حتى لا يكون المراهقون زبائن لشركات التبغ

فئة الشباب والشابات مستهدفة بالدرجة الأولى من قِبل شركات التبغ التي تنفق مليارات الدولارات سنوياً لاصطياد مزيد من صغار السن، وهذا ليس حديثاً من غير مختص بشأن مكافحة التدخين، بل هو جزءٌ من حديث مطول لوزير الصحة ضمن كلمته في فعاليات اليوم العالمي لمكافحة التبغ المنعقد في الرياض تحت شعار ''شباب بلا تبغ''، ولعل أخطر ما كشف عنه وزير الصحة، أن تسويق التبغ والترويج لاستعماله يستهدف صغار السن ويغريهم باستخدام منتج خطير يقتل أكثر من 50 في المائة ممّن يدمنون تعاطيه، بل إن منظمة الصحة العالمية في موقعها الإلكتروني تشير إلى أن أكثر من خمسة ملايين شخص يموتون سنوياً بسبب التدخين.
أما لماذا تستهدف شركات التبغ المراهقين والمراهقات، فلأنهم زبائن المستقبل يتم كسبهم للأبد في سوق عالمية ضخمة يخرج منها سنويا خمسة ملايين مستهلك بسبب الوفاة بأمراض قاتلة ذات ارتباط مباشر بالتدخين، ولذا فإن هناك ضرورة لتجديد قائمة المستهلكين، وإضافة أرقام لهذه القائمة العالمية التي بات المراهقون والمراهقات ضمن أولوياتها وهو استهداف غير أخلاقي، وإن كان حتى اليوم لا يجد تشريعات تجعل منه غير قانوني، ومن هنا فإن مواجهة الخطط التسويقية لشركات التبغ هي خط الدفاع الأول عن الصحة العامة ولحماية الجيل القادم من الشباب والشابات وإنقاذهم من الأخطار المحدقة بهم.
ولأن الأرقام خير من يتحدث حول أي ظاهرة، فإن دراسة حديثة كشفت أن عدد المدخنين في المملكة بلغ أكثر من ستة ملايين بمعدل 35 في المائة من البالغين وأكثر من 40 في المائة من المراهقين والمراهقات، بل جاء ترتيب المملكة في استهلاك التبغ في المركز الـ 23 من حيث استهلاك الفرد للسجائر على المستوى العالمي والأخطر أن المملكة احتلت المركز التاسع من بين دول العالم في استيراد التبغ بمعدل 37 طنا وزادت الكمية عام 1426هـ، لتصبح 46 طناً بتكلفة تجاوزت 1.7 مليار ريال.
ولقد أحسنت أمانة منطقة الرياض صنعاً في تطبيق الغرامات المالية على المحال التي تبيع السجائر لمَن هم دون سن 18 عاماً استجابة لاقتراح مقدم من اللجنة الوطنية لمكافحة التدخين، وهذا القرار ينطبق على التبغ ومشتقاته كالسجائر والمعسل والشيشة وغيرها مما يندرج تحت بند مكافحة التدخين، وتم وضع رقم موحد للإبلاغ عن المخالفات التي ترتكبها المحال التجارية ببيع التبغ ومشتقاته لصغار السن، وهو توجه سبقه منع التدخين في الأماكن العامة، ومنها المطارات وفرض غرامات على ذلك، مع منع الإعلان المباشر وغير المباشر للتبغ وتنفيذ خطة استراتيجية وبرنامج وطني شامل لمكافحة التبغ، ورغم أهمية هذه الخطة، وخصوصاً في جانبها الوقائي والتوعوي، فإن القرار للشخص المدخن أياً كان عمره أو جنسه هو الخطوة الأولى في الانسحاب من عالم التدخين والخروج إلى غير رجعة من معسكر يحرق النيكوتين في الأجساد الغضة ويطفئ جمرته المحرقة بين شفاه المراهقين والمراهقات.
ومن المؤكد أن معظم المدخنين زبائن جاهزون لارتياد العيادات الطبية بحثاً عن العلاج، وهذا ما دفع ببعض الأطباء في بعض الدول الأوروبية إلى المناداة بحرمان المدخنين غير الجادين في الإقلاع عن التدخين من الخدمات الطبية مع استثناء خاص لحالات الطوارئ فقط، مستندين في ذلك إلى أن هناك إهمالاً متعمداً من قِبل بعض المرضى في المحافظة على صحتهم العامة، يقابله ندرة في الموارد والأدوية والقدرة الاستيعابية للمستشفيات، ومع أن هناك مَن يرفض هذه الفكرة لأنها حرمان للمريض من العلاج، إلا أن مبرراتها غير كافية حالياً، وقد تكون مستقبلاً من وسائل المكافحة لظاهرة تحيط بالصغار والكبار أيضاً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي