Author

ماذا ينتظر سوق الأسهم ليستقيم؟

|
بعد أن ودعت السنة الميلادية الجديدة أول أشهرها، يأخذ متابعو الأسواق والمحللون الماليون عادة أداء ذلك الشهر كمؤشر تقريبي على النظرة المستقبلية لاستشراف توجهات الأسواق المالية للسنة بأكملها. إضافة إلى ذلك من خصوصيات أداء هذا الشهر كانون الثاني (يناير) بالذات، خلصت دراسات إحصائية علمية إلى وجود ما يسمى ظاهرة يناير January effect، التي أجنب القارئ العزيز تفاصيلها الإحصائية العلمية لعدم مناسبة ذلك هنا، غير أن خلاصتها هي وجود فارق في أداء أسهم الشركات الصغيرة مقارنة بالشركات الأكبر حجما في هذا الشهر، وقد استخدمت مثل هذه النتيجة كدليل على عدم كفاءة الأسواق بشكل "قوي"، وهي الصيغة الثالثة التي ترتبها نظرية كفاءة الأسواق، وبالتالي يشكك الباحثون في وجودها في أي سوق عالمي حتى المتقدم منها. وعلى أي حال فشهر كانون الثاني (يناير) له خصوصية في بحوث المحللين الماليين ورصد أسباب الظواهر المؤدية إلى هذا التباين. وفي السوق السعودي لا أظن أن لدينا ظواهر كتلك لعدم وجود نسق محدد أصلا من الأداء، وذلك لشيوع المضاربة أكثر في غالبية تداولات السوق وعدم استجابته بشكل عام للأساسيات الاقتصادية والمالية المعروفة، بما يتفق مع نظرية قياس الكفاءة والفاعلية. وهذا ليس بجديد غير أنني ألاحظ استمرار السوق بالمنهجية نفسها تقريباً، وإن كان هناك تحسن في الكفاءة، غير أنها ما زالت إلى حد كبير تبقى هامشية. وهذا راجع إلى أسباب مختلفة، فمن باب التمثيل فقط على عدم استجابة السوق للأساسيات الاقتصادية، نرى أن السوق السعودي حقق فقط نصف نسبة أداء سوق اقتصاد أقل نموا بكثير من الاقتصاد السعودي، وذلك في نهاية شهر كانون الثاني (يناير)، حيث ارتفع السوق السعودي بنحو 3 في المائة، في حين أن السوق الأمريكي حقق ما يوازي 6 في المائة في نهاية كانون الثاني (يناير). وهذا عكس منطق الكفاءة واعتماد أداء السوق على الأساسيات، وإلا فمن المعروف أن الاقتصاد السعودي تنتظره نسب نمو أعلى بكثير من الاقتصاد الأمريكي. إن سوق الأسهم السعودي ما زال يعاني مشاكل جوهرية، وهذا ليس عيباً جديداً أو غير معروف، لكن المشكلة تكمن في بطء العمل على حلولها ليصبح في النهاية سوق الأسهم عبئا على الاقتصاد، واحدا من منافذ تسرب الأموال وعدم توظيفها بما يحقق النمو الاقتصادي.
إنشرها