مشروع برنارد لويس.. بعد وعد بلفور
حينما يهم الإنسان المسلم بالكتابة عن برنارد لويس، يود لو أنه يتوقف عن الكتابة، ويقفز من بين السطور، ويشبع هذا الوغد الأشر لكماً وضرباً كي يخرس شلال الحقد والكراهية الذي ينفثه صباح مساء ضد ديننا الإسلامي الأقوم.
هذا الرجل يتدحرج ككرة النار ويتجه نحو عالمنا الإسلامي داعياً الغرب إلى تدمير بلاد الإسلام بكل أسلحة الدمار الشامل، ومنادياً الغرب أن يعود ويستعمر العالم الإسلامي ويقضي على المسلمين في أي مكان فوق كوكب الأرض.
برنارد لويس ولد في لندن عام 1917، وهو العام نفسه الذي أصدر بلفور وزير خارجية بريطانيا العظمى وعده لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، ولويس مستشرق، بريطاني الأصل، يهودي الديانة، صهيوني الانتماء، أمريكي الجنسية، أي أن برنارد لويس جمع كل خصال الحقد ضد الإسلام، فعنده من كل أطياف وأشكال الحقد ضد الإسلام والمسلمين ما يكفي كي يكون شيطاناً من شياطين الأرض!
من الأطروحات التي ما فتئ برنارد لويس يرددها ضد الإسلام والمسلمين قوله إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُركوا لأنفسهم فسيفاجئون العالم الغربي المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات، ولذلك يرى لويس أن الحل السليم للتعامل مع دول العالم الإسلامي هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربتين البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان البريطانية والفرنسية، ويمضي لويس موجهاً تعليماته للإدارة الأمريكية بقوله: إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك إمّا أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قياداتهم الإسلامية - دون مجاملة ولا لين ولا هوادة - ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يرى لويس ضرورة تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها، وطالب لويس بتعزيز التحالف ضد الخطر الإيراني وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضاً، وضرب لويس المثل بما فعلته أمريكا مع الهنود الحمر في القارة الأمريكية الحمراء.
ولم يكتف لويس بالدعوة إلى تدمير الإسلام والمسلمين بل يتمادى في حقده ويقدم روشته إلى الغرب لتقطيع دول العالم الإسلامي، ومنها تفكيك دول المغرب العربي وإحلال دولة البربر محلها، وإلغاء كيانات دول الخليج وتأسيس دويلات طائفية شيعية وسنية محلها، وكذلك تقطيع العراق إلى ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية، ثم تقسيم سورية إلى دويلات عرقية وإلغاء الوجود الفلسطيني من الخريطة تماماً من أجل عيون إسرائيل، حتى لبنان المقسم الذي وقع فريسة تفتيت غربي سابق على يد سايس ورفيقه بيكو لم يسلم من تقسيمات لويس، فقد طرح لويس فكرة تقسيم لبنان إلى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية، وكذلك طال لويس إيران وأفغانستان وأوزبكستان وباكستان وفتتها إلى دويلات عرقية ومذهبية ودينية.
وفى إطار حربه على الإسلام أطلق لويس في عام 1990 مصطلح ''صراع الحضارات''، وقام الأكاديمي صامويل هانتجتون - مع الأسف - باستخدام المصطلح في كتاب أصدره بعنوان صدام الحضارات The Crash of Civilisations، لكن المملكة العربية السعودية من ناحيتها قدمت إلى المجتمع الدولى مشروعها الحضاري حوار الأديان والثقافات، وهو المشروع الذي ترد فيه المملكة على مشروع الصدام، وفى إطار هذا المشروع دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أهم الفعاليات في المجتمع الدولي إلى مؤتمر عالمي في الأمم المتحدة يدعو إلى الحوار بين الأديان والثقافات، ولقد حقق الحوار نجاحاً منقطع النظير، بل أكثر من هذا اتخذ خادم الحرمين الشريفين خطوة متقدمة باتجاه الحوار وأنشأ مركزاً دولياً للحوار الدائم، ومنافحة الإرهاب والدعوة إلى سلام وأمن واستقرار العالم، مؤكداً أن الإسلام يدعو دائماً إلى الاستقرار والسلام ونبذ الحروب بين دول العالم.
أقول إذا اختلف مشروع برنارد لويس عن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تسوقه إسرائيل، فإنه اختلاف في التكتيك وليس في الاستراتيجية!
إن المشروع الذي صممه برنارد لويس لتدمير دول العالم الإسلامي يجعلنا نطرح أمام القيادات الإسلامية في كل مكان من عالمنا الإسلامي سؤالاً ساخناً وقلقاً يقول: كيف نواجه هذا الشيطان الأشر، بل كيف نواجه أمثاله الذين بدأت أعدادهم تتزايد، وبدأ الكيان الصهيوني يوزعهم على أصحاب القرار في الدول الغربية؟
إن القضاء على هذا الكيان العدواني هو السبيل الأمثل لإخراس برنارد لويس وبلفور وسايس وبيكو وأمثالهم، وأمثال أمثالهم من الأوغاد والشياطين الخرس!