«كورونا».. حتى لا تخرج الأوضاع عن السيطرة

أعلنت وزارة الصحة أن عدد المصابين بمرض كورونا وصل في المملكة منذ شهر شوال 1433هـ (سبتمبر 2012) حتى هذا الشهر إلى 24 حالة، توفي منهم 15 حالة - رحمهم الله وتغمدهم بواسع رحمته. إن قراءة الرقم بهذه الطريقة قد لا تكون بالضرورة سببا للقلق منه، فهناك أكثر من 25 مليون شخص لم يصب منهم سوى 24 شخصا، بينما هناك أمراض أخرى تفتك بالمجتمع هي بالفعل أكثر خطورة وأكثر قلقا من هذا المرض الذي بدأ يتفشى، لكن من جانب آخر يجب ألا تكون نظرتنا للمرض بهذا الضعف، ونغفل عنه حتى يصبح وحشا ضاريا، فالأرقام التي أشارت إليها الوزارة تدل على أن المرض يصيب ثلاثة أشخاص كل شهر تقريبا ''وذلك مع إضافة أربع حالات مشتبه فيها أخيرا''، وهو ينتقل بين البشر بالعدوى، وأن نسبة الوفيات تزيد على 50 في المائة ممن أصيبوا به وفي قت قصير، وهنا محل القلق الذي يجب أن يرفع مستوى اهتمامنا بهذا المرض إلى ما هو أعلى من مجرد شفافية وإعلان.
من المعلوم الآن أن لدينا أكثر من 24 حالة مؤكدة، إصابة مات منهم 15، وأن ظهور هذا الفيروس الجديد يلقى اهتمامًا عالميًّا، وأنه مرض جديد، وأن ثمة فراغات في معرفتنا بطبيعة المرض، وأنه من عائلة فيروس سارس SARs سيئة السمعة، ولكنه مختلف عنه. ومن المدهش برغم كل هذا أن وزير الصحة لدينا لم يقم بزيارة أي مستشفى أو فرع وزارة مما انتشر هذا المرض فيها، أو انطلق منها، ولهذا نشعر كمجتمع بقلق من مستوى تعامل وزارة الصحة مع خطورة المعلومات. ورغم أن خطورة المرض لم تصل في انتشارها إلى مستوى مرعب، لكن إذا استمر تعامل الوزارة مع هذه القضية بهذا البرود المصطنع فإن الأوضاع قد تخرج عن السيطرة حتما. مقارنة بسيطة تبرر لنا هذا القلق، فوزارة الصحة في فرنسا أعلنت اكتشاف حالتين فقط، ومع ذلك قامت وزيرة الصحة الفرنسية بشخصها بالوقوف على المستشفى الذي ظهرت فيه أول حالة، ويوسع قطاع الصحة في فرنسا الآن فحوصاته لتشمل أي شخص كان على اتصال بحالات الإصابة المؤكدة. من المهم ذكره أن حالة الإصابة الثانية في فرنسا كانت لرجل أصيب بالمرض بعد عودته من دبي، وهذا يشير إلى مدى انتشار هذا المرض في دول المنطقة، ومع أن منظمة الصحة العالمية أشادت بالخطوات الجادة المتخذة من قبل المملكة، إلا أننا لم نزل نشعر بتباطؤ الوزارة في رفع مستوى الحيطة من هذه المرض، فالمستشفيات لم تزل تتعامل مع الحالات التي تردها بطريقة عادية، بينما قد تكون حالات خطرة فعلا، فالأطباء الذين يشرفون على المرضى يتنقلون بينهم بلا شعور جاد أن هناك مرضا خطيرا في ردهات المستشفى والممرات وبين الأصابع، غرف الانتظار في المستوصفات التي تغص بها الأحياء واحدة، وهناك تجد حالات سعال شديدة بجوار حالات جروح عادية، الجميع ينتظر في غرفة واحدة يتواصلون ويتفاعلون مع بعضهم بهدوء، غير مدركين مستوى الخطورة الكامن بين حواراتهم.
إننا نقدر أن تعمل وزارة الصحة على عدم نشر الرعب بين الناس، لكن من المهم أن يتواجد وزير الصحة قبل غيره إضافة إلى كبار مسؤولي الوزارة في موقع المرض «مستشفى الأحساء» ومن المهم أيضا عندما ندخل إلى المستشفيات والمستوصفات أن نشعر بأن الوزارة مهتمة فعلا، وأننا قد نلتقي فجأة وزير الصحة أو أحد وكلائه وهو يقوم بزيارة مفاجئة للمستشفى - حتى لو لم يظهر فيه المرض - ليتفحص مدى التزامهم بمبادئ العمل المهني في هذه الحالات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي