معين «ذهب» أنضب الإرهاب وسقى الأمن «حنكته»

معين «ذهب» أنضب الإرهاب وسقى الأمن «حنكته»

إذا جاء الحديث عن الأمير نايف بن عبد العزيز - يرحمه الله - نستذكر على الفور مواقفه من الإرهاب، التي سل تجاهها سيفه البتار في وجه كل من حاول النيل من أمن واستقرار الوطن، ولا سيما أن حربه على الإرهاب ومعتنقي الأفكار الضالة كانت محور اهتمامه وتحديدا دك حصون الجماعات الإرهابية في منابعها.
فالمتتبع لبدء شرارة الأعمال التخريبية للإرهاب منذ سنوات طويلة، يجد أن كفة الأمير نايف رجحت في انتصاره على هذه الفئة، وهو ما تؤكده الأرقام، إذ حصلت المملكة على مراكز متقدمة في حربها على الإرهاب، أو ما ذكره كبار زعماء العالم ومنهم على سبيل المثال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أكد نجاح المملكة في حربها على الإرهاب، وتأكيده أيضا على الاستفادة من تجربة السعودية في حرب عناصر الفئة الضالة وطرد فلولهم.
وكان ''الراحل'' حريصا على تجفيف منابع الإرهاب ومصادره وهو ما تؤكده أحاديثه في أغلبية المناسبات التي يرعاها، ومن ذلك قوله: ''ما زلت أكرر وأقول إذا لم يتحقق شيئان سيبقى هذا الأمر كما كان عليه، أولهما منبع ومصدر الإرهاب والتعاون الجدي في هذا الأمر، والثاني تقوية الطرح الفكري وتنقية الأذهان وإسكات من لديهم أفكار شاذة يدينون بالإسلام وهم يسيئون له ويأثمون في نفس الوقت''، داعيا الأمة العربية ممثلة في أهل العلم سواء أهل العلم الشرعي أو العلم الدنيوي ''إلى أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة وأن يقوم الإعلام بدوره في هذا المجال''، ووعد حينها العالم العربي بأن المملكة ستبدأ بنفسها في المعالجة الفكرية حيث قال ''هذا إن شاء الله ما سيتم في المملكة''. وهو ما تم بالفعل عبر لجان متخصصة وكراسي علمية متميزة تصدت بكل جدارة وعلمية للفكر الضال.
وأكد ولي العهد في كلمته آنذاك، أن الهدف من وراء ما تقوم به الفئة الضالة ومن يساندها هو ''الإساءة إلى أمن المملكة وزعزعة المجتمع السعودي''.
وقال متحديا الإرهابيين وبعزيمة الكبار ''إن هذين الأمرين لم ولن يتحققا مهما كان ومهما حصل.. إن الأمن لا يكفي لوحده لمحاربة هذه الآفة، والدولة لن تهزها بأي حال من الأحوال أعمال من هذا النوع''. وأضاف ''إن الأمن الآن هو الشغل الشاغل لجميع دول العالم، وإن منطقة الشرق الأوسط وآسيا مستهدفة بالعمليات الإرهابية، ونستطيع أن نتغلب على ذلك، فنحن في المملكة العربية السعودية لدينا تجربة كبيرة مع الإرهاب، وللأسف أن غالبيتهم من العرب والمسلمين ولكنهم يخالفون الإسلام تماما''.
وأضاف ''للأسف أنهم يستهدفون العالم الإسلامي والعالم العربي والمملكة بشكل خاص من خلال شباب غرر بهم وغسلت أدمغتهم ووضعت فيها أفكار إرهابية وتخريبية بزعمهم أنها ستوصلهم إلى الجنة''.
وأشار الأمير نايف حينها إلى أن المملكة تعرضت لنحو عشر عمليات إرهابية في حين أحبطت الأجهزة الأمنية السعودية نحو 220 محاولة إرهابية والقبض على من وراءها. وقال: ''إذا لم يتم تجفيف منابع الإرهاب في جميع دول العالم سيبقى الإرهاب مستمرا، ونتمنى أن يكون هناك اجتماع عالمي يشمل كل الدول المتضررة من الإرهاب بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي حتى يقلصوا من قواعد الإرهاب، ولذلك نحن فتحنا قنوات للتعاون الأمني مع جميع دول العالم.
ومن كلماته المشهودة عن الإرهاب قوله ''المدافع عن حق ليس إرهابيًّا والمحارب في مواجهة الظلم والباطل واغتصاب الحقوق ليس إرهابيًّا، الإرهاب في مفهومنا هو: صفة الفعل الخارج عن الشرع والقانون والمنتهك لحرمات الآخرين، وهو الفعل الشيطاني الذي لا يُقره دين ولا تؤيده الأعراف ولا القيم الإنسانية. فعل يهدف إلى الإضرار بالآخر؛ لأهداف ذاتية ضيقة أو لمفاهيم جاهلة منغلقة، كما أن الإرهاب عبر التاريخ البشري لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مرتبطًا بعقيدة أو جنسية أو وطن، فهو في كل مكان يبرز فيه الأشرار والحاقدون والجهلة ومرضى النفوس بصرف النظر عن عقائدهم أو أوطانهم''.
وعن أمن الخليج وموجهته لمعتقني الفكر الضال رد الفقيد بقوله: ''إن الأمن الخليجي شهد في السنوات الأخيرة تحديات مختلفة في دلالاتها متعددة في مصادرها وتصعب مواجهة خطرها بجهد مفرد أو مشترك محدود القدرة والتأثير''، مضيفا ''إن هذه التحديات أوجدت واقعا استوجب فهمه جيدا والتعامل معه بحكمة واقتدار وأولها كيفية المحافظة على ما توافر لدولنا الخليجية من أمن واستقرار وتطور وازدهار مقارنة بالأوضاع المتردية لبعض الدول التي فقدت أبسط مقومات الأمن والاستقرار''.
وأضاف ''إن قضية الاختراق الفكري لبعض أبناء مجتمعاتنا من أبرز المخاطر التي واجهت دول الخليج وتواجهها على الدوام''، مستطردا ''إن هذا الاختراق قاد إلى بروز ظاهرة غريبة على أبناء هذه المجتمعات وهي الضلال والخروج عن صف المسلمين، ما أدى في نهاية الأمر إلى ممارسة البعض منهم أعمالاً إرهابية سعوا بها إلى تقويض أمن مجتمعاتنا واستقرار دولنا''.
وقال إن هؤلاء اتخذوا من الإسلام غطاءً لأعمال لا تقرها العقيدة واستحلوا دماء الخلق دون حق، وسعوا في الأرض فسادا، الأمر الذي يجعلنا ندرك أهمية قوة التعاون وتوحد المواقف لمواجهة كل ما يمكن أن يعكر صفو أمننا بحزم وعزم وحسم.
ودعا الأمير نايف حينها إلى استمرار تطوير القدرات الخليجية الأمنية وتعزيز الجهود التنسيقية والخطط الاستراتيجية المتكاملة، منوها بضرورة العمل على دراسة التحديات المحيطة بالأمن الخليجي دراسة موضوعية متأنية والتعامل معها بطريقة احترافية تصاحبها دقة في التنفيذ وأمانة في المتابعة والتقويم وصولا إلى تحقيق توجهات القادة وتطلعات الشعوب تجاه المحافظة على المنجزات التنموية والمكتسبات الحضارية لدولنا الخليجية - على حد تعبيره.
وهنا يقول الفريق جون رايت مساعد مدير الشرطة البريطانية بعد اطلاعه في إحدى زياراته للمملكة على نشاط كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود في الرياض، إن الاستراتيجية الشاملة للمملكة في مواجهة الإرهاب ورؤية الأمير نايف في هذا المجال وخاصة مبادراته العلمية والبحثية بإنشاء مثل هذا الكرسي الفريد من نوعه دولياً، هي محل تقدير وإعجاب.
إلى أن قال ''ويلحظ أن ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية يقفون على رأس قائمة الدول الإسلامية الساعية إلى محاربة الإرهاب الذي لا يعبر عن دوافع إسلامية وإنما من منطلقات سياسية وعدوانية أفرزها الجهل بالإسلام دين السماحة والوسطية والحضارة، الذي جاء ليخرج العالم من الظلمات إلى النور لا ليعيدها إلى الظلمة وغياهب الديجور، فالإسلام دين علم وفكر وثقافة، وسلوكيات المسلم إذا انطلقت من فهم إسلامي صحيح فإنها تعكس قيمًا أخلاقية رفيعة يعزُّ نظيرها بين شعوب العالم، وعلى أي حال فإن الإرهاب والإسلام نقيضان، فالإسلام يدعو إلى الحوار والسماحة والأخذ بالحسنى.. وفي الوقت نفسه فهو ليس دين ضعف وذل ومهانة واستسلام''.

الأكثر قراءة