سلامة الملك.. لنتوقف قليلاً
أما وقد خرج أبو متعب بالسلامة وأطلّ على شعبه ومواطنيه، فلا بد من التوقف قليلاً والتعليق على أحداث مهمة جرت خلال الفترة الماضية، منذ إعلان إجراء ملك البلاد عملية جراحية في الظهر في ١١ تشرين الثاني (نوفمبر)، ثم دخوله المستشفى في ١٧ تشرين الثاني (نوفمبر) وإجرائه العملية في اليوم التالي، ونجاحها - ولله الحمد، ثم استقبال خادم الحرمين الشريفين الأمراء في الثامن والعشرين من الشهر نفسه، في أول ظهور تلفزيوني، قبل أن يُفرح شعبه بمغادرته المستشفى أمس الأول.
خلال ما يزيد على الشهر، تعلقت الأنظار بكل شاردة وواردة تخص الملك، كيف لا وعلاقته وشعبه تتعدى علاقة الحاكم بالمحكوم، بل هي أقرب ما تكون إلى رب الأسرة مع أفراد أسرته.
وعندما أجريت العملية الجراحية، كان لافتاً ذلك البيان الصادر من الديوان الملكي، الذي، على الأقل في رأيي، حمل شفافية ووضوحا بشكل غير مسبوق، فقد حدد الدقيقة التي دخل فيها - حفظه الله - غرفة العمليات، ومدة بقائه لإجراء العملية، وأيضاً وقت انتهاء العملية وخروجه بالتفصيل، كما أن البيان لم يتحرج من توضيح مدة إجراء العملية على الرغم من طول فترتها، ولو قيل غير ذلك لما علم أحد، وبُعيد انتهاء العملية الجراحية بنجاح، كانت البيانات تتوالى يوماً بعد الآخر. ولي العهد يزور أخاه ومليكه بشكل شبه يومي للاطمئنان على صحته، وكذلك يفعل الأمراء والوزراء والسفراء وكبار المسؤولين، وبين الوقت والآخر يُطمئن الأمير سلمان بن عبد العزيز المواطنين بشأن صحة الملك،
وهو ما أسهم في توضيح حقيقة صحة الملك للرأي العام، لكن لنتذكر .. ليس كل البشر مشاعرهم إيجابية ونيّاتهم حسنة، فهناك الشرير والحاقد والكاذب والمريض، ولا تنسوا السفيه ومن يسير في ركب كل سفيه!
والآن عندما نسترجع ما جرى يبدو أن تسلسل الأحداث تم بشكل طبيعي وسلس، حتى ظهور بعض الشائعات والأكاذيب، يمكن اعتباره أمراً طبيعياً، أما غير الطبيعي والمستغرب، بل المستهجن، هو انسياق شريحة ممن كنا نظنهم عقلاء، خلف ''سفهاء'' يروجون هذه الشائعات بشكل لا يتناسب وحجم الحقائق الماثل أمامنا، فبيانات الديوان الملكي حاضرة، وتصريحات الرجل الثاني في الدولة مطمئنة، لكنهم عن غيهم لا يتوقفون، وفي ملاحقة أخبار الكاذبين مستمرون، ألم تتجاوب سوق الأسهم السعودية سلباً مع تلك الشائعات؟ وكأن بعضاً من كبار ملاك الأسهم انضموا للقطيع ذاته.. ألا يحق لنا بعد هذا كله أن (نشره) على مَن غُيِّب وعيهم ولعب على وترها مَن لا يتمنون خيرا لنا ولبلادنا؟!
ردة فعل السعوديين ومشاعرهم بخروج مليكهم بالسلامة لا يمكن استغرابها على الإطلاق، فهي تأتي في سياقها الطبيعي في العلاقة بين أبو متعب ومواطنيه، علاقة لم تؤسس على القمع والقسوة والخوف من الحاكم والحكومة، علاقة لم تتعمد إجبار الناس على التعبير عن مشاعرهم، معادلة بسيطة اعتمدتها الدولة السعودية منذ تأسيسها، فكانت ردود الفعل الطبيعية والصادقة.. إنها علاقة يندر أن تجدها في تلك الجمهوريات العربية التي تزعم ديمقراطياتها وانتخاباتها النزيهة، بينما يحدث ذلك في مملكة لم تزعم يوماً أنها ديمقراطية.. ألا يستحق ذلك أن يكون أحد أسرار مضي السفينة بثبات حتى والأمواج تتلاطم في بحر لا يعرف الهدوء والاستقرار؟