الراقصون على الجثث

انتحر أمس شاب في الرياض، أسأل الله أن يرحمه، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، ولكنني شعرت بألم وأنا أرى كيفية استقبال الناس في مواقع التواصل الاجتماعي للخبر. كان كلهم يفتي بما يمليه عليه خياله، أحدهم يضع اللوم على الفقر، ويلوم الحكومة. فلما ثبت أن المرحوم لم يكن فقيرا، تم التحول إلى قضايا أخرى تدخل في سياق ''رُبَّ كلمة قالت لصاحبها دعني''.
قبلها ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لشخص يشق ثوبه في الباحة، بعد أن قررت البلدية هناك إزالة منزله. الحق أنني شعرت بالتعاطف معه، لكن صحيفة ''سبق'' قدمت أمس الصورة الأخرى للرواية من خلال د. حامد الشمري وكيل إمارة الباحة الذي كشف أن هذه الصور تنطوي على تزييف للحقائق، فالرجل وضع يده على المكان خلال رمضان الماضي، وهو ليس محتاجا كما بدا في الصورة، إذ إنه يمتلك عقارات ومحطة بنزين أيضا. ومع ذلك، فإن أصداء هذا التوضيح لم تعجب الناس، لأنهم لم يكونوا مستعدين للتخلي عن الخيالات الأولى التي نسجوها حول الموضوع.
أمام انتحار الشاب، لم أتمالك نفسي، فكتبت هذه العبارة: ''همسة عتب للراقصين على الجثث: استحوا على وجيهكم. رحمه الله وألهم أهله الصبر والسلوان''. لم يمض مع الأسف سوى دقائق حتى رأيت أحد المشايخ ممن كنت أظنهم عقلاء يشارك في الرقص والتهييج، فتذكرت العبارة الشهيرة: آن لأبي حنيفة أن يمد قدميه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي