يوم وداع مكتشف النجوم

ودعت مدينة جدة أمس قامة فنية أثرت الساحة السعودية بأعمال فنية خالدة وقدمت الكثير من الفنانين إلى دائرة الظهور، سامي إحسان الملحن الذي تزامنت انطلاقته مع انطلاق جيل الفنانين الكبار أمثال محمد عبده وطلال مداح أسلم الروح لبارئها فجر أمس إثر نوبة قلبية مفاجئة في منزله، وليعزف زملاؤه وأصدقاء الزمن الجميل لحن وداعه الأخير هذه المرة حين شيعوه في مقبرة الفيصيلة في جدة. وخلف الراحل وراءه مدرسة تاريخية ستحكي كفاح الرواد ونضالهم في ظهور الأغنية السعودية على الساحة العربية.
واستطاع إحسان أن يتفوق عن أقرانه من الموسيقيين في الدول العربية من خلال أعماله الفنية الخالدة التي جسدها موسيقيا والتي تغنى بها ألمع الأصوات العربية في الوسط الفني, كالفنانة الراحلة وردة الجزائرية وسميرة سعيد ورجاء بلمليح وأصالة نصري ومحمد عبده وعبادي الجوهر وغيرهم.
ومن أبرز الأغاني التي عرف بها من خلال ألحانه بالتعاون مع فنانين أغنية "مع التقدير" مع محمد عبده إضافة إلى "مالي ومال الناس" وكذلك أغنية "مرت" للفنان طلال مداح بجانب «ما على الدنيا عتب»، وله مع عبد المجيد عبد الله أعمال مميزة مثل: «سيد أهلي» و«واقف على بابك غريب» وقدرت أعمالة نحو 800 لحن فني سطرت بأصوات سعودية وعربية.
ولد سامي إحسان في مدينة جدة 1/7/1362هـ، وحصل على الشهادة المتوسطة، ومن ذلك الوقت بدأت تتضح ميوله الموسيقية التي داوم على صقلها بدراسته في المعهد العربي للتمثيل والموسيقى في دمشق أثناء عمله في السفارة السعودية هناك. وتقلد الراحل مناصب عملية عدة كانت بدايتها في بريد جدة ثم انتقل إلى العمل في وزارة الخارجية ومسؤولا عن قسم الرعايا في القنصلية السعودية في دمشق, ولكن شغفة للموسيقى جعله يتوجه للعمل في وزارة الإعلام بوظيفة مهندس للصوت وتلقى من خلالها الدروس الموسيقية على يد الموسيقي السوري الكبير مهران بلخيان الذي كان قائد القرفة الموسيقية في الإذاعة في السعودية إلى أن أصبح رئيسها، وفي أواسط السبعينيات الميلادية رشح لرئاسة القسم الموسيقي في فرع جمعية الثقافة والفنون التي كان عضوا مؤسسا فيها.
ومن اللافت أن شغفه بالموسيقى بدأ منذ الخمسينيات حيث كان يحمل عودة ليطوف على أعراس الحي وكان أول أجر حصل علية بمناسبة زواج في باب مكة وكان 15 ريال سعودي, واستطاع أن يكون شهرة واسعة في تلك الفترة, خاصة بعد تمكنه من العود وآلة الكمان التي برع فيها واستطاع بكل هذه الإمكانات والمعطيات تكوين أول فرقة غنائية تصاحب الفنانين في الأفراح والمناسبات.
وفي غياب المعاهد الموسيقية استطاع الراحل أن يكون مرجعا موسيقيا يحقق دورا بارزا في اكتشاف المواهب الغنائية, فقد كانت له نظرة ثاقبة في التنقيب عنهم وصقل مواهبهم ومن أبرز هذه الاكتشافات الفنان عبد المجيد عبد الله ومحمد عمر، وعبد الله رشاد، وعباس إبراهيم ونايف البدر وغيرهم.
ويعد إحسان أول ملحن سعودي قدم أغنية سعودية باللغة الإنجليزية وكانت في كندا في معرض أكسبو 86 بصوت عبد الله رشاد، وأول ملحن سعودي يضع موسيقى لنشرة الأخبار لإذاعة سعودية (البرنامج الثاني)، وأول ملحن سعودي يهتم بأغنية الطفل ويصدر ألبوما كاملا عن أهازيج الأطفال التراثية بشكل وصياغة جديدة كانت من كتابة إبراهيم خفاجي وسعود سالم والراحل عبد الرحمن حجازي، وأول ملحن سعودي لديه رصيد كبير من العلاقات الفنية العربية، وله العديد من الأعمال الموسيقية والغنائية، وأعمال موسيقى المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية، وشارك بتمثيل المملكة في جميع المهرجانات والأسابيع داخل وخارج المملكة.