خريجي الفئات السنية في الأزرق هم لاعبو المهارة في الوسط والهجوم، فيما لم ينجح الهلاليون في تقديم مدافع هلالي أصيل الدماء الزرقاء عدا الجنرال النعيمة، وصالح نفسه رسب خمسة في خلافته. ثقافة الأزرق الداعية إلى عدم الاستكانة والانقضاض على الخصوم دائما، لا تنجح في معادلات الذهاب والإياب، لأنها تتوافر على قراءة غير منطقية للمشهد، وتبالغ في تمجيد الذات، فتقع الذات ضحية لتضخم الذات. من المهم ألا تستقبل شباكك هدفا وأنت تلعب في الديار، هذه قاعدة، يتناساها الهلاليون بفعل الدافع الثقافي المستوطن في دواخلهم، فيهاجِمون ويهاجَمون حتى يصاب مرماهم، فيما الخصوم يدفعونهم، حتى تسنح فرصة فيدمون مرمى الأزرق، وعندها يصبح التعويض مضاعفا. يحدث هذا على أرض الأزرق، فيصبح الهدف بهدفين، أما خارج دياره، فالهلال مستمر أيضا بالهجوم، ويقابله عندها الخصوم بهجوم مماثل تفرضه معادلة الذهاب والإياب، فتتغلب قدراته الهجومية الفارقة وينتصر غالبا، الخصوم حفظوا الهلال، فأصبح الفوز عليه بهدف يتيم في مباراة الذهاب أكثر من نصف الطريق إلى البطاقة، وأصبحت مبارياتهم معه، كلها ذهاب، فيما الأزرق يتوعد إيابا، ولا يحسن الإياب. خلاصة القضية، أن الهلال إذا استمر في كبريائه الخادع، أمام لخويا القطري، وهاجم منذ البداية، سيخسر، أما إذا أعاد ترتيب حساباته وفق المنطق وتبعا لقاعدة ''الكرة لا تعرف كبيرا'' فسيعبر إلى ضفة ربع النهائي.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها