أخبار اقتصادية

250 مليار دولار متطلبات الاستثمار الخليجي في قطاع الطاقة

250 مليار دولار متطلبات الاستثمار الخليجي في قطاع الطاقة

أشارت إحصائيات المجلس العالمي للطاقة إلى أن العالم العربي سيكون مصدرا لنسبة 10 في المائة من الزيادة العالمية في إنتاج الطاقة خلال العقد القادم، في ظل تزايد الطلب على مياه الشرب، والنمو السكاني، والتحول باتجاه الاقتصاد الصناعي في دول المنطقة، وقال الخبراء إن الطلب المتزايد على الطاقة يتطلب أن تصل الاستثمارات في القطاع خلال السنوات الـ 15 القادمة إلى 200 مليار دولار تخصص لبناء محطات توليد جديدة، وتطوير المحطات القديمة وتزويدها بآخر التطورات التكنولوجية من أجل الاستفادة القصوى منها، كما أوضح تقرير صادر حديثا عن البنك الدولي أن دول العالم في حاجة إلى استثمار ثمانية تريليونات دولار على مدى الأعوام الـ 25 المقبلة لتلبية احتياجات الطاقة في البلدان النامية والمتوسطة الدخل. ووفقا لدراسة أعدها البنك الدولي، فإن دول الخليج العربي في حاجة إلى 100 ألف ميجاوات إضافية في السنوات العشر المقبلة، كما تحتاج إلى استثمار 250 مليار دولار في السنوات الـ 20 المقبلة للإيفاء بالطلب المتزايد على الطاقة. وأوضحت الدراسة حاجة الدول الخليجية لإشراك القطاع الخاص بصورة أكبر في تمويل مشاريع الطاقة، حيث إن مساهمة هذا القطاع طوال العقد الماضي لم تتجاوز 4 في المائة من إجمالي الاستثمارات في هذه المشاريع. وارتفع الطلب على الكهرباء في دول الخليج بنسبة 9 في المائة وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف الاستهلاك العالمي، وتراوح نسبة الارتفاع السنوي في استهلاك الطاقة بين 7 و 10 في المائة في دول الخليج، وتحتاج السعودية إلى ما يعادل ألفي ميجاوات إضافية سنويا، بينما تحتاج الإمارات إلى 1500 ميجاوات إضافية سنويا خلال السنوات العشر المقبلة للإيفاء بالطلب المتزايد على استهلاك الكهرباء. وقدر التقرير حجم الاستثمارات في قطاع توليد الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 45.6 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، وستستحوذ الإمارات والسعودية على معظم هذه المشاريع، حيث سيصل إجمالي الاستثمار في السعودية وحدها نحو 30 مليار دولار.وبينت الدراسة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتلك نحو57 في المائة من الاحتياطيات المثبتة من النفط، ونحو41 في المائة من موارد الغاز الطبيعي المثبتة على مستوى العالم، إلا أن هناك فجوات كبيرة بين البلدان الغنية بالموارد الطبيعية والبلدان المعتمدة على هذه الموارد. ويعتبر التقرير أن دول الخليج تأخرت في القيام بإصلاحات في قطاع الكهرباء، إذ لم يتجاوز إجمالي الاستثمارات في المشاريع التي شملت مشاركة القطاع الخاص خلال تسعينيات القرن الـ 20 نسبة 4 في المائة. وفي ضوء التحديات التي يشهدها قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والاستراتيجية الشاملة المعنية التي تعتمدها مجموعة البنك الدولي، فإن محور الإصلاحات الرئيسة في قطاع الطاقة في هذه المنطقة يجب أن ينصب في تحسين نظام الإدارة العامة والكفاءة. ويشمل برنامج الإصلاحات الرئيسة أولا: تشجيع كفاءة استخدام وقابلية استمرار موارد الطاقة، وثانيا المساعدة في تطبيق الإصلاحات القانونية والتنظيمية التي تفصل بين وضع السياسات واللوائح التنظيمية والعمليات. كما يشتمل ثالثا على المساعدة في إعادة هيكلة قطاع الكهرباء الذي يمكن- بحسب أوضاع البلد المعني وحجم نظام الطاقة الكهربائية فيه - أن يشمل تجزئة المرافق المدمجة إلى شركات منفصلة تضطلع بوظائف توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، وتأسيس شركات مستقلة في هذا المجال. ورابعا، المساعدة على تحسين مناخ الاستثمار العام لتمكين القطاع الخاص من الاستثمار في قطاع الطاقة، والمساعدة على تحسين إدارة وكفاءة جانب العرض. وعلى صعيد متصل، تقول دراسة مصرفية أعدها بيت التمويل الخليجي إن دول الخليج نجحت وبدرجات متفاوتة في جهودها لتحويل احتياطاتها النفطية إلى موارد مالية. فمن الواضح أن الإمارات تعتبر من التجارب الناجحة أيضاً بنموذجها في استخدام شركات النفط والغاز الأجنبية، وفي كل حالة من هذه الحالات كان المطلوب من أجل النجاح هو أما التمكن من القيام بالمهام المطلوبة ذاتياً أو النجاح في إسناد المعلومات المهمة إلى جهات خارجية. وتشمل هذه المهام إدارة الاحتياطات والمكامن النفطية، وإدارة المشاريع الضخمة والمعقدة جداً، والمهارات الهندسية المتخصصة، والقدرات التقنية المتقدمة في مجالات العمليات، والحصول على الرساميل اللازمة، وولوج الأسواق والاستفادة من القدرات التسويقية والحصول على تقنيات محددة. إلا أن الدراسة تؤكد أن التحدي الكبير القادم الذي يواجه البلدان المصدرة للنفط والغاز في المنطقة، يتجاوز مجرد تحويل احتياطاتها إلى موارد مالية حيث يتعلق بدخول دول المنطقة مرحلة النضوج الاقتصادي والتنمية المستدامة. وفي هذا الصدد فإن ما تحقق حتى الآن مازال غير متكامل، وبوجه عام فإن الدول المصدرة للنفط لم تنجح حتى الآن في صياغة نموذج التنمية الاقتصادية المستدامة وقد حدث هذا على مستوى العالم بأسره ولا يسري فقط على منطقة الخليج وحدها. وأفضل السبل للاستغلال الأمثل لإمكانات التطوير الاقتصادي للطاقة يتمثل في إيجاد الروابط بين قطاعات النفط والغاز وبقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، إذ إن حجم إنتاج وصادرات النفط والغاز من منطقة الخليج يمكنه دعم الأنشطة الاقتصادية الثانوية والتكميلية الضخمة والمتنوعة التي تكون مطلوبة عادة لمساندة حجم معين من إنتاج النفط والغاز، إذ تقوم صناعة النفط والغاز عادة بإسناد أعمال لجهات خارجية بشكل دوري ومعتاد في مختلف المجالات والقطاعات مثل الخدمات الفنية والآلات، وخدمات النقل، وعمليات المحاكاة والتصنيع، و صيانة الحقول النفطية، والخدمات القانونية والمالية المتخصصة و تمويل المشاريع وخطوط الأنابيب وأعمال التركيبات وعدد ضخم آخر من الخدمات المساندة. وهذا الوضع خلق بيئة خصبة للغاية بالنسبة لعدد ضخم من المؤسسات المختصة بتقديم هذه الخدمات. وتعد هذه الظاهرة هي الأساس لإنشاء مراكز رئيسة للطاقة في هيوستون وسنغافورة وكالجاري وستانجر وأبردين. وفي الوقت الحاضر لا يوجد مثل هذا النوع من المراكز الاقتصادية في منطقة الخليج على الرغم من أن المنطقة تنتج وتصدر كميات أكثر من النفط والغاز مما تنتجه وتصدره أي من المراكز الأخرى المذكورة أعلاه. وتمثل هذه فرصة عظيمة لنقل عملية التنمية الاقتصادية في دول المنطقة إلى المرحلة التالية، أي من مرحلة إجراء التحسينات الجوهرية في البنية التحتية إلى إيجاد وسائل ذاتية دائمة للنمو الاقتصادي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية