اقتصاديون: تعثر «المعجل» يفقد السوق 6 مليارات ريال ويضغط على القطاع المصرفي
في محاولات لـ "الاقتصادية" الاتصال بمسؤولي الشركة للتعليق على القضية والتعرف على مسار وضعها الحالي من خلال إعادة الهيكلة والمستجدات، قال المتحدث الإعلامي باسم شركة المعجل، إن الشركة تعتذر عن أي تعليق وتكتفي بالبيان الذي نشر على موقع سوق المال "تداول"، في حين أنها ستعلن عن أي تطورات في حينها.
أجمع متخصصون ومحللون اقتصاديون محليون، على أن ما تعرضت إليه شركة المعجل من خسائر مالية، يعود إلى سوء الإدارة من قبل ملاكها، وضعف نظام سوق المال الذي منح الشركات العائلية فرصة الدخول لسوق الأسهم، للحفاظ على وضع الشركات وتجنيب المساهمين والسوق خسائر أكبر من الخسائر التي تتكبدها الشركة التي قد تخرج من السوق نهائيا.
وبينوا في حديثهم لـ "الاقتصادية"، أن أكثر الأطراف خسارة ليست الشركة، وإنما المساهمون والسوق، نتيجة تعثر الشركة التي ستفقد السوق خسائر أكبر من حجم الخسائر المعلنة لهذه الشركة، حيث سفقد سوق الأسهم ما يربو على ستة مليارات كانت تتداول من أسهم هذه الشركة، ما يتسبب في ضغط على السوق، بجانب تأثر أداء المصارف المقرضة لهذه الشركة، وبالتالي الضغط على أداء القطاع البنكي والسوق ككل.
وأوضح الدكتور عبد الله باعشن - المحلل الاقتصادي - أن أسباب الخسائر التي أعلنتها الشركة أن هنالك مشاريع حصلت عليها الشركة تكلفتها أكبر من إيراداتها، إضافة إلى وجود ديون للغير "المستحقات الآجلة" في السوق، تنظر إليها الشركة كونها ديونا يصعب تحصيلها، بجانب خسائر ناتجة عن عملية التشغيل سواء أكانت بسبب الفوائد المصرفية من عمليات الاقتراض أو نتيجة لمصاريف التشغيل العالية مقابل الإيرادات المتدنية، مبينا أن هذه الأسباب في الغالب تدل على وجود خلل أو سوء إدارة، وعندما تكون الخسائر بهذا الحجم الذي يتعدى رأس المال، يعود ذلك من الناحية الاقتصادية إلى كفاءة الإدارة.
وتساءل باعشن عن سبب انتظار الشركة كل هذه الفترة حتى تصل إلى هذا الحجم الكبير من الخسائر، ولم تأخذ الاحتياطات اللازمة عندما دخلت المشاريع، فهذا دليل على أنها لم تدرس التكلفه قبل الدخول فيها، ولم تحتط من تبعات حجم المخاطرة في الديون.
وألمح باعشن إلى أن بعض الشركات فيما يخص مساءلة مستحقات ديونها المعلن عنها تحت بعض البنود قد تكون أرقاما وهمية، تظهر في القوائم المالية وهي ما يطلق عليها تجميل القوائم المالية لشركات، وهذا أمر مخالف.
وقال إن ما جرى للشركة يعاب في الدرجة الأولى على إدارتها لوجود قصور إداري من مجلس الإدارة، أو أن إحدى إداراتها العليا فاقدة الخبرة في التعامل مع المشاريع والسوق.
ولفت باعشن إلى أن ما يجري له ردة فعل سلبية على السوق ككل، فتبعات خسارة وإيقاف "المعجل" عن التداول، التي تحمل هذا الحجم من الخسائر، جعلها معرضة للخروج من السوق نهائيا بعد إيقاف تداولها المؤقت، إضافة إلى تعرضها لعملية تصفية حسب نظام الشركات، إذا لم يتم دعمها من المساهمين، ما يؤدي إلى الضغط على السوق نتيجة للخسائر التي تفتقدها السوق من القيمة السوقية للسوق المالية، التي تعد أكبر من الخسائر التي أعلنت عنها شركة المعجل أخيرا، فقيمة ما يتداول كان يصل إلى ستة مليارات ريال، وهذه الأموال خسرتها السوق، وستؤدي إلى ضغط على السوق والشركات التي مرت بحالات مشابهة.
ونوه بوجود انعكاس أكبر يتمثل في أداء القطاع المصرفي، الذي يتوقع أن يتأثر بعملية تعثر شركة المعجل أو أي شركة أخرى متداولة في السوق تمر بمثل هذه الظروف، بحكم أن الشركة لا تستطيع الإيفاء بالتزاماتها تجاه المصارف، وبالتالي ستعد المصارف هذه القروض التي أعطيت كتسهيلات مالية أحد أهم العوامل المؤثرة في نتائجها، الأمر الذي ينعكس على تداول قطاع المصارف.
وحول الحلول المتوقعة لإنقاذ الشركة، قال باعشن "ليس أمام الشركة للخروج من هذا المأزق - شريطة ألا يكون هناك أخطاء جنائية كاحتمال ورود حالات سرقة أو تجميل القوائم المالية؛ بمعنى ورود معلومات غير صحيحة أو وهمية - فإن الحلول الأولى في إعادة هيكلة الشركة بعد التأكد من مدى مقدرتها والإدارة فيها على النجاح المستقبلي، وهذا ما حصل في شركات عالمية كبرى".
من جهته، قال الدكتور علي التواتي، أستاذ المالية والاقتصاد الإقليمي، إن الشركات العائلية التي حولت في الآونة الأخيرة إلى شركات مساهمة اشتركت في حصولها على علاوة إصدار كبيرة مع تخصيص 30 في المائة للمساهمين، وعلاوة الإصدار كانت تذهب لجيوب المالك العائلية، مبينا أن هذه العلاوة قد تعادل أرباح العائلية لمدة عشر سنوات مقبلة على الأقل.
وبين أنه من الأمور التي لم تؤخذ بعين الاعتبار عند تحويل الشركات العائلية إلى شركة مساهمة، أن الـ 30 في المائة التي منحت للمساهمين، حولت الشركة بموجبها إلى شركة مساهمة، هي في الحقيقة أخرجت هذه الشركة من ذمة المالك العائلي إلى الشخصية الاعتبارية الجديدة للشركة.
وأضاف: إن هذا النظام الذي بموجبه حولت هذه الشركة العائلية لشركة مساهمة تطرح أسهمها للتداول في السوق، وبمجرد مرور الفترة الزمنية اللازمة لتداول أسهم ملاكها السابقين يلاحظ أن أكثرهم يعملون على البيع والخروج من الشركة، وبذلك يعززون مكاسبهم بعيدا عن مصلحة الشركة المساهمة، ويتمكنون من فرض إدارتهم على مجلس الإدارة وتعيين أبنائهم برواتب خيالية على حساب المساهمين، وعندها تعمل الشركة بشكل غير فاعل وغير كفء من الناحية الاقتصادية والبدء باتخاذ قرارات لم يكن يتخذها ملاكها عندما كانوا يملكون الشركة بالكامل، وبهذا تصبح قدرتهم على المخاطرة أعلى وتحميل الشركة ديونا أكثر، وبالتالي لا يكون هنالك حرص أو اهتمام من قبلهم بحجم تحميل هذه الشركة من ديون، لأنه بمجرد وقوع الشركة في مأزق الديون تسلم الشركة ويستقيل مديروها السابقون.
وقال التواتي إنه كان لا بد لهيئة سوق المال عندما تلاحظ أن الشركات بدأت تحمل نفسها مديونيات لم تكن تتحملها في السابق أثناء تطورها التاريخي كشركة عائلية، أن تتدخل للتعرف على المبررات، وضرورة كف يد من يملك الشركة بعد تحولها إلى شركة المساهمة، منوها بأن تكرار هذه الحالات سيؤدي إلى فقدان الثقة بالشركات العائلية المتحولة إلى مساهمة.
وتوقع التواتي أن تعلن الشركة إفلاسها إذا لم تستطع ذمتها المالية الوفاء بديونها، أو أن تستحوذ المصارف على الشركة لسداد مديونيتها وتعيد هيكلة إدارتها من جديد لتشغل الشركة لحسابها وهذا يتطلب وقتا أطول، مبينا أن المساهمين هم الخاسر الأكبر والاقتصاد الوطني من عملية التعثر لشركات.
في حين يرى عصام خليفة عضو جمعية الاقتصاد السعودي، أن ما تعرضت له الشركة أمر يدعو للاستغراب، فالشركة من الشركات القوية، وقد تكون لديها مبرراتها، قائلا" بصفة عامة ما تتعرض له الشركات، أن أكثرها حجم القروض لديها عال، إذ كانت الشركات لم تستطع تغطية التكاليف لتشغيله، وكلما تأخر السداد ترتفع المديونية".
وبين أن إعلان الإفلاس لن يكون بهذه السهولة ولكنها معرضة لذلك، بعد استنفاد الحلول الأولية ومنها تغيير مجلس الإدارة، وقد يدخلون في مشاريع أخرى، وقد يؤثر في العاملين فيها كالاستغناء موظفيها كأحد الأساليب المتخذة لتخفيض التكاليف الثابتة والمتحركة.
وأوضح أن الشركات المتعثرة يتوقع غالبا أن تحتاج إلى خمس سنوات لتصل إلى نقطة التعادل لتدخل في الأرباح.