إغراءات أستراليا ونيوزيلندا والبطالة تدفع أطباء بريطانيا للهجرة

إغراءات أستراليا ونيوزيلندا والبطالة تدفع أطباء بريطانيا للهجرة

تعاني دائرة الصحة الوطنية البريطانية من "هجرة الأدمغة" من الأطباء، حيث قام العديد من ممتهني الطب الذين يتم تدريبهم على حساب دافعي الضرائب باختيار متابعة مسيرتهم المهنية بالخارج، طبقا لبحث أجرته جريدة "فايننشيال تيمز". ويقوم معظمهم بالذهاب إلى أستراليا أو نيوزيلندا، وفق ما قالته المنظمات الطبية والوظيفية، ولكن البيانات تشير إلى أن الكثير منهم الآن يختار البقاء لمدة أطول أو الاستقرار الدائم في هذه البلاد.
من الصعب تعقب أعداد الأطباء الذين يغادرون ويعودون إلى المملكة المتحدة، نظرا لعدم قيام الحكومة أو هيئات الصناعة الطبية بتسجيل هذه المعلومات. ومع ذلك، فإن عدد شهادات الوضع الجيد- التي أصدرها المجلس الطبي العام في المملكة المتحدة بناء على طلب الأطباء التي تعد مهمة من أجل تولي وظيفة في بلد آخر- قد ارتفعت بصورة ثابتة منذ بدء عملية التسجيل في عام 2008. ومنذ ذلك الحين، فقد تقدم نحو ما يزيد على 8.000 شخص بطلبات للحصول على مثل هذه الشهادات من أجل السفر لأستراليا ونيوزيلندا وحدهم.
إضافة إلى ذلك، فإن عدد التأشيرات الدائمة الصادرة من أستراليا للأطباء المتدربين في المملكة المتحدة قد تضاعفت ثلاث مرات خلال الخمس سنوات الماضية، منها 645 تأشيرة قد تم إصدارها في الفترة بين 2010-2011، وفقا لبيانات الهجرة.
ولكن الإغراءات المتمثلة في أسلوب حياة أفضل وجو أفضل، جنبا إلى جنب مع زيادة في الراتب، وعدد ساعات عمل أقل وترتيبات فائقة لدراسة مهنية محترفة، ليست هي الأسباب الوحيدة وراء اختيار العديد للحياة في الخارج. ففشل العديد من الممرضين والأطباء الشباب في تأمين وظائف لهم داخل المملكة المتحدة يدفعهم للرحيل، لأنه يوجد أماكن شاغرة في كليات الطب أكثر من الوظائف المتاحة بجانب أنهم ليس لديهم خبرة كافية لممارسة الطب بصورة شخصية.
"خلال السنوات القليلة الماضية، شهدنا زيادة عامة في أعداد الأطباء وممتهني الطب في المملكة المتحدة، خصوصا الممرضات من إيرلندا، والأطباء من إنجلترا على وجه الخصوص للهجرة". وفق ما قاله السيد آلان بيل، من رابطة التوظيف الطبي في أستراليا ونيوزيلندا.
وخرجت هذه الأعداد الهائلة من منطلق أنهم لا يرون أمامهم الفرص التي يضطلعون إليها في المملكة المتحدة، وأيضا من منطلق التفكير الذي يقول بقضاء بضع سنوات في الخارج من أجل اكتساب الخبرة. ومع ذلك فبمجرد وصولهم هناك سيصبحون أكثر "تعلقا". ليست هناك بيانات خاصة، ولكن وفقا للأقاويل، لم نسمع بأن أعدادا كبيرة منهم قد رجعت.
وفقا لإحصائيات تقييم السيد بيل التي تم نشرها مع إحدى الدراسات في المجلة الطبية البريطانية في شهر كانون الثاني (يناير)، التي تقوم بتقصي أعداد الأطباء العاملين بالخارج، وكيفية إغرائهم للعودة. فقد كشفت هذه الإحصائيات والدراسات عن أنه يوجد ثلاثة فقط من كل عشرة أطباء مدربين الذين وصولوا إلى نيوزيلندا، كانت لديهم النية أصلا للهجرة بشكل دائم، ولكن ارتفع هذا الرقم أخيرا ليصل إلى تسعة أطباء من كل عشرة أطباء.
يشكو الأطباء في جميع المستويات من الخدمات الصحية الوطنية المفرطة في البيروقراطية، التي تفتقر إلى المراقبة والسيطرة. حيث ذكر الكثير وجود "ساعات عمل خيرية" بصورة مكثفة، والاستدعاء للعمل في أيام الإجازات، وهو الأمر الذي يعد بمثابة خرق للوائح ساعات العمل المنصوص عليها من قبل الاتحاد الأوروبي، إذا تم تسجيلها، ويقولون: إن ما يمنعهم من التقدم للسفر للخارج هو عائلاتهم وأصدقاؤهم فقط في المملكة المتحدة.
يقول توم دلفين، رئيس لجنة الجمعية الطبية البريطانية للأطباء المبتدئين: "إن واحدة من الأشياء التي تبقينا هنا، هو إيماننا بالقطاع الوطني الصحي"، وأضاف أنه كان على معرفة بالعديد من الأطباء المدربين الذين كانوا مصممين على السفر. مشيرا إلى أن "الكثير يشعر بالاضطهاد وسوء المعاملة جراء ساعات العمل الطويلة، وهناك إحساس أيضا أنه تم تقويض القطاع الوطني الصحي. وهذا يتسبب في تآكل هذا الإيمان ويجعل الأفراد أكثر رغبة في المغادرة".
في الفترة بين عامي 2008، و2011، تم إصدار نحو 17.000 شهادة من المجلس الطبي العام للأطباء في المملكة المتحدة المتقدمين لشغل وظائف في جميع أنحاء العالم، على الرغم من أنه لن يفوز كل منهم بوظيفة أجنبية، وربما يطلب الأفراد أكثر من شهادة واحدة.
البلاد الواقعة على الجزء المقابل من الكرة الأرضية هي الوجهة الأولى، ليس فقط لأن المؤهلات في المملكة المتحدة معترف بها حيث يجب إجراء العديد من الاختبارات من أجل العمل في الولايات المتحدة، ولكن من أجل الزيادة في الرواتب، وتحسين معدلات الضرائب وتكلفة معيشية ينتج عنها صفقة مالية أفضل بكثير، بالنسبة للعديد من منهم.
تقول الوكالات في أستراليا ونيوزيلندا: إنهم يرون موجة اهتمامات من قبل الأطباء الشباب المدربين في المملكة المتحدة، هذا الشهر، حيث يبدأ الأطباء المؤهلون حديثا في البحث عن العمل، ولكنهم مضطرون لتحويل الكثير منهم إلى الخارج. "لقد شهدنا زيادة هائلة في الطلبات من قبل أطباء المملكة المتحدة على جميع المستويات" وفق ما ذكره سام هازلدين، العضو المنتدب في التوظيف الطبي. وأضاف قائلا: يريد الكثير منهم القدوم في شهر آب (أغسطس) ونحن لا نجد أماكن شاغرة لكل من يريد القدوم"
وتوضح الأرقام الصادرة عن برنامج المؤسسة، مخطط التدريب ذا العامين الذي يعد بمثابة الجسر بين كلية الطب والممارسة المتخصصة، أنه في العام الماضي هناك 30 في المائة لم يتقدموا لشغل وظائف تخصصية في المملكة المتحدة عند نهاية التدريب المؤسسي.
واحد من كل عشرة من الأفواج الأصلية، يفضل شغل وظائف في الخارج بدلا من البقاء ومواجهة عملية المطاردة الطويلة من أجل اصطياد الوظائف في المملكة المتحدة.
يقول مايكل جولاكر، من جامعة أوكسفورد الذي قام بالبحث في المسارات الوظيفية للأطباء لما يقرب من 20 عام: إن عدم التطابق بين الأعداد الهائلة من الوظائف في كلية الطب وبين الوظائف المتاحة "كان وضعا فوضويا".
نحن نسمع من خلال الروايات المتناقلة بين المشاركين، أن كثيرا من زملائهم يفكرون في السفر في الخارج".
ويوضح بيل ماكميلان، رئيس قسم الرواتب الطبية والقوى العاملة في منظمة أصحاب العمل في القطاع الوطني الصحي "يوجد الآن ضعف عدد الأطباء الذين كانوا موجودين في التسعينيات، الذي يمكن أن ينتج عنه زيادة بسيطة في الأعداد المتجهة للخارج، ولكن النسب كانت متسقة بشكل ملحوظ خلال العقود الأخيرة".

الأكثر قراءة