ميزانية 2013.. الوفرة والبناء والرخاء

من التقاليد الجميلة في حياتنا الاقتصادية أن الشعب السعودي يتفاعل مع الحكومة في كل عام مع موعد صدور ميزانيات الدولة التقديرية، ولذلك نكاد نسمع صدى أرقام الميزانية -عند صدورها - يتردد في كل بيت سعودي.
بمعنى أن ميزانية الدولة التقديرية أضحت مناسبة وطنية سنوية تسترعى اهتمام وانتباه كل مواطن سعودي وصداها يتردد في كل الأسواق السعودية.
ونحمد الله العلي القدير أن ميزانيات الدولة التقديرية لا تصدر - لعقود طويلة - إلا بالفائض والزائد وتنشر الفرح في ربوع الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
استطاعت وزارة المالية، وهي تضطلع بتصميم ميزانيات الدولة التقديرية في كل عام، أن تكتسب خبرة ومهارة جيدة في مواجهة المتغيرات، وفي رصد الاعتمادات المالية اللازمة لتحقيق مزيد من النمو والرخاء.
ونحن نقرأ الميزانية التقديرية للدولة للعام المالي 2012 لا نملك إلا أن نرفع أكف الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى أن يديم نعمة الرخاء والخير على هذه البلاد وقادتها وعبادها الصالحين، وأغتنم هذه الفرصة لأكرر التهنئة لوزارة المالية على النجاح الكبير الذي حققته الميزانية التقديرية للدولة للعام المالي 2012 والتي استطاعت أن تقدم المال اللازم للاستمرار في تنفيذ برامج التنمية الطموحة التي تسعى إلى تطوير الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد المعرفة والأجواء المفتوحة.
وفي بيانها السنوي لميزانية الدولة التقديرية 2013 توقعت وزارة المالية أن تصل الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الحالي إلى 1.239.500.000.000 ريال بزيادة نسبتها 77 في المائة عن المقدر لها بالميزانية، 92 في المائة منها تمثل إيرادات بترولية.
وفي المقابل، يُتوقع أن تبلغ المصروفات الفعلية للعام المالي الحالي 853.000.000.000 ريال بزيادة 163.000.000.000 ريال، ونسبتها 23.6 في المائة عمَّا صدرت به الميزانية.
وبالنسبة للدين العام يُتوقع أن ينخفض حجم الدَّين العام بنهاية العام المالي الحالي 1433/1434 (2012م) إلى 98.848.000.000 ريال، ويُمَثِّل 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 1433/1434 (2012م) مقارنة بمبلغ 135.500.000.000 ريال بنهاية العام المالي الماضي 1432/1433 (2011م).
ولقد استمر التركيز في الميزانية للعام المالي القادم 1434/1435 على المشاريع التنموية لقطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي. ولقد بلغ ما تم تخصيصه لقطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة ما يقارب 204.000.000.000 ريال، ويمثل نحو نسبة 25 في المائة من النفقات المعتمدة بالميزانية، وبزيادة تقارب 21 في المائة عما تم تخصيصه للقطاع بميزانية العام المالي الحالي 1433/1434.
ففي مجال التعليم العام سيستمر العمل على تنفيذ مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم ''تطوير'' البالغة تكاليفه 9.000.000.000 ريال من خلال شركة ''تطوير التعليم القابضة''.
وتضمنت الميزانية مشاريع لإنشاء 539 مدرسةً جديدةً للبنين والبنات في جميع المناطق بقيمة تصل إلى 3.900.000.000 ريال، إضافة إلى المدارس الجاري تنفيذها حالياً البالغ عددها 1900 مدرسة، وتم هذا العام استلام 750 مدرسة جديدةً، وبذلك تنخفض نسبة المباني المستأجرة إلى 22 في المائة على مستوى المملكة مقارنة بنسبة 41 في المائة في عام 1430هـ. وبهدف توفير البيئة التعليمية المناسبة فقد اعتمدت مشاريع لتأهيل ألفي مدرسة للبنين والبنات ولأعمال ترميمات المباني التعليمية بمختلف المناطق وإضافة فصول دراسية وتجهيز وتأثيث المدارس والمختبرات المدرسية وتجهيزها بالوسائل التعليمية ومعامل وأجهزة الحاسب الآلي بتكاليف تبلغ 3.235.000.000 ريال، كما تضمنت الميزانية مشاريع لإنشاء مباني إدارات التربية والتعليم وصالات متعددة الأغراض ومراكز علمية لقطاع التعليم العام. وتم اعتماد مشروع لتوفير متطلبات السلامة في المباني المدرسية والإدارية بمبلغ 800.000.000 ريال.
وفي مجال التعليم العالي تضمنت الميزانية اعتمادات للجامعة السعودية الإلكترونية، وتم اعتماد مشاريع لاستكمال المدن الجامعية وتأهيل الكليات في عدد من الجامعات تبلغ تكاليفها أكثر من 13.400.000.000 ريال، واعتماد النفقات اللازمة لافتتاح 15 كلية جديدة. كما تضمنت الميزانية مرحلة إضافية جديدة لمشروع مساكن أعضاء هيئة التدريس والذي يجري تنفيذه حالياً ليصل إجمالي التكاليف المخصصة له في الميزانية إلى 14.200.000.000 ريال. وتم اعتماد إنشاء ثلاثة مستشفيات جامعية جديدة لتصل التكاليف المعتمدة لإنشاء المستشفيات الجامعية إلى أكثر من 4.250.000.000 ريال.
أما برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي فإن عدد المبتعثين من الطلبة والطالبات والموظفين الدارسين في الخارج الذين تُشرف عليهم وزارة التعليم العالي في حدود 120 ألف طالب وطالبة بنفقات سنوية تصل إلى 21،600،00،000 ريال. وفي مجال التدريب التقني والمهني تم اعتماد تكاليف لإنشاء كليات ومعاهد جديدة تبلغ قيمتها التقديرية أكثر من 3.500.000.000 ريال ونفقات افتتاح وتشغيل عدد من الكليات والمعاهد لزيادة الطاقة الاستيعابية للكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
ومن ناحية أخرى فقد بلغ ما خصص لقطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية نحو 100 مليار ريال بزيادة نسبتها 16 في المائة عما تم تخصيصه بميزانية العام المالي الحالي 1433/1434. وتضمنت الميزانية مشاريع صحية لاستكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة، ومشاريع لإنشاء 19 مستشفىً جديدةً ومركزاً طبياً، إضافة إلى استكمال تأثيث وتجهيز عدد من المرافق الصحية والإسكان وتطوير المستشفيات القائمة، ويجري حالياً تنفيذ 102 مستشفى جديدةً بمناطق المملكة بطاقة سريرية تبلغ 23 ألف سرير، إضافة إلى خمس مدن طبية بمختلف مناطق المملكة بسعة سريرية إجمالية تبلغ 6200 سرير. وتم خلال العام المالي الحالي 1433/1434 استلام 29 مستشفىً جديدةً بمختلف مناطق المملكة بطاقة سريريةً تبلغ 5750 سريراً.
وفي مجال الخدمات الاجتماعية تضمنت الميزانية مشاريع جديدة لإنشاء مقرات لأندية رياضية يبلغ عددها 20 مقراً، ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل ومكاتب للضمان الاجتماعي يبلغ عددها 15 مقراً، ودعم إمكانات وزارة الشؤون الاجتماعية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية، إضافة إلى زيادة المخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومخصصات الضمان الاجتماعي، ودعم برامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني. ويصل إجمالي ما تم تخصيصه لبرامج معالجة الفقر والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والضمان الاجتماعي خلال العام المالي القادم 1434/1435، إلى أكثر من 29.000.000.000 ريال.
أما بالنسبة لمشاريع وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات فقد بلغ ما خصص لها نحو 36.000.000.000 ريال بزيادة نسبتها 23 في المائة عما تم تخصيصه بميزانية العام المالي الحالي 1433/1434، منها أكثر من أربعة مليارات ريال ممولة من الإيرادات المباشرة للأمانات والبلديات. وفي إطار الاهتمام بهذا القطاع تضمنت الميزانية مشاريع بلدية جديدة وإضافات لبعض المشاريع البلدية القائمة تشمل تنفيذ تقاطعات وأنفاق وجسور لبعض الطرق والشوارع داخل المدن وتحسين وتطوير لما هو قائم بهدف فك الاختناقات المرورية، إضافة لاستكمال تنفيذ مشاريع السفلتة والإنارة للشوارع ومخططات المنح في مدن المملكة التي بلغت قيمة المشاريع المخصصة لها نحو 89.000.000.000 ريال، كما بلغت قيمة المشاريع القائمة والجديدة لتصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول وتوفير المعدات والآليات 38.200.000.000 ريال، ومشاريع للتخلص من النفايات وردم المستنقعات وتطوير وتحسين الواجهات البحرية، ومبان إدارية وحدائق ومتنزهات. كما تتضمن الميزانية مشاريع للدراسات والتصاميم لمشاريع النقل العام في مكة المكرمة ومدينة الرياض.
في ضوء الأرقام التي حفلت بها الميزانية التقديرية للدولة، فإننا نستطيع القول إن الميزانية هي مجموعة مشاريع استثمارية هدفها الارتفاع بالمواطن إلى مستويات معيشية أعلى، أو بمعنى آخر إن الميزانية خطة حافلة بالكثير من مشاريع التنمية في جميع المجالات، ونتمنى من كل مواطن في أي موقع أن يسهم ـ ولو بجهد المقل ـ في البناء وعمار هذا الوطن الغالي على الجميع.
إن ميزانية الدولة تؤكد - بما لا يدع مجالاً للشك - أن الاقتصاد السعودي من المتانة بحيث يستطيع تنفيذ الكثير من مشاريع وبرامج التنمية بعيداً عن مظاهر التضخم، ولقد أكد صندوق النقد الدولي أكثر من مرة متانة اقتصاد المملكة وَثمَّن السياسة المالية الحكيمة للمملكة وانفتاح نظامها الاقتصادي ودورها في استقرار السوق البترولية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي