شطب نصف الديون.. «نصف» نجاح في الأزمة اليونانية
أعلنت اليونان أن 85.7 في المائة من مالكي سندات خزانتها من القطاع الخاص قد وافقوا على شطب أكثر من نصف الديون اليونانية وعلى مبادلة الباقي بسندات خزانة جديدة، وأن هذه النسبة سترتفع لنصل إلى 95.7 في المائة مع تطبيق القانون المتعلق بإجبار الدائنين على شطب نصف ديونهم الذي صوت عليه البرلمان اليوناني أخيرا.
وبلغة الأرقام هذا يعني أن اليونان قد تمكنت من إعادة جدولة 177 مليار يورو من ديون القطاع الخاص والبالغة 206 مليارات يورو. منها 18 مليار يورو لم تطرح بعد مسألة إعادة جدولتها لأنها لا تخضع للقانون اليوناني وتنتهي المهلة التي حددتها اليونان للتفاوض مع مالكي هذه الديون في 23 من الشهر الجاري ولا قدرة لأثينا على إجبار مالكي سندات الخزانة هؤلاء على شطب نصف ديونهم أو إعادة جدولتها.
وهذا يعني أن أكبر عملية في التاريخ لشطب الديون قد حققت نصف نجاح وذلك على الرغم من ترحيب العواصم العالمية والأوروبية وصندوق النقد الدولي.
فإعادة جدولة الديون اليونانية التي تمت مساء أمس الأول طوعيا سترفع سيف ديموقريطس مؤقتا عن رقبة أثينا لمدة سنة على الأقل ولمدة سنتين على أبعد تقدير، من ناحية ولأن تجنيب اليونان الإفلاس قبل الـ 20 من الشهر الجاري طوعيا، لا يعني أن قسما من الدائنين قد وافق وهناك معركة قانونية خاصة أن صناديق التحوط ترفض أن تخسر جزءا من سندات الخزانة اليونانية من ناحية ثانية.
وإذا تنفست أثينا الصعداء على الأقل خلال الأشهر المقبلة فهذا لا يعني أن أزمة الديون اليونانية قد انتهت. ونصف الفشل يكمن بأن خطة الإنقاذ الثانية التي سيقدم الاتحاد الأوروبي بموجبها مساعدات بـ 130 مليار يورو لأثينا على أبعد حد يوم الإثنين المقبل، كانت تقتضي الحصول على موافقة 95 في المائة من مالكي سندات الخزانة اليونانية طوعا أمس الأول، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن.
كما أن نجاح خطة الإنقاذ الثانية يقتضي تخفيض نسبة ديون اليونان من الناتج الداخلي الخام إلى 120 في المائة من العام 2020.
ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين ومنهم جاك كاييو من مصرف آر بي سي أن اليونان لن تتمكن من الإقدام على هذه الخطة المبنية على التوقعات الاقتصادية لخبراء الترويكا، أي صندوق النقد الدولي، الاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي للمرحلة المقبلة، فبينما توقعت الترويكا أن يكون الركود الاقتصادي في اليونان العام الماضي في حدود 2.6 في المائة جاء في حدود الـ 6 في المائة.
وبينما يتوقع خبراء الترويكا أن يكون النمو الاقتصادي في المستقبل اعتبارا من عام 2015 بنسبة 4 في المائة فإن بعض الخبراء الاقتصاديين يتوقع أن تكون هذه النسبة 2.5 في المائة، كما يشكك هؤلاء بصحة توقعات خبراء الترويكا المتعلقة بالميزان التجاري لتلك الفترة.
وهذا يعني أن اليونان قد تجد أن ديونها في عام 2020 نسبة إلى ناتجها الداخلي الخام قد تصل إلى ما هي عليه قبل تنفيذ خطة الإنقاذ الثانية، فخطة المساعدات الثانية في أمس الأحوال يفترض أن تسمح لأثينا بسد احتياجاتها حتى نهاية عام 2014.
وهذا يعني بالنسبة لايونانيس سوكو من مصرف بي إن بي باريبا أن اليونان ستكون في عام 2015 مضطرة إما لإعادة جدولة ديونها من جديد أو الحصول على خطة مساعدات جديدة أو اللجوء إلى الأسواق.
ويقول سوكسو إنه لا يوجد محلل اقتصادي واحد يعرب عن اعتقاده أن أثينا ستكون قادرة على الاستدانة من الأسواق في عام 2015.
وبالنسبة له فإن الاحتمالين الأولين هما الباقيان، وهذا يعني أن الديون اليونانية ستنتقل من القطاع الخاص إلى القطاع العام أي من المصارف الخاصة إلى صندوق الاستقرار الأوروبي، حيث ستبلغ ديون أثينا لهذا الصندوق في عام 2015 نحو 167 مليار يورو وستبلغ دونها للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي 62 مليار يورو، ولن يبقى للقطاع الخاص سوى 62 مليار يورو أي 18 في المائة من نسبة الديون اليونانية.
وخطة الإنقاذ الثانية تعني أن نسبة الديون لدى القطاع العام ستنتقل من 36 في المائة اليوم إلى 85 في المائة في عام 2015، وهذا يهدد المواطنين في منطقة اليورو أي أن دول منطقة اليورو التي ستتحمل أعباء إعلان أثينا لاحقا.
من جهته، قال ايفانجيلوس فينيزيلوس وزير المالية اليوناني أمس إن عرض مبادلة السندات لتخفيف عبء الدين على البلاد كان ناجحا للغاية بعد أن حصل العرض على نسبة قبول كبيرة من جانب الدائنين من القطاع الخاص وجنب البلاد خطرا فوريا يتمثل في التخلف عن السداد.
وأكد وزير المالية أمام البرلمان في أول تصريحات رسمية له منذ صدور النتائج الرسمية للعرض أن ''مبادلة الدين حققت نجاحا ساحقا''.
من ناحية أخرى، قال مسؤول بارز بوزارة المالية اليونانية إن اليونان تتوقع الحصول على الدفعة الأولى من خطة إنقاذ جديدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي قريبا بعد أن يوقع وزراء مالية منطقة اليورو الاتفاق الأسبوع المقبل.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته للصحافيين إن ''الدفعة الأولى من القروض الجديدة ستصرف بعد أيام من اجتماع مجموعة اليورو... التي ستقر الاتفاق الجديد''. ويتعين على اليونان سداد قيمة سندات تستحق يوم 20 آذار (مارس) الجاري.