Author

برامج التشغيل والصيانة إلى أين ستقود منجزاتنا؟!

|
لا تخطئ العين المشاريع التي يتم تنفيذها في المملكة، مشاريع البناء والمواصلات، فضلا عن إنشاء مبان خدمية في مجالات الصحة والتعليم وغيرهما، والجميل في الأمر أن هذه الثورة التنموية تستهدف المواطن ورفاهيته، بل كثير من المشاريع التي تعتبر من مشاريع البنى التحتية دخلت الخدمة، وهناك الكثير مما ينتظر أن يتم إنجازها تباعا. اليوم المملكة تخصص البلايين من الريالات عند تنفيذ هذه المشاريع لتكون على أعلى المواصفات، وأن تكون بمستوى راق وحضاري، وهو ما يتطلب شركات ومؤسسات تدرك التعامل مع هذه الجودة ولديها الخبرة والمهارة والدراية العلمية، وإلا فإنها ستكون معول هدم لقصر عمرها وتشويهها. هذا يقودنا للحديث عن الشركات المتخصصة في مجال الصيانة والتشغيل، هل هي بمستوى التحدي؟ وبمستوى تقديم خدمات راقية وكبيرة بداية من المحافظة على مثل هذه المنجزات التنموية بصيانتها وتشغيلها التشغيل الأمثل، وانتهاء بما ينعكس على المواطن الذي يتأثر سلبا أو إيجابا بخدماتها وجودة عملها وأدائها. مع الأسف أن معظم الشركات الموجودة في سوق الصيانة والتشغيل ذات مستوى متوسط وإذا صح التعبير ضعيف، ويعتبر أغلبها نتاجا وإفرازا طبيعيا لنظام المنافسات الحكومية الذي من أهم أولوياته أن يفوز بالعطاء ـــ المشروع ــــ الشركة التي تقدم أقل سعر، وتبعا لهذا فإن الشركة عندما تتسلم المشروع، تسعى جاهدة لتوفير مصاريفها، بل حذف بعض أوجه الصرف لتوفير المكاسب المالية من العطاء الذي رسا عليها، فهي عموما تسعى إلى رفع أرباحها وتغطية عجزها، ولتحقيق هذه الغاية تسلك عدة إجراءات، منها اختصار في أعداد العمالة، كذلك اختيار عمالة غير مدربة وغير كفؤة وغير متخصصة لتدني رواتبها، وتقوم بشراء المنتجات الأقل جودة ليكون ثمنها أرخص، وتدخل مثل هذه الشركات في سعي واضح لكسب الوقت والمال، وهي لا تستخدم أنظمة الكمبيوتر أو البرامج الإلكترونية أو غيرها سواء في المراقبة والمتابعة أو حتى في الصيانة أو الصيانة الوقائية، وبالتالي هي تفتقر حتى للتواصل والاتصال الجيد مع المنشأة التي أرست المشروع عليها، ولذلك إذا طلب منها أي خدمة أو إصلاح أو تنفيذ أو تنظيف أو أي مهمة في نطاق عملها، يكون التحرك بطيئا جدا، ولا يذهب فنيوها للموقع إلا بعد عشرات الاتصالات التي تصل للرجاءات، وكأن الموضوع تفضل منهم وليس واجبا، وبعد تقديم الخدمة تفاجأ بتدني مستواها إما أن الخلل قد عاد، أو لم يتم إصلاحه بشكل صحيح، أو أنه تم تركيب قطع غيار غير أصلية سببت مشكلة أكبر في أجهزة ومعدات ومباني كلفت الدولة الملايين من الريالات. أغلب الوزارات والمؤسسات الحكومية لديها إدارات للتشغيل أو الصيانة أو الخدمات المساندة، ولكنها في الأغلب لا تملك القدرات الفنية من مهندسين سعوديين، وتحاول كل شهر عند تقييم الشركة أو المؤسسة البحث عن الحلول والمخارج التوفيقية حتى ـــ لا يزعلوا ـــ ويضايقوا الشركة.. ناهيك عن بعض المصالح المشتركة ما بين تلك الشركات وبعض الموظفين، وفي نهاية المطاف فإن الرد المتوقع في حالة الضغط أن هذه الشركة ضعيفة؛ لأنها فازت بالعطاء الأقل وندخل في دوامة من إضراب العمال ومسلسل التقصير والخصومات، وكل هذا على حساب مشاريع البنية التحتية التي صرفناها عليها وانتظرناها طويلا. إذا استمررنا في طرح منافسات التشغيل والصيانة بهذه الطريقة مع ضعف الرقابة والإشراف والتأكيد على عملية جودة الصيانة والتشغيل، وترك الجمل بما حمل لدى هذه الشركات، فستكون العواقب وخيمة على هذه المنجزات، وسنجدها تهرم قبل أوانها، وأقترح في ظل الطلب على مشاريع التشغيل والصيانة وحماية للمنجزات أن تؤسس هيئة عامة للإشراف على برامج المشاريع والصيانة على مستوى المملكة، وأن تكون أيضا مسؤولة عن وضع المواصفات ومتابعة التعديلات عليها وطرح المنافسات وتحليلها والإشراف على إقامة معاهد لتوطين القوى البشرية للتأهيل لبرامج ومشاريع التشغيل والصيانة.
إنشرها