Author

شركة المعجل بين الحوكمة والجنائية

|
مستشار اقتصادي
كانت شركة المعجل مثالاً طيباً لخريجي "أرامكو" من رجال الأعمال المقاولين الذين حققوا نجاحاً واضحاً بالذات مع شركتَي أرامكو وسابك، إلى أن وصلت إلى مرحلة الخلط بين مسؤولية إدارة المال العام (أموال المساهمين) والملكية الخاصّة من ناحية، وبين الفصل غير المحسوم بين الإدارة (ممثلة في رئيس مجلس الإدارة) والملكية من ناحية أخرى. الطرح العام غيّر المعادلة تماماً إلى أن وصلنا إلى حالة تستدعي التحقيق. التعبير عن هذا الخلط وضعف الحوكمة بدا واضحاً عند طرح الشركة جزءاً من رأسمالها للعامة.. شهدت جزءاً من هذه الوقائع حين لم يحضر الملاك أو الرئيس التنفيذي للإجابة عن أسئلة المستثمرين المفترضين في الرياض على الأقل في أثناء تسويق الطرح، إحدى هذه الوقائع كان ارتفاع أجر المستشار المالي. حجم الخسائر، وإيقاف أسهم الشركة عن التداول، وحجم الدين لشركة كانت ناجحة لا يزال الملاك الأساسيون يملكون حصة مسيطرة فيها لا بد أن تكون مجال تساؤل محموم لكل الأطراف ذات العلاقة. الورطة كبيرة، لذلك فإن الأطراف متعددة، لكن هناك ثلاثة رئيسيين: الأول، الملاك والإدارة (يصعب الفصل بينهما)؛ والطرف الثاني الجهات الرقابية ممثلة في هيئة السوق المالية ومن يدور في فلك الإصدار من مستشار مالي ومحاسبي وقانوني؛ وثالثا القطاع المصرفي. قبل تمحيص وتحقيق معمق يصعب تحديد المسافات بين هذه الجهات، لكن أغلب المساءلة القانونية لا بد أن يقع على عواتق الملاك الممثلين في مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية واللجان المختصّة. الإشكالية في جوهرها مسألة حوكمة بامتياز، وهنا تواجه هيئة السوق المالية علامات استفهام في مراجعة خلفيات الطرح، خاصة إذا لم تستطع تقديم وصف دقيق عن حالة الحوكمة في الشركة لتسهيل متابعة تطور وتفرعات الإشكالية الداخلية (في فرعيها الاسترشادي واللزامي)، لكن يجب ذكر أنه ليس هناك ذمة مالية تلحق بالهيئة إذا كانت متطلبات الطرح موثقة وواضحة (بعكس حالة الاتصالات المتكاملة التي قصرت فيها الهيئة). أقول أغلب المسؤولية تقع على عاتق الشركة، خاصة أن الشركة في مجال أعمال مربح ولديها من الخبرة والتعامل مع أفضل عملاء في البلد. الطرف الثاني، وهنا لوم واضح، إن لم تكن مسؤولية من قِبل المستشار المالي، فارتفاع الأجر ذات علاقة مع المنتج، في هذه الحالة كان الفرق لافتاً مما يرفع تساؤلاً. الطرف الثالث في مسلسل الإهمال هو القطاع المصرفي الذي يتمتع بتزايد ظاهرة الضعف الائتماني وقد يصل إلى الفساد في بعض الحالات، حيث إن المصارف تتحمّل مسؤولية المال العام (المودعين). فالمسؤول الائتماني يجب ألا يفاجأ بتطور نوعي في شركة لديها قروض كبيرة مع عملاء مؤثرين. متابعة التدفق النقدي وفرز مصالح الإدارة عن مصالح الملاك وتتبع أدوار كل الجهات ذات العلاقة والتمييز فيما إذا الحالة فشل في الحوكمة أو فساد داخلي أو مخاطر ظرفية في الأعمال التجارية (تقصير إداري)؛ هو الكفيل بإنصاف المتضررين. مصداقية سوق المال أهم من شركة المعجل، لذلك قد تكون فرصة للتحقيق المعمق وفرز المسؤوليات ومعرفة الأخطاء التي قد تكون ذات طابع جنائي، إن وجدت، وتمييزها عن ذات الطابع الحوكمي وفرز ظروف السوق التجارية من كفاءة الإدارة. لن تكون هناك فائدة من تحقيق دون نشره ومعاقبة المسيئين للمال العام وسلامة الاقتصاد الوطني وحماية المساهم الأقل وعياً. الواضح أن هناك فجوات نظامية ورقابية في حماية الحقوق وسنرجع إليها في العمود القادم.
إنشرها