لم تعد تريد القيادة!

تصفحت موقع وزارة النقل على الإنترنت لكيلا أكتب جزافا - وإن كانت طلة على الشارع قد تكفي! وجدت قليلا من المنجز مقارنة بما هو قيد الإنجاز، وليس بين هذا وذاك أي وجود لوسائل نقل عامة داخل المدن الكبرى. فالإنجاز في معيار الوزارة - كما يتضح من موقعها - يكاد ينحصر فقط في مزيد ومزيد من (السفلتة).
ما الذي يمنع مبدئيا وجود شبكة حافلات بأحدث المستويات، خصوصا داخل المدن الكبرى المكتظة. ربما المرأة لم تعد تريد أن تقود سيارتها من (قرف) الجدل حول الموضوع، والأكيد أنها لن تحتاج إلى السيارة أصلا إذا توافرت لها وسائل النقل العام كما يجب. فكثير من السعوديات المبتعثات لم يقدن السيارة في الخارج بسبب توافر (البديل) من وسائل النقل العام. لذلك نطرح السؤال مرة أخرى ومرارا وتكرارا: لماذا لا توجد لدينا وسائل نقل عام متنوعة داخل المدن؟
لماذا لا توجد حتى نية لبدء شبكات نقل عام داخل المدن من حافلات وقطارات؟ أو حتى حافلات فقط على الأقل!
ما سبب اضطرار الواحدة منا لصرف كثير من راتبها لمقيم (يمنّ) عليها وينهبها على أرضها؟!
والسؤال الآخر: بأي حق تفرض وزارة النقل على كل عائلة سعودية أن تستقدم سائقا بسبب عدم تغطيتها حاجات التنقل؟ أما العائلة التي لا تستقدم ذلك السائق فتضطر إلى التوجه إلى وزارة الصحة كي تصرف لها أدوية لخفض ضغط الدم!
مرة كنت في فصل دراسي للغة وسألتنا المعلمة مَن أهم شخص بالنسبة لك في السعودية؟ وأجابت كل واحدة فينا إجابة، إحداهن قالت ساخرة: السائق أهم شخص لي في السعودية!
من أكثر المشاهد استفزازا على الإطلاق حين أسمع أو أصادف واحدة منهن جادة في تحصيلها وعملها، حريصة على حضور مقابلة وظيفية ما أو محاضرة في الجامعة، وتتأخر أو ربما لا تتمكن من المجيء بسبب ''منّة'' وفوضى من السائق الذي اتفقت معه، وهذه القصص أراها وتحصل بكثرة. زميلتي تشكو من السائق الذي تتعامل معه، فهي تنتظره وأحيانا يتأخر عليها وحين يصل يقف بضع دقائق لو لم تخرج فيها لغادر وتركها! وحين أنبته مرة، طالبة منه الاتصال بها فور وصوله، رد عليها بأنه لا يتصل بالنساء!
ما الحل لهذا التراكم المتكلس والمعاناة الغريبة في تعطيل سبل النقل لقضاء احتياجات الحياة اليومية؟ مَن الذي صنع هذا المطب العائق أمامنا، وجعله يوميا ومعتادا غير قابل للتغيير؟
مسؤولية مَن؟
وهل حين أكتب هذه الكلمات ستصغي إليّ وزارة النقل، أم سيكون المقال متدثرا بين صفحات الجريدة منكبا على مكتب أحدهم تعلوه ملفات أخرى، وأكثر ما يدنو إليه قدح الشاي! أو لعلي أتفاءل بأن أحد منسوبي وزارة النقل الآن يقرأ فيخبرنا عن سبب وجيه لعدم وجود ما نتمنى.
كيف أقنع كلماتي أن (تقفز) من الجريدة إلى من وكل إليه الأمر في وزارة النقل فتنتقل انتقالا خاليا من (المايكروباص) لتقول بكل إلحاح: إننا في حاجة شديدة جدا ويومية إلى وسائل تنقل عام داخل المدن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي