Author

لماذا ينعس الأخضر؟

|
.. بعد هدف إندونيسيا المباغت، رتب الأخضر صفوفه وقدم حتى هدف التعادل كرة جميلة، صفوف مترابطة، تمريرات سليمة، تحركات واعية، حماسة وحرص وروح ظهرت على اللاعبين وقادتهم للرد السريع. بعد هدف الأخضر الأول عاد الفريق للتثاؤب مجددا فأصبحت التمريرات تفتقد الدقة، والمحاولات كلها أضعف من أن تقود إلى الهدف المطلوب، بل إن ما قدمه العابد والشهري في دقائق ما بين الهدفين الأولين يوازي ما قدماه في المباراة كلها. وبعد أن ارتقى النهاز السالم لعرضية البيشي ثم أرسلها هدف التقدم لأخضرنا، عادت حالة النعاس إلى صفوفنا أكثر عن ذي قبل، وتباعدت الخطوط من جديد، وسنحت للخصوم أكثر من كرة للحاق بالمباراة، والحمد لله والشكر أن الفريق الأحمر لم يكن لديه مهاجم يعرف الطريق إلى الشباك، وإلا ربما رأينا حلقة جديدة في مسلسل ''الأخضر.. واللحظات القاتلة''. لماذا يحدث هذا؟ ولماذا تستمر هذه الحالة مع الفريق السعودي دائما؟ ولماذا نحتاج دائما إلى هزة نشعر معها بالخطر ونستفيق من حالة التثاؤب والنعاس التي تكتسي صفوفنا فجأة؟ في ظني أن هذا يعود إلى الثقافة الاحترافية للاعبينا، الذين أتوا من أندية لم تعزز في دواخلهم أنهم في الملعب لتأدية دور وظيفي وفق عقد رسمي مصادق عليه من جهات رسمية عدة أبرزها الاتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا''، وأن هذا الالتزام المعترف به ينشطر إلى واجبات وحقوق، أولها بذل الجهد في كل ساعات الدوام المقررة، لكن عندما يغيب السلوك الاحترافي، تتحول الأفكار إلى جهود فردية خالصة يحكمها المزاج، والجو المرافق للحدث وما يليه ويسبقه. ثقافة الاحتراف لدى لاعبينا هي ربيبة ثقافة العمل عامة في مجتمعنا وسلوكياتنا وأدبياتنا في محيطه، التي لا تستند على قاعدة: لكل مجتهد نصيب. رغم أننا نستدعيها دائما من موروثنا الشعبي، بل لا يوجد في ثقافة العمل لدينا معايير واضحة يسلكها المجتهد للتفوق، ولذلك أصبحت الساعة الأخيرة في الدوام الرسمي لأغلب الجهات الحكومية اسمها: ''ساعة الفركة''، وأصبحت الترقيات توهب، ولا تنتزع بالجودة، وأصبح النظام هو ما تملك من علاقات شخصية فقط، أما ما سواه فهو حبر على ورق. في محيط كرة القدم السعودية المحترفة منذ عام 1993، يقارب عقد أي لاعب على النهاية، فيقدم له الرئيس أو المسؤول عرضا ماليا للتجديد، يعتمد على المزاج العام للرئيس في لحظتها ورضاه من عدمه عن اللاعب مقرونا بقوة الأخير في المدرج، وهل سيسبب صداعا أم لا؟ في أوروبا والدول المتقدمة رياضيا، يقدم العرض الجديد للاعب وفق دقائق اللعب التي لعبها طوال الموسم، ماذا قدم؟ كم سجل؟ كم صنع؟ كم فاز معه الفريق وكم خسر؟ وكم مرة أصيب؟ وكم مرة خرق النظام؟ مقرونة أيضا بالقدرات المالية للنادي وغير مغيبة لتاريخ اللاعب في الدفاع عن ألوان الفريق، أي أن لكل شيء ثمن، يختلف بحسب أهميته. وكل هذا يسهم في تشكيل بيئة وثقافة عمل ينصهر فيها الجميع. لا يمكن أن نلوم لاعبينا على ثقافتهم الاحترافية، لأنهم نتاج المجتمع الرياضي نفسه الذي تنعدم فيه المعايير، والأخير نتاج المجتمع الكبير الذي تسيطر عليه العلاقات الشخصية، ويقل فيه متبعو النظام.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها