Author

استعينوا بصديق

|
عندما بلغ ماجد عبد الله التاسعة عشرة من عمره، كان بحوزته ثلاثة ألقاب ضمن هدّافي الدوري السعودي، حقّق باكورتها في أول تمثيل حقيقي له مع فريقه النصر وعمره لم يتجاوز السابعة عشرة. قريبٌ من ذلك، كان فهد المهلل نجم الشباب، يحقّق هدّاف الدوري السعودي وهو يختم عقده الثاني، وبعد عام من عيد ميلاده العشرين كان سامي الجابر أيضاً يحقّق لقب الهدّاف في أول دوري يعود فيه اللاعب الأجنبي للملاعب السعودية. وقبل بلوغه الثامنة عشرة، كان محيسن الجمعان عنصراً أساسياً في منتخب بلاده، يقوده للانتصارات، وتحسب له الفرق ألف حساب، وفي الهلال كان الظاهرة يوسف الثنيان يجندل الخصوم وعامٌ تبقى على تمامه العشرين، وقبل العشرين بعامين كان آخر النجوم المحترمين محمد نور يجد له مكاناً ثابتاً ومؤثراً وسط كوكبة الاتحاديين، وآخر الأمثلة محمد الشلهوب قائد الهلال في الموسم المقبل، وأيقونته المحبوبة. على المستوى العالمي، سجّل بيليه هدفه الدولي الأول في شباك الأرجنتين قبل أن يبلغ السابعة عشرة من عمره بتسعين يوماً ومن يومها لم يعد لمقاعد البدلاء أبداً حتى اعتزل، وعندما سجّل المهاجم المعجزة رونالدو هدفه رقم 20 في الدوري الهولندي تحت ألوان إيندهوفن، كان للتو قد أكمل عامه التاسع عشر، وفي أول ظهور له بقميص برشلونة عام 2003 ضدّ بورتو البرتغالي بقيادة مورينيو كان ميسي قد تجاوز السادسة عشرة بأيام. ما مضى تذكيرٌ بنجوم تركوا خلفهم بصمات لا يمحوها الزمن، منهم مَن اعتزل ومنهم مَن ينتظر، عرفوا طريق النجومية مبكراً، اهتزت الأضواء بظهورهم وما اهتزوا في مسيرتهم، أعطوا وكتبوا وبقوا في أذهان الناس مضرب مثل. في الموسم السعودي المنصرم للتو، كم نجماً خرّجَت الفرق المحلية يمكن أن يُشار إليه بالبنان ويُقال عنه الفلتة القادمة، في عمر يماثل الأسماء المحلية أعلاه عندما شقت طريقها للنجومية؟ وما الأسباب المساهمة في غياب هذه النماذج؟ أظن، والعلم عند الله، أن سباق الفرق نحو مكاسب في وقت قصير، من جرّاء ضغوط جماهيرية وإعلامية، منعها من التفكير في الإنتاج المحلي، وحوّلها إلى المستورد، الذي يكفل السرعة في الإنجاز، وإن زادت التكلفة، وأستثني الأهلي في السنوات الأخيرة، فمحليوه القادمون يبشرون بخير كثير، إضافة إلى ذلك أعتقد أن ممارسة كرة القدم لم تعد تستهوي سكان المدن الرئيسة الكبيرة، لأسباب أبرزها توافر بدائل ترفيهية لا تشترط الإرهاق البدني الموجود في كرة قدم الحارات. ما الحل إذاً، والحال هي الحال منذ سنوات، فلا الأندية الكبيرة قادرة على "تصبير" جماهيرها حتى تنضج خططها بعيدة المدى، ولا الجماهير قادرة على الصبر والاقتناع بمثل هذه الرؤى البعيدة. الحل، في نظري، أن تبحث الأندية عن صديق ينفذ المهمة بالوكالة، وهي طريقة يعمل بها في أوروبا والبرازيل والأرجنتين ومصر وتونس، تتمثل في اتفاقيات تعاون مشترك بين الأندية الكبيرة، والريفية الصغيرة، يتم فيها تبادل المنافع، كل يعطي الآخر ما يحتاج إليه، الأخيرة تحتاج إلى المال والتجهيزات الحاضنة للمواهب المتوافرة لديها، والكبيرة تحتاج إلى المواهب، ولا ينقصها المال. الفكرة ليست صعبة المنال، زيارة واحدة لمناطق مثل وادي الدواسر، الأحساء وقُراها، الشمال ومدنه الصغيرة المتعدّدة تكشف أن الموهبة موجودة متاحة لمَن أراد استثمارها.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها